الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 21 مارس 2013 - 9 جمادى الأولى 1434هـ

هل ينطبق وصف الخليفة وولي الأمر الشرعي على رئيس الجمهورية؟

السؤال:

أريد أن أسأل عن أمر يتعلق بالسياسة الشرعية وهو هل الرئيس "محمد مرسي" ولي أمر شرعي أم لا؟ فالشيخ ياسر والشيخ عبد المنعم الشحات وغيرهما من الدعوة السلفية يقولون إنه ليس ولي أمر شرعي، والدكتور صلاح الصاوي يقول إنها ولاية شرعية مشروطة، ومفاد ما ذكره الدكتور الصاوي أن كل شروط اختيار ولي الأمر الشرعي خاضعة للموازنات والمصالح والمفاسد، فشرط الاجتهاد والعدالة والقرشية واختيار أهل الحل والعقد لولي الأمر واستمرار مده ولايته... كل هذا عند الضرورة يمكن عدم توافرها، إضافة إلى أن أهل الحل والعقد في مرحلة الإعادة كانوا ضمن من انتخب الرئيس مرسي فلا نعلم عالمًا مصريًّا شرعيًّا انتخب المرشح الآخر. والهيئة الشرعية كذلك تقول إنه ولي أمر شرعي، فهل هذا صحيح وهل هو بمنزلة الخليفة؟

أرجو بيان ذلك بالتفصيل لأهمية الأمر، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالمسألة فيها اجتهاد بلا شك، والذي أرجحه أن الأمر إذا اُتفق على أنه بصلاحيات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في الدستور والقانون والتي تم عليها العقد مع الرئيس "بما في ذلك مدة الولاية، وعدم صلاحية إلزام المخالفين في الرؤية السياسية كترشيح مرشحين بأعيانهم أو جماعة أو حزب معين في الانتخابات، وكذا عدم التجديد بعد مدتين كما هو متفق عليه لمصلحة منع الاستبداد، وكذا في مسألة اختيار الرئيس لرئيس الوزراء والحكومة والذي قد يوافق عليه البرلمان وقد لا يوافق فإن هذا من حقهم لاختلاف الرؤية السياسية والانتماء الحزبي والتقييم لقدرة الأشخاص وكفاءتهم" - فإذا تم الاتفاق على حدود الصلاحية فالخلاف في هذه الحالة لفظي؛ إذ لا خلاف في طاعته في طاعة الله، ولا خلاف كذلك في عدم جواز الخروج عليه بالسلاح، ولا محاولة خلعه بطريق الثورة الشعبية أو العسكرية.

وأما في حالة أن يُقرر أنه ولي أمر شرعي بصلاحيات الخليفة "فعلى قول من قال ذلك فسيرى مشروعية إلزام الرئيس لمن يخالفه باختيار شخص أو أشخاص بأعيانهم دون اعتراض في المجالس النيابية أو الهيئات والوظائف التنفيذية والإدارية، وكذا عدم جواز الترشيح ضده في الانتخابات، أو يجوزون له عدم الوفاء بشرط المدة وعدم تجديدها إلا لمدة واحدة" - فإن الخلاف حقيقي.

ونحن نرى أن العقد الذي بين الأمة وبينه عقد مشروط بشروط لا يجوز له تجاوزها ولا نقضها، ولا خلف وعده وعهده للأمة ولمن حالفوه سياسيًّا وعمليًّا حتى يصل من خلال صندوق الانتخابات الذي قبلنا نتائجه؛ لأنه يحقق في الظروف الحالية للبلاد والأمة كلها أكبر قدر ممكن من المصالح ودفع أكبر قدر ممكن من المفاسد في ضوء موازنات عالمية وداخلية معلومة للجميع فالمسلمون عند شروطهم، وقال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة:1)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْ نِفَاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ) (متفق عليه).

ومن كان من العلماء والدعاة انتخب الرئيس فعامتهم انتخبوه "وهم يعلمون فقدان شروط الإمامة العظمى فيه" على أنه رئيس للجمهورية بصلاحيات الرئيس وليس بصلاحيات الخليفة؛ فلو كنا نختار خليفة لتغير الحال، والله أعلم.

ونرى أن مخالفة هذه الشروط مما يعرض المشروع الإسلامي نفسه للخطر من داخله بالاستبداد، ومن خارجه بتجييش الأعداء ضده.