الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 26 أبريل 2023 - 6 شوال 1444هـ

الكبائر (12) أذية الجيران (موعظة الأسبوع)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

- المقدمة:

- الكبائر هي تلك الذنوب المهلكة، التي ضمن الله لمن اجتنبها في الدنيا، الجنة في الآخرة، قال -تعالى-: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا) (النساء: 31).

- أذية الجيران من الكبائر العظام، والمنكرات الجسام؛ فقد ورد في ذلك التهديد الأكيد، والوعيد الشديد، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ) (رواه مسلم).

مكانة الجار في الإسلام:

- أوصى الإسلام بالجار، حتى قرن الله حق الجار بحقه -سبحانه-، فقال -تعالى-: (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي القُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) (النساء: 36)(1).

- جعل الإسلام الإحسان إلى الجار من علامات الإيمان والانتماء إلى الإسلام: قال النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ) (متفق عليه). وفي رواية لمسلم: (فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ)، قال القاضي عياض -رحمه الله تعالى-: "مَن التزم شرائع الإسلام؛ لزمه إكرام جاره".

- كاد الإسلام أن يشرع توريث الجار لجاره؛ لعظم مكانته وحقه: عن عائشة -رضي الله عنها-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي ‌يَشْبَعُ، ‌وجارُه جَائِعٌ) (رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني).

- الكرام يقومون بحق الجار حتى مع الكفار(2): عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أنه ذُبِحت له شاة في أهله، فلما جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودي؟ أهديتم لجارنا اليهودي؟، قلنا: لا، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (‌مَا ‌زَالَ ‌جِبْرِيلُ ‌يُوصِينِي ‌بِالْجَارِ، ‌حَتَّى ‌ظَنَنْتُ ‌أَنَّهُ ‌سَيُوَرِّثُهُ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

بل الكرام يتمدحون بحسن الجوار في كلِّ زمان، قال الشاعر الجاهلي:

مـا ضـرَّ جـاري إذ أُجــاوِره                  ألا يـكـونَ لـبـيــتِـه سِــتْــرُ

أعمى إذا ما جارَتي خَرَجَـت                  حـتى يُوَارِي جارتي الخِدْرُ

- ولذا جعل الإسلام الجار الصالح من أسباب السعادة، وجعل جار السوء من أسباب التعاسة والبلاء والنقمة: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَرْبَعٌ ‌مِنَ ‌السَّعَادَةِ: ‌الْمَرْأَةُ ‌الصَّالِحَةُ، ‌وَالْمَسْكَنُ ‌الْوَاسِعُ، ‌وَالْجَارُ ‌الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ، وَأَرْبَعٌ مِنَ الشَّقَاوَةِ: الْجَارُ السُّوءُ، وَالْمَرْأَةُ السُّوءُ، وَالْمَسْكَنُ الضِّيقُ، وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ) (رواه ابن حبان، وصححه الألباني).

تحريم إيذاء الجار، وعاقبة الجار المؤذي:

- شدد الإسلام على حرمة الجار وتحريم إيذائه، حتى علق درجة إيمان العبد وإسلامه على ذلك، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللَّهُ لا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ) قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: (الذي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ) (رواه البخاري)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (َمنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِ جَارَهُ) (متفق عليه).

- جعل الإسلام ذنب إيذاء الجار عشرة أضعاف إيذاء غيره: عن المِقْدَاد بن الأسود -رضي الله عنه- قال: سَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أصحابه عن الزِّنَى؟ قَالُوا: حرامٌ؛ حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. فَقَالَ: (لِأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرِ نِسْوَةٍ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ)، وَسَأَلَهُمْ عَنِ السرقة؟ قالوا: حرام؛ حرمه اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- وَرَسُولُهُ. فَقَالَ: (لِأَنْ يَسْرِقَ مِنْ عَشَرَةِ أَهْلِ أبياتٍ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ ‌أَنْ ‌يَسْرِقَ ‌مِنْ ‌بَيْتِ ‌جَارِهِ) (رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني).

