الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 06 مايو 2025 - 8 ذو القعدة 1446هـ

الصالون الأدبي (مع عُقَاب العربية.. الأستاذ محمود محمد شاكر) (35)

كتبه/ ساري مراجع الصنقري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فيَتجدَّدُ اللِّقاءُ بالقُرّاءِ الأعِزّاءِ، ويواصلُ العُقابُ حكايتَه مع التَّذوقِ قائلًا: "وكلامي -خفتُ- يوشكُ أن يوهمَ أنّ "التَّذوقَ" عملٌ آخَرُ مستقلٌّ مِن أعمال هذه القدوة، مقصورٌ على استبانة دفائن الكلام الدالّة على آثار العواطف والنَّوازع والطَّبائع النّاشبة فيه، وعلى التقاط الملامح العالقة التي يمكن بالملاطفة أن تحسرَ اللثامَ عن بعض معارف ضمير مُنشئِها وصورتِه وهيئتِه.

وخفتُ أيضًا أن يظنَّ ظانٌّ أنّ هذا عملٌ آخَرُ هو غير عملها في استبانة صور المعاني القائمة التي كانت في نفس مُنشئِها، والتي هي في الحقيقة ما نُسمِّيه "البلاغة".

وخفتُ أيضًا أن يَتوهَّمَ مُتوهِّمٌ أنّ أحدَ العملَين ممكن أن يتم بمعزل عن العمل الآخَر.

ليس كُلُّ ذلك صحيحًا أو ممكنًا؛ لأنَّ صاحبَ "الإبانةِ" و"الاستبانةِ" واحدٌ غير قابل للتجزئة، وهو "القدرة على البيان"، ولأنّ طلبَ "الاستبانةِ" لجميع ما تطلبه في "الكلامِ" المُتلقَّى مِن خارجٍ مُتداخلٍ مُمتزجٍ في حيِّزٍ واحدٍ هو نفسُ "الكلامِ" المُتلقَّى مِن خارج، ولأنّ جميعَ ذلك حدثٌ واحدٌ متلازمٌ أيضًا في زمنٍ واحدٍ مُختطفٍ مُتلاحقٍ لا يمكن تثبيتُه أو تقسيمُه.

وإذًا فهو على التَّحقيقِ عملٌ واحدٌ خاطفٌ لا يتجزَّأ، وإنَّما نحن الذين نتولّى الفصلَ بين شيءٍ منه وشيءٍ بعد تمام العمل الواحد جميعه، على قدر ما عندنا مِن الرَّغبة وتوجيه العناية إلى إبراز شيءٍ منه دون شيء.

وأظنُّه صار قريبًا ممكنًا أن نتخطَّى كلامًا كثيرًا ونُفضي إلى نتيجةٍ مُوجزةٍ، هي أنَّ "التَّذوقَ" يقعُ وقوعًا واحدًا، في زمنٍ واحدٍ، على كُلِّ "كلامٍ"، بليغًا كان أو غيرَ بليغٍ، ثُمَّ يفصل عن "الكلامِ" ومعه خليطٌ "واحدٌ" ممزوجٌ متشابكٌ غيرُ مُتَميِّزٍ بعضُه مِن بعضٍ، وفي هذا الخليطِ أهمُّ عُنصرَين" (انتهى).

وإلى لقاءٍ قادمٍ -إن شاء الله-.

واللهُ المستعان.