الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 05 يناير 2012 - 11 صفر 1433هـ

تهنئة النصارى بأعيادهم استدلالاً بقوله -تعالى-: (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى.. )

السؤال:

جاء ضمن بيان للإخوان: "هذا وقد قرَّر الإخوان المسلمون إيفاد وفد رفيع المستوى، برئاسة فضيلة الدكتور "محمود عزت" نائب فضيلة المرشد العام؛ للقيام بواجب التهنئة في هذه المناسبة الجليلة، وقد أمرنا رب العزة أن نبرَّهم ونقسط إليهم، (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة:82)"!

والسؤال: هل يجوز الاستدلال بهذه الآية؟ وهل يصح ذكر هذه الآية وحدها دون ذكر الآيات التي بعدها؟!

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فاللهم إنا نبرأ إليك من الضلالة.

فالاستدلال بالآية على فعلهم هذا مِن أبطل الباطل، فتكملة الآية تبيِّن أن المقصودين بهذه الآية هم الذين يؤمنون بالرسول -صلى الله عليه وسلم- وبالقرآن: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ . وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ) (المائدة:83-84).

وليست فيمن كذب الله ورسوله وكتابه، وطعن فيه، بل هذا قطعًا من الذين أشركوا الداخلين في قوله -تعالى-: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) (المائدة:82)، وقال -تعالى-: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ . اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:30-31)، وقال: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) (المائدة:17)، وقال: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ) (المائدة:73).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي، كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أَوَّلُ الخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا وَأَنَا الأَحَدُ الصَّمَدُ، لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفْئًا أَحَدٌ) (رواه البخاري).

وميلاد المسيح عندهم هو ميلاد الرب كما يصرحون بذلك، والإخوان المسلمون يهنئونهم أيضًا بعيد القيامة! أي قيامة المسيح من الأموات بعد صلبه؛ لأنه قهر الموت بربوبيته!

وكل هذا مِن الكفر الذي لا خفاء فيه على مسلم، وكيف يكون البر بالموافقة والإعانة والتعظيم ليوم فساد الاعتقاد، ومخالفته للقرآن والسنة، وعقائد أهل الإسلام؟!

والمشكلة أن مِن الإخوان المسلمين -بل ومِن المقدَّمين عندهم- مَن يصرحون بأنه لا خلاف عقائدي بين الإسلام والمسيحية!

وهذا نقض للشهادتين ندعو صاحبه أن يتوب إلى الله منه.