كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
المقدمة:
- الكبائر هي تلك الذنوب المهلكة، التي ضَمِن الله لمَن اجتنبها في الدنيا، الجنة في الآخرة: قال -تعالى-: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا) (النساء: 31).
- اللواط كبيرة من أعظم الذنوب، تغضب الرب على المربوب، ويحل بها البلاء ومدلهمات الخطوب: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَعَنَ اللهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، لَعَنَ اللهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ) وكررها ثلاث مرات. (رواه أحمد وابن حبان، وقال الألباني: "حسن صحيح")، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
- اللواط... ذلكم الداء الذي عَذَّب الله به قوم لوط أشد العقوبة؛ لقبحه وعظيم خطره (ذكر مواضع من القرآن تلخص القصة): (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ) (الأعراف: 8)، (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ . وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم) (الشعراء: 165، 166)، (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) (النمل: 56)، (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) (العنكبوت: 30)، (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ . مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) (هود: 82-83).
- اللواط مخالفة للفطرة: قال الوليد بن عبد الملك: "لولا أن الله -عز وجل- قص علينا قصة قوم لوط في القرآن ما ظننتُ أن ذكرًا يعلو ذكرًا" (البداية والنهاية لابن كثير).
(1) خطر اللواط صحيًّا واجتماعيًّا وشرعيًّا:
- يتسبب اللواط في الإصابة بأمراض خطيرة: (مرض الإيدز - فساد أعضاء التناسل - التأثير على المخ - الرغبة عن النساء - التأثير على الأعصاب - مرض السويداء - الاضطراب النفسي - التيفود والدوسنتاريا - وغيرها).
- اللواط أوسع أسباب انتشار مرض الإيدز: أول اكتشاف لمرض الإيدز كان عام 1979م في مدينة نيويورك، كان في رجل يمارس اللواط، ونسبة المصابين بالإيدز بسبب الشذوذ الجنسي في العالم تزيد على 73 %.
- اللواط سبب في نزول النقم والبلايا في مجتمعات المسلمين: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَا مَعْشَرَ المهاجرينَ، خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ: لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ؛ حتى يُعْلِنُوا بها إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا…) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).
- اللواط سبب في نزول العقوبة الشرعية التي تقيمها الدولة المسلمة بصاحبه: (القتل على التفصيل الآتي).
(2) عقوبة مَن عمل اللواط، أو السحاق، أو أتى امرأة في دبرها:
حكم اللواط:
- اختلف العلماء في صفة قتله بعد الاتفاق على أنه يقتل: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، وأجمع الصحابة -رضي الله عنهم- على قتله.
- ذهب الشافعي وأحمد وطائفة إلى أنه يرجم بالحجارة حتى الموت؛ لأنه زنا وفجور.
- وذهب بعضهم إلى أنه يقتل بإلقائه من شاهق، ثم يُتبع بالحجارة؛ كما هي عقوبة قوم لوط.
حكم السحاق:
- قال ابن قدامة -رحمه الله-: "إذا تدالكت امرأتان فهما زانيتان ملعونتان؛ لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إِذَا أَتَتِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ؛ فَهُمَا زَانِيَتَانِ) (رواه البيهقي في السنن الكبرى، وضعفه الألباني)... وعليهما التعزير" .
حكم إتيان امرأة في دبرها:
- ملعون في الدنيا، مطرود في الآخرة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا) (رواه أبو داود، وحسنه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني). وقال فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا: (هِيَ اللُّوطِيَّةُ الصُّغْرَى) (رواه أحمد، وحسنه الألباني).
- وقال أصحاب أبي حنيفة: "إنه عندنا ولائط الذكر سواء في الحكم" (تفسير القرطبي).
خاتمة: هل لمن عمل هذه الفواحش توبة؟
- التوبة مقبولة من الكافر؛ فهي أولى في حق مرتكب اللواط: (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ) (الأنفال: 38)، وفي الحديث القدسي: (قَالَ اللَّهُ -تبارك وتعالى-: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
- ابتعد أيها التائب عن أماكن المعصية السابقة وأسبابها: قال العالم لقاتل المائة نفس: (انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا؛ فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ، فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ، وَلا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ؛ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ) (رواه البخاري ومسلم واللفظ له).
- أكثِر من زيارة القبور وتذكر الموتى، وتخيل نفسك وأنت في عدادهم، وقد فارقت الدنيا، وتركت لذاتها وشهواتها، وفني كل ذلك وبقي الإثم والعار: قال -تعالى-: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى? وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ) (يس: 12).
- الدعاء والالتجاء إلى الله -تعالى-، والانكسار أمام الخالق، وتذكر يوم الحساب، فإن في تذكر يوم الحساب، وتذكر الوقوف بين يدي الخالق الجبار رادع عن المعصية: قال -تعالى-: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) (آل عمران: 30).
فاللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وأحسن خاتمتنا في الأمور كلها.