الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 26 يوليه 2012 - 7 رمضان 1433هـ

حول فطر الحامل والمرضع

السؤال:

سمعت لحضرتك أن الحامل والمرضع مخيرة أصلاً بين الإطعام وبين الصيام وأن كلاً من الأمرين يجوز في حقها، فقال بعض الناس:

1- لا دليل على هذا التخيير من الشرع كتابًا أو سنة؟

2- الأصل أن الحامل والمرضع بمنزلة المريض والمسافر فيجب عليهما بحكم الشرع القضاء لا الفدية، وليس الحامل والمرضع بمنزلة الشيخ الكبير العاجز عن الصيام. فأين الدليل في الشرع على أنهما لا تصومان فالمسافر وضع عنه الصوم فيفطر ويقضي وكذا القياس الصحيح في الحبلى التي وضع عنها الصوم فتفطر وتقضي أيضًا؟

3- كيف نجعل أقوال بعض الصحابة مقدمة على الأدلة العامة للكتاب والسنة القاضية بلزوم العبادة على كل المسلمين -ومنهم الحامل والمرضع- ولا يصح تخصيص هذه الأدلة بهذه الأقوال المخالفة لأدلة الشرع -وإن كانت عن الصحابة الكرام-؛ فكيف وأكثر العلماء على خلاف ذلك؟ ومع ذلك فقد ورد عن ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهما- تقييد ذلك الفطر بالمشقة والخوف فيكون هذا الإطلاق مرادًا به: سواء خافت على نفسها أو على ولدها لا غير.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- المقصود بجواز فطر الحامل والمرضع هو إذا خافتا وشق عليهما الصيام.

2- الاستدلال هو بالآية: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:184). قال ابن عباس: "ليست بمنسوخة".

3- لا نجعل أقوال الصحابة مقدمة على الكتاب والسنة، بل هي مفسرة للكتاب والسنة، ثم القياس على المريض فيه نظر، بل هما داخلتان في عموم الآية: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ).

وكان ابن عباس يقوم لأم ولد له حبلى: "أنتِ بمنزلة الذي لا يطيقه فعليك الفداء ولا قضاء عليك" (أخرجه الطبري والدارقطني وصححه، وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط مسلم).

وعن نافع أن ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال: "تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكينًا مدًا من حنطة" (أخرجه الشافعي ومن طريقه البيهقي ورواه مالك بلاغًا).

وفي الحديث: (إِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- وَضَعَ عَنِ المُسَافِرِ الصَّوْمَ، وَشَطْرَ الصَّلاةِ، وَعَنِ الحَامِلِ أَوِ المُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ) (رواه أحمد والترمذي والنسائي، وحسنه الألباني).