كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فلا يشك عاقل أن أمتنا العربية والإسلامية في خطر عظيم وأنها مستهدفة من الإرهاب الصهيوني، والقرصنة الأمريكية التي يريد البعض فرضها، والتي وصلت إلى حدِّ المطالبة العلنية الصريحة بالسطو على حقوقنا المادية والأدبية!
وعندما نقول -نحن المصريين-: "أمتنا العربية"؛ فهذا مدوَّن في دستور بلادنا في مادته الأولى حينما جعل الاسم الرسمي لبلادنا مزينًا بوصف العروبة؛ فهي "جمهورية مصر العربية"، ثم أكد هذا في الفقرة الثانية من ذات المادة التي جاء فيها: (الشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها).
والعروبة التي اختار الشعب المصري في كلِّ دساتيره أن ينضم إليها هي العروبة التي ترى أنها قلب الأمة الإسلامية. وبالانتماء للإسلام تمتد أمتنا، ويمتد عمقها إلى قلب روسيا في الجمهوريات الإسلامية هناك، وفي قلب أوروبا في تركيا والبوسنة؛ فضلًا عن كثيرٍ من بقاع إفريقيا وآسيا.
فمصريتنا جزء من عروبتنا، وعروبتنا قلب إسلاميتنا النابض، وإسلاميتنا عمق عروبتنا الإستراتيجي، وهذا أيضًا ما أكده دستورنا في ذات مادته الأولى؛ إذ جاء فيها: (ومصر جزء من العالم الإسلامي).
وهذا لا يعني أن يكون كل المصريين مسلمين، بل في مصر نصارى منذ الفتح الإسلامي لمصر، حينما جاء عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، فأخرج الله به غالبيتهم من الظلمات إلى النور، فدخلوا في دين الله أفواجًا. ولأن عمرو بن العاص والمسلمون الفاتحون قد طبقوا بوضوح وجلاء قول الله -تعالى-: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة: 256)؛ فقد بقي مَن اختار البقاء على نصرانيته؛ فأعطاهم عمرو بن العاص حريتهم، وأنهى عصر الاضطهاد الطائفي الذي كان يمثله الرومان الكاثوليك ضد المصريين الأرثوذكس.
منذ ذلك الوقت تغيرت في مصر نظم سياسية وحكام، حاول بعضهم التضييق على النصارى، وحاول بعضهم التحالف معهم ضد أغلبية شعبه؛ إلا أن نصارى مصر ظلوا في الجملة مراعين حسن العهد بينهم وبين المسلمين، حتى جاء "نابليون" وأراد أن يلعب بتلك الورقة، ووجد ضالته في مثل "المعلِّم يعقوب"؛ إلا أنه ظل يمثل تيارًا نشازًا، وبقي أغلبية النصارى متذكرين أن الرومان اضطهدوهم لمجرد الخلاف المذهبي، بينما طبق معهم المسلمون قوله -تعالى-: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة: 8).
حتى جاءت منظمات التدخل في شئون الدول -المتدثرة بدثار جمعيات لحقوق الإنسان في زماننا-، واستعملت بعض المصريين النصارى المهاجرين ممَّن أسموا أنفسهم أقباط المهجر.
وكل هذا يبقى استثناءً من قاعدة: أن نصارى مصر يدركون تمامًا أنهم نصارى دينيًّا، ولكنهم ينتمون إلى الحضارة الإسلامية؛ ولذلك نجد أنهم يستنكفون من معظم صور الانحلال الخلقي الموجودة في الغرب.
وكما كان الأصل في نصارى مصر الانتماء إلى الأمة، والاستثناء هو "المعلم يعقوب" وأقباط المهجر؛ وُجِد أيضًا استثناء من قاعدة معاملة مسلمي مصر لنصارى مصر من منطلق قاعدة البر والإحسان، من خلال الإرهاب الذي عانت منه بلادنا في فترات متعددة وكان يستهدف أحيانًا العدوان على نصارى مصر، وأحيانًا يستهدف العدوان على السائحين، ولكنه كان كثيرًا ما يوجِّه بعض عملياتهم للمسلمين، ثم إن هذا الإرهاب يعيش الآن مرحلة انكماش -بفضل الله تعالى-.
