كتبه/ علاء بكر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
ففي اليوم التالي لتنفيذ العملية الأولى في ميناء إيلات وتدمير السفينتين التجاريتين الإسرائيليتين (هيدروما) و(داليا)، كانت الصحف المصرية والعربية والعالمية تشيد بهذه العملية البحرية الانتحارية الجريئة التي قامت بها القوات المصرية خلف خطوط العدو الإسرائيلي، والخسائر الجسيمة التي أَوْقَعَتْها بالعدو؛ مما كان له أكبر الأثر في رفع الروح المعنوية للقوات المصرية والعربية. وقد استمع أفراد المجموعة المنفذة للعملية -وهم في شوارع عمان في اليوم التالي- إلى تعليقات الشعب الأردني المعبرة عن فرحتهم وفخرهم بتنفيذ العملية.
- عند التخطيط لعودة أفراد العملية إلى القاهرة بعد تنفيذها، كانت هناك مخاوف من أن تجبر إسرائيل طائرة الطيران الأردني التي سيركبها أفراد العملية على النزول إن عَلِمَ الإسرائيليون بهوية أفراد العملية أو هوية أحد منهم؛ لذا تم نقل أفراد العملية متفرقين إلى دمشق فبيروت، ومنهما ركبوا عائدين جوًّا إلى القاهرة.
- قبل تنفيذ العملية بيوم تقريبًا، كان الرأي أن تعلن منظمة فتح الفلسطينية مسؤوليتها عن العملية بعد تنفيذها، ولكن بعد أن تمت العملية بنجاح، تغيَّر القرار، وتقرَّر أن تعلن مصر مسؤوليتها عن العملية بعد الحصول على موافقة مسبقة من الرئيس جمال عبد الناصر.
- وللتمويه، نُشِرت مقالة في جريدة الأهرام القاهرية في صباح اليوم التالي على لسان قائد مجموعات الضفادع البشرية -الذي لم يكن قد عاد إلى القاهرة بعد-، فيها قصة مفبركة بعيدة كل البعد عما حدث فعلًا في عملية تدمير السفينتين الإسرائيليتين، فصوَّرت العملية على غير حقيقتها بأن منفذي العملية وصلوا إلى مشارف إيلات بطائرة عمودية مصرية (هليكوبتر) طارت على ارتفاع منخفض لمنع اكتشافها بالرادارات، وتم هبوطها في منطقة نائية قرب طابا على ساحل خليج العقبة، ومنها كان نزول الضفادع البشرية بمعداتهم إلى الماء، ثم دخول ميناء إيلات، ثم اقترابهم من السفينتين الراسيتين فيه، وتثبيت الألغام فيهما، مع ذكر بعض المعلومات الفعلية عن ظروف العملية داخل الميناء، مع تخيُّل بعض المصاعب وكيفية التغلب عليها، ثم نهاية القصة بالعودة إلى الطائرة، وإقلاعها بهم مرة أخرى عائدين سالمين إلى أرض الوطن.
وكان الغرض من ذكر تلك القصة المفبركة عدم الإفصاح عن حقيقة الطريقة التي تم بها تنفيذ العملية لصرف نظر العدو عن حقيقة ما حدث، وعدم الكشف عن تفاصيل العملية التي قد تَضُرُّ في المستقبل بأي عملية أخرى شبيهة لها، لإمكانية العودة لمهاجمة ميناء إيلات من جديد، وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك.
- كانت تلك العملية البحرية في إيلات هي أول عملية تقوم بها القوات الخاصة من الضفادع البشرية المصرية منذ نشأتها عام 1954، فكان للعملية صدى عالمي رفع من الروح المعنوية للقوات المسلحة المصرية والعربية. وقد دخل بعدها ضباط البحرية بالإسكندرية في احتفال شعبي وعسكري كبير، وتم منح المشتركين في العملية البحرية النياشين والأوسمة، وقُدِّمَت المكافآت والهدايا من العديد من الشركات والمصانع.