- جعل الإسلام ذنب إيذاء الجار محبطًا للأعمال، وسببًا في دخول النار: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قِيلَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فُلاَنَةً تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ، وَتَفْعَلُ، وَتَصَّدَّقُ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ خَيْرَ فِيهَا، هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ)، قَالُوا: وَفُلاَنَةٌ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ، وَتَصَّدَّقُ بِأَثْوَارٍ، وَلاَ تُؤْذِي أَحَدًا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) (رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني)

وقفة مهمة: أشرُّ الجيران مَن اضطر جاره إلى هجرة بيته:

- فاعل ذلك مستحق للعن الناس ودعائهم، فضلًا عما تقدَّم من العقوبة في الإسلام: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَشْكُو جَارَهُ، فَقَالَ: (اذْهَبْ فَاصْبِرْ) فَأَتَاهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَقَالَ: (اذْهَبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَكَ فِي الطَّرِيقِ)، فَطَرَحَ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْعَنُونَهُ: فَعَلَ اللَّهُ بِهِ، وَفَعَلَ، وَفَعَلَ، فَجَاءَ إِلَيْهِ جَارُهُ فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ، لَا تَرَى مِنِّي شَيْئًا تَكْرَهُهُ. (رواه أبو داود، وقال الألباني: "حسن صحيح"). وقَالَ ثَوْبَانُ -رضي الله عنه-: "مَا مِنْ جَارٍ يَظْلِمُ جَارَهُ وَيَقْهَرُهُ، حَتَّى يَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَنْزِلِهِ، إِلَّا هَلَكَ" (رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني).

- ولأجل ذلك، كانت الخصومة بين الجيران مِن أول ما يُقضَى فيه يوم القيامة: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (أَوَّلُ خَصْمَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَارَانِ) (رواه أحمد، وحسنه الألباني).

وسائل تقوية حسن الجوار:

- بداية... اشكر الله على الجار الصالح: قال الله -تعالى-: (‌وَأَمَّا ‌بِنِعْمَةِ ‌رَبِّكَ ‌فَحَدِّثْ) (الضحى: 11).

- اصبر على أذى الجار، وأحسن إليه لعله ينصلح أو يرحل: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللهُ...)، ثم ذكر منهم: (... وَالرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الْجَارُ يُؤْذِيهِ جِوَارُهُ، فَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا مَوْتٌ أَوْ ظَعْنٌ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).

من صور الإحسان وتقوية حسن الجوار:

1- الإهداء إليه، والسؤال عنه، فإنه سبيل للمحبة والألفة: عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يَا أَبَا ذَرٍّ ‌إِذَا ‌طَبَخْتَ ‌مَرَقَةً ‌فَأَكْثِرْ ‌مَاءَهَا، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ) (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (‌تَهادُوا ‌تَحابُوا) (رواه البخاري في الأدب المفرد، وحسنه الألباني).

2- تنصره ظالمًا ومظلومًا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (انْصُرْ ‌أَخَاكَ ‌ظَالِمًا ‌أَوْ ‌مَظْلُومًا) فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: (تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ) (متفق عليه).

3- التصدق عليه إن كان فقيرًا؛ فهو أولى مِن البعيد: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَنْ تُدْخِلَ عَلَى أَخِيكَ الْمُسْلِمِ سُرُورًا، أَوْ تَقْضِيَ عَنْهُ دَيْنًا، ‌أَوْ ‌تُطْعِمَهُ ‌خُبْزًا) (رواه البيهقي، وحسنه الألباني).

4- التنازل عن بعض الحقوق النافعة له: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَمْنَعْ أَحَدُكُمْ جَارَهُ ‌أَنْ ‌يَغْرِزَ ‌خَشَبَةً ‌فِي ‌جِدَارِهِ) (متفق عليه).

5- دعوته إلى الخير، ونصحه للدين: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا ‌يُؤْمِنُ ‌عَبْدٌ ‌حَتَّى ‌يُحِبَّ ‌لِجَارِهِ -أَوْ قَالَ: لِأَخِيهِ- مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) (رواه مسلم).

خاتمة: تربية أهل البيت على الإحسان إلى الجار:

- يجب تربية أهل البيت من زوجة وولد على تعظيم حق الجار، فإن الأذية قد لا تصدر من الرجل لجاره، ولكن من زوجه أو ولده: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ) (رواه مسلم).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجيران ثلاثة: جار له حق واحد، وهو أدنى الجيران حقًّا، وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق؛ فأما الذي له حق واحد: فجار مشرك لا رَحِم له، فله حق الجوار. وأما الذي له حقان: فجار مسلم له حق الإسلام، وحق الجوار. وأما الذي له ثلاثة حقوق: فجار مسلم ذو رحم، له حق الإسلام وحق الجوار، وحق الرحم. وكلما كان الجار أقرب بابًا كان آكد حقًّا؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: (إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا) (رواه البخاري). والحكمة في ذلك: أن الأقرب بابًا يرى ما يدخل بيت جاره من هدية وغيرها، فيتشوف إليها، بخلاف الأبعد.