ومن فرط عدم معاناة نصارى مصر أي مشكلة من المشاكل التي تعانيها الأقليات في العالم، اختار كثير من إعلامييهم -بل وبعض المنتسبين للعلم فيهم-: أن يقيموا محاكم تفتيش للمسلمين -لا سيما الدعاة منهم- في موقفهم من النصارى؛ فمن قال منهم: "نتعامل معهم بالبر والإقساط"، قالوا: "لا نرضى منك بذلك، بل لا بد من أن تعلن عن الحب والمودة!"؛ رغم أن هذا في ديننا لا يكون إلا في الدِّين: (أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ الْمُوَالَاةُ فِي اللَّهِ، وَالْمُعَادَاةُ فِي اللَّهِ، وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ، وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ) (رواه الطبراني، وصححه الألباني).
ورغم أن أفراد المجتمع يكفي هنا أن يكون بينهم احترام للميثاق المشترك (الدستور) ورغبة في التعاون فيما فيه الخير للجميع، ولا يوجد دستور ولا قانون يلزم أحدًا بحب أحد، ولكن الإلزام بحفظ حقوق كل ذي حق، ومع هذا فعندما نقرر هذا القول الوسط؛ ينبري إعلاميون وساسة، بل وعلماء في الشريعة أحيانًا، لكي يردوا علينا معتبرين أننا لم نجامل شركاء الوطن بالقدر الكافي. ونحن بالفعل لا نداهن في الدين، ولكن نعطيهم حقهم الشرعي من البر والإقساط.
وهذا يعني أن المسلمين في مصر في تعاملهم مع نصارى مصر: فريق يعطيهم حقهم، والمعظم يتجاوز ويدخل في المداهنة، وفي ذات الوقت: فالمتوقع أن يكون نصارى مصر على وعي بما يحاك ضدها، بل بما يحدث في عمقها الإستراتيجي من كل الجهات: غزة، وليبيا، والسودان.
كل هذه المقدمة إنما أردت بها أن علينا أن نثبِّت استقرار بلادنا داخليًّا في ظل هذا الكيد المستمر من الأعداء.
وهذا يقتضي أن نأخذ على أيدي مشعلي الفتن أو على أيدي السفهاء الذين يُستعملون من جهة أعداء أمتنا لإشعال الفتن فيها، ويأتي على رأس هؤلاء: المذيع "أسامة منير"، وهو غني عن التعريف؛ فقد كان هو الأب الروحي لفتيات "التيك توك"، فكان يقدِّم برامج استشارات -ولسبب أو لآخر- كان المتصلون دائمًا سيدات وفتيات تورطن في الزنا قبل الزواج أو بعده، أو كن ما زلن متورطات، ويستشرن "أسامة" في كيفية الخروج من الورطة!
ولا شك أن مشكلات بهذا القدر من الفداحة والخصوصية والحرج تحتاج من تقع فيها إلى أم أو أب أو مستشارة أسرية، أو شيخ مسجد أو... ولا يسمع القصة من لن يحتاج إلى أن يكون طرفًا فيها، وخلاف هذا فهو من إشاعة الفاحشة التي حذَّر الله -تعالى- منها؛ فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (النور: 19).
وهذه الآية جزء من أخلاقيات وثقافة شعبنا -كما قررنا أن ثقافة المصريين هي ثقافة إسلامية ولو كانوا غير مسلمين-، ولكن "أسامة منير" غريب عن هذه الثقافة؛ فتاجر بهذه القصص، ولا يدري أحد سر تدفق هذا الكم الكبير من قصص النساء المتورطات أخلاقيًّا على برامجه (ولعل هؤلاء السيدات أن يكن في النهاية مساعدة له تحدثه من تليفون الأستوديو، لا سيما والاتصال دائمًا مستقر هادئ نقي، والقصة دائمًا ما تشعر أن أسامة منير هو من يحكي وليس أنه يفاجئ بالتفاصيل!).