- وقد سادت إسرائيل حالة من الغضب الشديد بسبب نجاح العملية المصرية نتيجة للخسائر التي أُصِيبَتْ بها، والأهم من ذلك: قدرة القوات المصرية على الوصول إلى إيلات وتنفيذ هذه العملية الجريئة، وقد هددت إسرائيل الأردن بالانتقام، زاعمة أن كل دولة متاخمة لإسرائيل لا بد أن تتحمل مسؤولية أي عمل عدائي أو من أعمال المقاومة ضد إسرائيل بالقرب من أراضيها.
التخطيط لعملية إيلات الثانية:
لم يتم ضرب السفينة (بيت شيفع) و(بيت يام) في العملية الأولى في ميناء إيلات، بل وشاركت السفينة (بيت شيفع) بعدها في العدوان الإسرائيلي على جزيرة (شدوان) المصرية، لكن السفينة احتاجت بعد عودتها إلى البقاء في ميناء إيلات لإجراء بعض الإصلاحات، فكانت تلك فرصة مواتية لضربها.
- توجَّه أحد الضباط البحريين المصريين إلى عمان -عاصمة الأردن- في طائرة مدنية، وهو يحمل جواز سفر مصريًّا مدنيًّا، وذلك للدراسة على الطبيعة، ووضع تفاصيل العملية القادمة، خاصة مع توقع زيادة الإجراءات الأمنية الإسرائيلية في ميناء إيلات بعد العملية التي تعرَّض لها، على أن يتم بعدها إرسال الأفراد والمعدات اللازمة إليه هناك بعد تمام الاستعداد والاتفاق على كافة الترتيبات. وتم اختيار وإعداد الأفراد لتنفيذ العملية القادمة، وتم إعداد جواز سفر مدني لكل فرد منهم بوظيفة وهمية، على أن ينتظر الجميع صدور الأوامر لهم بالتحرك.
من مطار الدخيلة بالإسكندرية، وعلى متن طائرة (أنتونوف)، سافرت المجموعة مع المعدات اللازمة إلى مطار (إتش ثري) في العراق قرب الحدود الأردنية، حيث استقلوا من هناك عربات تابعة لمنظمة (فتح) الفلسطينية نقلتهم إلى العاصمة الأردنية (عمان)، وذلك في يوم 3 نوفمبر 1970.
- في يوم العملية، انطلق من عمان أربعة أفراد على مجموعتين متوجهين إلى ميناء العقبة الأردني لتنفيذ العملية، وفي منتصف الطريق حملتهم عربة أخرى تابعة للجيش الأردني يقودها ضابط أردني تم اختياره للتعاون مع المجموعة، فعبر بهم من طرق ومدقات حتى بلغوا العقبة في نحو الساعة السادسة مساءً، وخلال ساعتين تم تجهيز المعدات والاستعداد لتنفيذ العملية. كانت المسافة بين شاطئ العقبة وميناء إيلات نحو 5.5 كيلومتر، يمكن قطعها سباحة بالمعدات في نحو ثلاث ساعات ونصف الساعة.
- كان البحر صعبًا، والعواصف رهيبة، والأمواج عالية، والمياه شديدة البرودة، وأثناء السباحة إلى ميناء إيلات، مرت بجوارهم لنشات إسرائيلية، فتوقفوا لفترة عن السباحة، ثم فوجئوا بنفاد الأكسجين من أحدهم، فسمح له بالعودة إلى العقبة. كانت التعليمات صريحة أنه إذا وجدت المجموعة أنها غير قادرة على دخول الميناء لشدة الإجراءات الأمنية فيه، فعليهم بالعودة دون تنفيذ العملية، ولكن الجميع كانوا مصممين على تنفيذ العملية مهما كانت الظروف.
- في الساعة الثانية عشرة والثلث مساءً، مرَّ أفراد المجموعة من تحت الشباك التي تغلق الميناء، وقاموا بالسباحة بعرض الميناء بحثًا عن السفينتين المطلوبتين تدميرهما، ورغم شدة الظلام وسماع أصوات لنشات إسرائيلية تمر قريبًا منهم -وهي تلقي في الماء بعبوات من الألغام المضادة للأفراد-، لكن المجموعة -بفضل الله تعالى- لم تُصَبْ بأذى ووصلت لهدفها بسلام، وأصبحت على مقربة من السفينتين، حيث تم مشاهدتهما أخيرًا؛ إذ كانت هناك كشافات قوية مسلطة حولهما لاكتشاف أي متسلل نحوهما، خاصة وأن المياه في الميناء شفافة جدًّا. تم افتراق الأفراد استعدادًا للهجوم، فغطس الثلاثة تحت الماء على مسافة نحو 200 متر من السفينتين؛ فردٌ منهم توجه بمفرده تجاه السفينة (بيت يام)، والآخران تجاه السفينة (بيت شيفع).