(2) فائدة مهمة لمَن أراد الزيادة: كيف تُعامل جارك إذا كان عاصيًا لله؟

قال الذهبي في (حق الجار، ص 46 - 49): "وإذا كان الجار صاحب كبيرة، فلا يخلو:

- إما أن يكون متستِّرًا بها، ويغلق بابه عليه، فليعرض عنه ويتغافل عنه، وإن أمكن أن ينصحه في السر ويعظه، فحسَنٌ.

- وإن كان متظاهرًا بفِسقه؛ مثل: مكَّاس -وهو جابي الضرائب- أو مُرابٍ، فتَهجره هجرًا جميلًا.

- وإن كان تاركًا للصلاة في كثير من الأوقات، فمُره بالمعروف، وانْهَه عن المنكر مرة بعد مرة، وإلا فاهجره في الله، ولعله أن يرعوي ويحصل له انتفاع بالهجرة، من غير أن تقطع عنه كلامك وسلامك وهديتك.

- فإن رأيته متمردًا عاتيًا بعيدًا عن الخير، فأعرِض عنه واجتهد أن تتحول من جواره، فقد تقدَّم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تعوذ من جار السوء في دار الإقامة.

- فإن كان جارك دَيُّوثًا، أو قليل الغَيرة، أو حريمه على غير الطريق المستقيم؛ فتحوَّل عنه، أو فاجتهد ألا يُؤذوا زوجتك؛ فإن في ذلك فسادًا كثيرًا، وخَف على نفسك المسكينة، ولا تدخل منزله، واقطع الود بكل ممكن.

- فإن كان جارك رافضيًّا أو صاحب بدعة كبيرة، فإن قدرتَ على تعليمه وهدايته، فاجتهد، وإن عجزت، فانجمع عنه ولا تواده ولا تصافه، ولا تكن له مصادقًا ولا معاشرًا، والتحول عنه أَوْلى.

- فإن كان جارك يهوديًّا أو نصرانيًّا في الدار أو السوق أو البستان، فجاوره بالمعروف ولا تؤذه.

 " فيجوز زيارته في مرضه، أما عند الموت فلا يُعزي فيه؛ لحديث علي -رضي الله عنه- لما مات أبو طالب، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌اذْهَبْ ‌فَوَارِهِ) (رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني)، فلم يعزه.

- فأما مَن جعَل إجابة دعوتهم دَيْدنه، وعاشرهم وباسطهم، ومِن ذلك زيارتهم في الأعياد وتهنئتهم بها، فلا يجوز؛ لأن فيها إقرارًا ضمنيًّا على ما أصاب دينهم من تحريف وأعيادهم -كما لا يخفى-، فمَن فعَل ذلك فإن إيمانه يرقُّ، وقد قال -تعالى-: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (المجادلة: 22).

- فإن انضاف إلى جواره كونه مِن قرابتك أو ذا رحمك؛ فهذا حقه آكَدُ.

- وكذا إن كان أحد أبويك ذميًّا، فإن للأبوين وللرحم حقًّا فوق حقوق الجوار؛ فأعطِ كلَّ ذي حق حقَّه.

- وكذا رد السلام، فلا تبدأ أحدًا من هؤلاء -اليهود والنصارى- بالسلام أصلًا، وإذا سلَّم أحدٌ منهم عليك، فقل: وعليكم، أما كيف أصبحت؟ وكيف أمسيت؟ فهذا لا بأس به، وأن تقول بغير إسراف ولا مبالغة في الرد؛ قال -تعالى-: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) (المائدة: 54).

فالمؤمن يتواضع للمؤمنين ويتذلَّل لهم، ويتعزز على الكافرين ولا يتضاءل لهم؛ تعظيمًا لحُرمة الإسلام وإعزازًا للدِّين، من غير أن يؤذيهم ولا يودهم كما يود المسلم".