كتبه/ حسني المصري
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد درج الإعلام على تصوير الشخص الملتحي على أنه بالضرورة إرهابي، فظ غليظ، ظالم للمرأة ولو كانت زوجته أو ابنته أو أخته، مزواجًا يتزوج ويطلق ليتزوج، وأحيانًا يكون نصابًا، ومتسلقًا؛ هذه هي الصورة النمطية التي يقدمها الإعلام منذ سنوات.
وفي سنوات مضت في زمن الأبيض والأسود كان يصور على أنه شخص ساذج متقعر في لغته العربية غير الصحيحة، ودائمًا ما يتم السخرية منه في شكله ولباسه وطريقته، وبالطبع تلك سياسة المخالف دائمًا، لكنه مع الأسف تفشل هذه السياسة في تحقيق ثمارها بقدر ما تم الإنفاق عليها؛ لأنها تصطدم بواقع مغاير تمامًا في المجتمع.
ونحن لا ننكر أن هناك نماذج من هذه النماذج من الملتحين، لكنها كم تمثل من النسبة العامة لهم؟!
إنهم بشر كغيرهم تمامًا، وفي الملتحين أيضًا مِن نماذج البشر الصالحة الكثير والكثير ممن هم مستبشرون مبتسمون، يضحكون ويداعبون أبناءهم وأهلهم، ويتنزهون، وأوفياء صادقون، وأمناء لا يغشون، وكما أن في غير الملتحين توجد هذه النماذج، لكنها بصورة أقل بكثير منها في غيرهم، فكما أن المجرمين والقتلة والنصابين وآكلي حقوق النساء وظالمي المرأة، والمزواجين، وغير ذلك من النماذج موجودة في كل طوائف المجتمع؛ إلا أنها في أصحاب اللحية بنسب أقل بكثير.
ولكن عامة الناس -والإعلام- يتصورون أن كلَّ صاحب لحية هو ممثل للإسلام، وهذا تصور خاطئ؛ فلا أحد يمثل الإسلام كما قال علي -رضي الله عنه-: "الدِّين لا يُعرَف بالرجال، ولكن اعرف الدين تعرف أهله".
وهذا التصور الخاطئ للناس -لدى الناس- هو الذي جعل النقد يتوجه إليهم، ويركز الضوء عليهم، وتشير الأصابع دائمًا إليهم، وجعلهم وحدهم النموذج الأكثر سلبية في مادة الإعلام؛ في أفلامه ومسلسلاته، وبرامجه، ولا يهتم هذا الإعلام أن يظهر منهم نموذجًا قَدَّم للبشرية اختراعًا، أو علاجًا، أو كتابًا، أو نموذجًا يحتذى به في الأمانة والخلق، والرحمة بالناس كلهم، والدفاع عن الوطن وحماية أبنائه، ولو كانوا من شركاء الوطن من المسيحيين ولو كلَّفه ذلك حياته.
فالشيطان دائمًا يكمن في تفاصيل هذه الحبكات الدرامية الفاشلة على أرض الواقع ثم تأتي واقعة القطة مع إمام الصلاة في الجزائر؛ لتهدم كل خطط الشيطان في تنفير الناس من أصحاب اللحى ليشاهد العالم رحمة المسلم ورقته حتى مع الحيوان، بل وهو في محراب صلاته لا يزعجها، ولا يروعها؛ فتهزم القطة الشيطان.