عمومًا، أيًّا ما يكن سواء كانت القصص حقيقية أو مفتعلة، فقد مثَّلت برامج أسامة منير خطابًا يداعب غرائز المراهقين من الفتيات والفتيان، وإلى هذا الحد كان يستأهل أسامة منير أن يُحاسَب على تلك الجرائم التي استمر على ارتكابها في حق المجتمع وقيمه وأخلاقه على مدار عشرات السنين.
ثم إن الذي يفعله أسامة منير طوال حياته مقنَّعًا، خرجت علينا به فتيات التيك توك صريحًا مكشوفًا، فكأن سوقه قد بارت، وكأنه لا يحسن في حياته إلا هذا النوع من "النخاسة"؛ فنقل برنامجه إلى الإنترنت (وما زالت المتصلات محتفظات بنفس الجرائم ونفس التفاصيل التي يبدو بوضوح وجلاء أن أسامة يعرف تمامًا دائمًا في كل مرحلة من الحكاية الخطوة التي ستأتي بعدها).
ويبدو أن برنامجه لم يحقق الرواج الكافي، فقرر أسامة أن ينتقل إلى عامل الإثارة الأكبر، وهو: أن يبدو في صورة المدافع عن النصرانية أمام الإسلام!
فبينما تشكو له إحدى ضحاياه أن زواجها قد تأخر، فسألها في مكر وخبث مصطنع إذا ما كانت مسلمة؟ وكان يتوقع لو أنها نصرانية أن يقول: اذهبي فانصبي شباكك للعريس المنتظر في الكنيسة (ولا أدري هل يرضى النصارى بهذا الدور الذي جعله لأسامة منير للكنيسة أم لا؟!)، وأما إذ وجدها مسلمة فسينصحها بالذهاب للنادي أو أي مكان غير المسجد، ولكنه عاد وبنفس المكر المصطنع -الذي يتحول إلى بلاهة-؛ ليقرر أن "المسيحية أحسن حظًّا من المسلمة"؛ لماذا؟!
قال: (لأنها تذهب للكنيسة، وهناك يمكنها أن تقابل شبابًا؛ فتجد منهم من ترتبط به،
وأما أنت فإذا ذهبت الى المسجد ماذا ستجدين؟ ستجدين شيخًا بذقن سيقول لك: "اتحجبي"؛ فابحثي عن مكان فيه ناس محترمة يمكن أن تجدي فيه من ترتبطين به!).
ولاحظ أن: السائلة لم تذكر المسجد، ولا أنها تذهب إلى مسجد، وطبيعي لو كانت تذهب إلى مسجد أنها كانت ستجد من تستشيره ولم تكن ستضطر (لو افترضنا أنها شخصية حقيقية) أن تذهب لمن يتاجر بمشكلتها.
ولاحظ أيضًا: أن الحجاب لا علاقة له بكونها غير معروفة اجتماعيًّا؛ إلا لو كانت الروشتة التي يقدمها أسامة ليست اختلاطًا مجردًا، بل تتضمن استعراضًا للمفاتن، وبالتالي سيتعارض مع الحجاب.
وتمام الصورة: أن من يأمر النساء بما يليق بهن من ستر مفاتنهن بالحجاب، لا بد وأن يكون ملتزمًا بما يليق بالرجال، بالمحافظة على ما ميَّز الله به الرجل والأنثى ظاهرًا، ليكمل هذا الباطن. ومن هذا: اللحية (ولعل أسامة منير مثال صالح جدًّا لتحقيق القاعدة العكسية في كثيرٍ من تفاصيل مظهره).
