الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 10 سبتمبر 2008 - 10 رمضان 1429هـ

التعريف النبوي للغيبة

كتبه/ ياسر عبد التواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

فكل ما نبهنا عليه في المقالتين السابقتين يبين حدود الغيبة، فإن كان صادقاً فيه فهو به مغتاب عاصٍ لربه، وآكلٌ لحمَ أخيه، بدليل ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (هل تدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ذكر أخاك بما يكرهه. قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقوله؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فقد بهته) أخرجه مسلم.

وقال معاذ بن جبل: (ذكر رجل عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: ما أعجزه! فقال -صلى الله عليه وسلم-: اغتبتم أخاكم. قالوا: يا رسول الله، قلنا ما فيه، قال: إن قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه) رواه الطبراني والبيهقي، وصححه الألباني.

وقال الحسن: ذكر الغير ثلاثة: الغيبة والبهتان والإفك، وكلٌ في كتاب الله -عز وجل-؛ فالغيبة أن تقول ما فيه، والبهتان أن تقول ما ليس فيه، والإفك أن تقول ما بلغك.

وذكر ابن سيرين رجلاً فقال: ذلك الرجل الأسود، ثم قال أستغفر الله إني أراني قد اغتبته.

وذكر ابن سيرين إبراهيم النخعي فوضع يده على عينه ولم يقل الأعور.

اعلم أن الذكر باللسان إنما حرم لأن فيه تفهيم الغير نقصان أخيك وتعريفه بما يكرهه، فالتعريض به كالتصريح، والفعل فيه كالقول، والإشارة والإيماء، والغمز والهمز، والكتابة والحركة، وكل ما يفهم المقصود فهو داخل في الغيبة وهو حرام.

ومن ذلك المحاكاة: يمشي متعارجاً أو كما يمشي فهو غيبة بل هو أشد من الغيبة؛ لأنه أعظم في التصوير والتفهيم، ولما رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عائشة حاكت امرأة قال: (مَا يَسُرُّنِى أَنِّى حَكَيْتُ رَجُلاً وَأَنَّ لِى كَذَا وَكَذَا) رواه الترمذي،وصححه الألباني.