- قام الفرد المكلف بالسفينة (بيت يام) بقطع مسافة المائتي متر تحت الماء وهو يكاد يلتصق بالقاع لكي يتجنب إضاءة الكشافات القوية حول السفينة. وبالعوم تحت السفينة، بحث عن أضعف مكان فيها لتثبيت اللغم بها، فاختار أسفل غرفة الماكينات مباشرة، والتي عندها توجد المصافي التي تقوم بسحب مياه البحر لتبريد الماكينات، فعندها يكون الثقل الرئيسي للسفينة، والذي بإصابته تغرق السفينة مباشرة. ونظرًا لوجود الحشف (وهي نباتات بحرية) على جدار السفينة، والذي يمنع إلصاق اللغم المغناطيسي الذي يحمله بجدار السفينة، فقد قام بإزالة هذا الحشف العائق بخنجره في هدوء وحرص، ثم تم تثبيت اللغم وضبط التايمر لينفجر بعد ساعتين، ثم غادر المكان مسرعًا سباحة خارجًا من الميناء عائدًا إلى ميناء العقبة الأردني.
أما المجموعة الثانية المكونة من فردين، والتي توجهت إلى السفينة (بيت شيفع)، فقد قامت بنفس الفعل، لكنها تأخرت في تثبيت اللغم بنحو عشر دقائق عن زميلهما الذي ثبت اللغم في السفينة الأخرى؛ لذا تأخر انفجار السفينة (بيت شيفع) عن انفجار السفينة (بيت يام) بهذه الدقائق العشر. وانسحب الفردان من المكان مسرعين سابحين خارجين من الميناء عائدين إلى ميناء العقبة الأردني.
- وبعد حوالي الساعتين، والمجموعة في منتصف طريق العودة، حدث الانفجار الأول في السفينة (بيت يام)، وشوهدت كرة لهب رهيبة من النار صعدت عاليًا، أعقبها صوت انفجار عالٍ، فشعر أفراد المجموعة جميعًا بالفرحة الشديدة التي أنستهم تعب الساعات الماضية. وبعد نحو عشر دقائق، كان الانفجار الثاني في السفينة (بيت شيفع).
- أخرج اليهود الصهاينة قوات كبيرة للبحث عن المهاجمين، منهم من كانوا في لنشات ترمي المفرقعات في مياه الميناء، ومنهم من في طائرات هليكوبتر تطلق طلقات مضيئة، بينما كان أفراد المجموعة غاطسين تحت الماء خارج الميناء حتى وصلوا الثلاثة جميعًا معًا سالمين إلى شاطئ العقبة الأردني حوالي الساعة الخامسة فجرًا، وهم في حالة شديدة من الإعياء والتعب، حيث سلموا أنفسهم إلى بعض الجنود الأردنيين المتواجدين في المنطقة، وأخبروهم أنهم مصريون قاموا بعملية ضد ميناء إيلات، مكررين ما قيل في العملية الأولى من أن هناك طائرة هليكوبتر مصرية أنزلتهم قرب طابا جنوب إيلات لتنفيذ العملية، ثم تعذر عليهم اللحاق بهذه الطائرة بعد تنفيذ العملية، فسرعان ما ملأ المكان رجال المخابرات الأردنية الذين قاموا باستجواب أفراد المجموعة لفترة قليلة، ثم صدرت لهم الأوامر بنقلهم إلى عمان، حيث تم احتجازهم هناك، ثم عادوا بعد ذلك من جديد إلى أرض الوطن، حيث قابلهم قائد القوات البحرية، فقصوا عليه تفاصيل العملية كما وقعت، ونالوا على ذلك وسام النجمة العسكرية.