المهم: أنه قد شملت هذه العبارة القصيرة كَمًّا من الإثارة والتعرض الفج من شخص منتكس الفطرة لأمورٍ قررتها الفطرة ودعا إليها الأنبياء؛ لا سيما خاتمهم محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وانتشر الفيديو وبدأ الناس يعلقون غاضبين، وحُقَّ لهم؛ فشرعتُ في كتابة هذه المقالة أحذِّر بها العقلاء من ترك الساحة للمتاجرين بكل شيء، ثم وجدتُ تصريحًا لأسامة منير يقول: "إن الفيديو من عام ونصف".
ولقد ازدادت احتمالات أن الفيديو ليس موقفًا عابرًا من شخص منتكس الفطرة؛ حيث إن الواقعة منذ عام ونصف، ثم إن هناك من حركها الآن.
منذ عام ونصف، أي: مع بداية الحرب الصهيونية على غزة (والتي وضح جليًّا أن مصر مستهدفة منها بصورة أو بأخرى)، ثم إن أحدًا ما حرص على انتشاره أكثر الآن، بينما تنطلق تهديدات مبطنة تارة وظاهرة تارة ضد مصر.
لقد انتقص هذا التاجر المساجد، وانتقص الحجاب، وانتقص هيئة علماء المسلمين الذين يطلقون لحاهم، ولكنه اعترف -من حيث لا يدري- بأن الإسلام دين العفة، فمن يحرم من طريق المسجد يتلقفه تجار الأعراض والأوطان والأديان، ومن تعرف طريق المسجد ستجد من يأمرها بالعفة، وسيجد الشاب من يحذره من التلاعب ببنات الناس.
ثم إن هذا التاجر طلبًا لرواج تجارته (برنامجه) قد أخطأ في الكنيسة مرات:
الأولى: حينما ادَّعى أن من أهم أدوارها أن تجد فيها الفتاة مكانًا لعرض زينتها لعلها تشغل قلب أحدهم.
الثانية: حينما عرض بأنه لن يوجد في الكنيسة من يعترض على هذا.
الثالثة: حينما قدَّم نموذجًا لنصراني لا يحترم ما يجب عليه أن يحترمه من ثقافة الشعب الذي ينتمي إليه.
ولما كنا في ظرف لا يحتمل أي فتن أو صراعات أو تصدعات؛ فالعلاج أن يقوم كل ذي دور بدوره:
الشرطة بما معها من ضبطية قضائية، والنيابة العامة بما هي مخولة به من النيابة عن الشعب في حفظ نظامه العام، وقد كان للنيابة العامة المصرية موقف محمود في التصدي لفتيات التوك توك؛ فهاكم "فتاتهم الكبرى" وإمامة طريقتهم، ورأس أفعتهم؛ فتعاملوا معها كما تعاملتم مع مَن دونها.
والكنيسة: عليها بأدوات الردع التي معها مِن قرارات الحرمان، وغيرها، والبراءة منه ومن مسلكه.
وأما الدعاة إلى الله: فقد يكتفي بعضهم بالرد الإجمالي، ومن جملته في هذا الموطن قول الشاعر:
وَإِذا أَتَتكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ فَهِيَ الشَهادَةُ لي بِأَنِّيَ كامِلُ
بيد أن زماننا لا يجمل فيه إهمال الرد على الشبهات مهما بدا تهافتها، وإذا كان هناك من ارتضت أن تذهب لتحكي همها وشكواها إلى مثل هذا التاجر، ثم يسخر من دينها أمامها وهي مرتعشة لم تملك إلا أن توافقه قائلة: "صح صح!" على هذه البذاءات.
فإذًا فلا بد من بيان دور المسجد، ولا بد من بيان عوة الشريعة الإسلامية إلى العفة كمفهوم متكامل، وأن الحجاب وسيلة من وسائلها، وأسأل الله أن يوفقني أن أكتب مقالًا آخر يتضمن معالجة هذه الجزئيات.