- وفي إسرائيل، توجه وزير الدفاع الإسرائيلي (موشيه ديان) إلى ميناء إيلات لمعرفة ما جرى عن قرب، وللبحث عن إجابة شافية حول كيفية وصول الضفادع البشرية إلى ميناء إيلات للمرة الثانية وتوجيه هذه الضربة العسكرية الناجحة بهذه الدقة في الإعداد والقوة في التنفيذ خلال أقل من ثلاثة أشهر. وتقرر بعدها ضرورة وضع خطة جديدة لتأمين ميناء إيلات والقطع البحرية داخله.
العملية الثالثة ضد ميناء إيلات:
تسببت العملية الثانية في ميناء إيلات في إغراق السفينة (بيت يام) إلا جزءًا من قمة أحد طرفيها ظل باقيًا مرتفعًا فوق الماء لعدة أشهر قبل تقطيعها ورفعها من المجرى الملاحي. أما السفينة (بيت شيفع)، فسمح تأخر انفجارها عن السفينة الأولى (بيت يام) بعشر دقائق لقبطانها بإدارة ماكينة السفينة وسحبها إلى منطقة ضحلة، فلم تتعرض للغرق، لكنها أصبحت تحتاج بعد الانفجار الذي تعرضت له إلى الإصلاح. وقد تم إصلاحها في وقت قصير، فعادت للعمل من جديد، لكن وُضِعَ لها نظام جديد، حيث تقوم بالإبحار الدائم خارج الميناء ليلًا، ثم تعود فتدخل الميناء نهارًا، مع نظام حراسة دقيق، واستخدام قنابل أعماق ليلية كل دقيقة لمنع أي تسلل، وتجددت الرغبة من جديد لدى قيادة مصر البحرية في محاولة إغراق السفينة.
عملية جديدة لم تُستكمل:
تبلورت فكرة انتحارية جريئة تقوم خلالها مجموعة من الضفادع البشرية بدخول ميناء إيلات عن طريق ميناء العقبة الأردني ليلًا حاملة لغمين، فيكمنون في الجزء الظاهر من السفينة الغارقة (بيت يام) حتى الصباح، ينتظرون رسو السفينة (بيت شيفع) في الصباح ليقوموا بالغطس وزرع اللغمين بها لتغرق تمامًا، في مفاجأة لا يتوقعها العدو مطلقًا، ورغم خطورة المحاولة واحتمال اكتشاف المجموعة نهارًا وبالتالي تعرضها لخطر كبير؛ إلا أن المجموعة قامت بالمحاولة في 27 إبريل 1970، ووصلت بالفعل إلى مكان السفينة الغارقة (بيت يام)، لكنها وجدت المكان لا يتسع للبقاء أو التواجد ولو لفرد واحد منهم فيه حتى الصباح، مما يعني سهولة اكتشاف المجموعة وفشل العملية، مع عدم إمكانية بقاء أحد أفراد المجموعة بكامل جسمه تحت الماء طوال فترة الانتظار، ولم يُمكِن بالتالي تنفيذ العملية.
العملية الثالثة الناجحة في ميناء إيلات:
كانت فكرة العملية الجديدة تقوم على استخدام لغمين من مادة (الهيلوجين) شديدة الانفجار، تم إعدادهما في الإسكندرية، بما يعادل ضعف قوة الديناميت العادي، وزنها 150 كيلوجرام، مع استخدام تايمر روسي الصنع، حيث يتم زرع اللغمين أسفل رصيف الميناء في الساعة الثانية عشرة مساءً يوم 14 مايو 1970، بحيث ينفجران بعد 12 ساعة، أي: عند الظهيرة، أي: بعد نحو خمس ساعات من رسو السفينة (بيت شيفع) في الميناء، والذي يكون عادة في الساعة السابعة صباحًا؛ مما يتسبب في إحداث عطل جسيم في السفينة يبقيها بصفة دائمة في الميناء، فيمكن بعد ذلك تدميرها.