بيد أن ما يلفت النظر غباء ذلك التاجر: لأنه -وفي معرض ما تصوره أنه ينتصر به للنصرانية على الإسلام-: لمز اللحية، وهي سنة نبوية تشيع في المسلمين، ولا تشيع في النصارى؛ بيد أن طائفة منهم تحرص عليها وهم علماؤهم؛ إذًا فما تعيبه عند المسلمين هو شعيرة لعلماء الدِّين الذي تزعم أنك منتمٍ إليه.
ولمز الحجاب: وهو فريضة إسلامية على النساء، ويا للعجب فإن النصرانية المعاصرة أيضًا تلزم بها من ترى أنهن خير النساء؛ فدل هذا على أنه أراد إشعال الفتنة، مع جهله بالإسلام بالطبع، بل وبدين نفسه.
وهذه صيحة تحذير لكلِّ محب لمصر: أن يؤدي كلُّ طرف دوره في الأخذ على أيدي السفهاء؛ لأننا بعد كل كارثة نكتشف أن السفهاء لم يكونوا إلا دمى يحركها مَن هم أشد مكرًا وعداوة.
اللهم هل بلغت. اللهم فاشهد.
تعليق:
آثرتُ أن أكتب عن قضية "أسامة منير"، بينما كانت القضية الأخرى هي الأكثر إيلامًا وإزعاجًا، وهي: قضية طفل دمنهور؛ لأن قضية طفل دمنهور يوجد مجني عليه وله دفاع، وحددت له جلسة محاكمة؛ مما يعني أننا في طريقنا إلى وجود عقوبة حال ثبوت الجريمة، ومن ثم يحدث الردع الذي ننشده من وراء العقوبات، وقبل أن أنشر المقالة كان حكم محكمة جنايات دمنهور قد صدر بالفعل بثبوت الإدانة والحكم على الجاني.
طبعًا هناك جرائم اجتماعية كثيرة جدًّا غير جناية المغتصب: جريمة عدم حسن اختيار المدرسة، والاكتفاء بسمعة المدرسة في عدد مَن يخرج منها من متفوقين، وهذا مطلوب، ولكن نحتاج أولًا أن نبحث عن مدرسة تمارس دورًا تربويًّا، وتعطي عناية خاصة بتعليم الطالب المسلم دينه (ولا يكفي أن ترفع المدرسة هذا الشعار)، بل لا بد من السؤال عن الضبط الإداري والمراقبة السلوكية، ودور المشرفين في المدرسة عن رصد سلوك الطلاب، بل وسلوك من يتعامل معهم من المعلمين والمشرفين والإداريين، وبالطبع يدخل في ذلك المستوى الدراسي، ولكن يجب أن يكون البحث عن المستوى الديني والأخلاقي أولًا.
وبعد صدور الحكم ننبِّه إلى: أن العقاب إنما يكون على من أجرم، وقد صدر حكم بعقاب الجاني، وننصح دفاع الطفل أنه حال تأكده من وجود تسهيل للجريمة من البعض، وتستر من البعض الآخر: أن يجمع الأدلة ويقاضيهم لينالوا عقابهم.
فنسعى لعقاب الجاني، والمعاون، والمسهل له، والمتستر على جريمته، وهذا لا يتسنى للأفراد إلا برفع الأمر للقضاء ومطالبته بإيقاع ما يتيحه القانون من ردع؛ لأن هذا هو الذي يحقق المصلحة المرجوة من الجمع بين ردع الجاني والحفاظ على أمن المجتمع، ومن لم يشترك في الجريمة لا من قريب ولا من بعيد: فنتعامل معه من منطلق قول ربنا -عز وجل-: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (الأنعام: 164).
وننصح بعدم الدخول في أي معارك على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا الخوض في مهاترات تجرئ مجاهيل الإنترنت على السب والشتم وإثارة الفتن.