- تم لتنفيذ تلك الخطة إرسال مجموعتين من الضفادع البشرية المصرية بمعداتهما إلى العقبة مرة أخرى في سيارة جندي أردني، وعبروا إلى ميناء إيلات ليلًا من جديد رغم قذائف الأعماق التي كان يُسمع صوت انفجار عبوة منها كل دقيقتين تقريبًا، حتى كادت أن تصيب بعض أفراد العملية إصابة مباشرة. وبعد الوصول إلى رصيف الميناء وزرع اللغمين أسفل الرصيف، وجد أن اللغمين يطفوان فوق الماء؛ مما يعني سهولة اكتشاف اللغمين والتعرف عليهما، فقام أفراد العملية بخلع أحزمة الرصاص التي يلبسونها حول وسطهم، ويزن كل حزام منهم نحو ثلاثة كيلوجرامات ليساعدهم على الغوص تحت الماء، فربطوا بها اللغمين، ثم سارعوا بالسباحة عائدين إلى ميناء العقبة الأردني، وقد اضطروا إلى السباحة معظم الوقت فوق سطح الماء.
- ورغم ما كان مقررًا، فقد تأخرت السفينة (بيت شيفع) عن موعد رسوها التقليدي، كما أن اللغم الأول انفجر في الساعة السابعة والنصف صباحًا، أي مبكرًا قبل الموعد المقرر له، ربما بسبب ما تعرضت له المجموعة من قذائف الأعماق التي أَثَّرَتْ في تايمر اللغم، فانفجر قبل وقته المحدد له، وقد أحدث الانفجار تلفيات كبيرة في رصيف الميناء، على أثرها تم رفع درجة الطوارئ بالميناء، وتم على الفور إنزال أعداد من الضفادع البشرية الإسرائيلية لاستطلاع الموقف، فإذا باللغم الثاني ينفجر بعد ساعتين من انفجار اللغم الأول، أي في الساعة التاسعة والنصف صباحًا، أي قبل الموعد المحدد له أيضًا، فأسفر انفجاره عن قتل عدد كبير من الإسرائيليين من الضفادع البشرية والفنيين العاملين في الميناء. وقد شوهد بعدها عملية انتشال للجثث الإسرائيلية الكثيرة من الماء، كما شوهدت ست عربات إسعاف تنقل جرحى مصابين من مبنى الضباط المقام خلف الرصيف الحربي مباشرة.
- عادت المجموعة المصرية إلى ميناء العقبة الأردني، وهناك سلمت نفسها -كالمعتاد في كل مرة- للقوات الأردنية المتواجدة هناك، وقد قابلوهم بالترحاب والفرحة والفخر بهم، وأمدوهم بالطعام والشراب، وتكررت قصة الطائرة الهليكوبتر المصرية التي أنزلت المجموعة في طابا جنوب إيلات، والتي نفذت العملية، لكن تعذر عليها اللحاق بالطائرة، فاضطرت إلى اللجوء لميناء العقبة الأردني.
- لم تَغْرَق السفينة (بيت شيفع) هذه المرة أيضًا، لكنها اعتبرت منتهية الصلاحية بعد هذه الضربات التي وُجِّهَتْ لها، فتم الإعلان بعد ذلك عن خروجها من الخدمة العسكرية.
وهكذا كان إصرار قوات البحرية المصرية الخاصة على تدمير السفينتين الإسرائيليتين رغم صعوبة المهمة وراء نجاح الهدف منها.
وقد أَثَارَ هذا الإصرار دهشة العالم؛ إذ لم يحدث في تاريخ البحرية أن تعرض ميناء ما للهجوم عليه ثلاث مرات كلها ناجحة في فترة زمنية قصيرة، فالمعروف والمتوقع عدم تكرار الهجوم على نفس الميناء -أي ميناء-، خاصة في الموانئ العسكرية، حيث تُتَّخَذ فيه بالطبع أقصى درجات الحيطة والحذر بعد أول هجوم عليها لمنع تكراره، وذلك من خلال دوريات الحراسة المكثفة ونقاط المراقبة والإنذار المتعددة، ومن خلال إلقاء العبوات المتفجرة الكثيرة في أعماق المياه، وغير ذلك من أساليب الدفاع والحيطة التي يصعب معها الجرأة على محاولة تكرار مثل هذه العمليات الانتحارية مهما كانت شجاعة منفذيها (للاستزادة: راجع كتاب: وحوش البحر، تأليف دكتور مدحت حسن عبد العزيز، ط. دار الدفاع للصحافة والنشر 2014م. ففيه مذكرات وأحاديث الأفراد الذين شاركوا في العمليات تخطيطًا وإعدادًا ومتابعة وتنفيذًا).