الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 22 أبريل 2008 - 16 ربيع الثاني 1429هـ

لماذا يُحاسب الإنسان على أعماله وهو لم يخلقها؟

السؤال:

لماذا يُحاسب الإنسان على أعماله، وهو لم يُخلَق بإرادته؛ فلم يختر وجوده في هذه الدنيا، ولم يختر وجود الخير والشر، ولم يختر وجود الإيمان والكفر؛ فكيف يُحاسب على شيء فعله -ولو كان شرًّا- وهو لم يصنعه في الأصل؟ فإذا كان الحساب، فالأولى أن يكون الإنسان غير موجود بدل أن يعذب في الدنيا والآخرة، ومشكلته أنه يؤمن بالله ولا يؤمن بالعذاب الأبدي!

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فهو لم يخلق فِعله، ولكن فَعَله بإرادته وقدرته التي خلقها الله له، فالأب والأم لم يخلقا الولد، ولكنهما أنجباه؛ فما تقول لو ألقياه في الطريق وقالا لمْ نخلقه؛ فلا نسأل عنه؟! أهما مفرطان ومسئولان أم لا؟! قطعًا مسئولان، والإرادة الإنسانية، وكذا القدرة مع السمع والبصر والعقل، وبلوغ دعوة الرسل أساس المحاسبة.

ومَن لم يؤمن بخلود الكفار الذين بلغتهم الدعوة في النار لم يؤمن باليوم الآخر، ولم يؤمن بالله -تعالى- الإيمان الصحيح المقبول، وهو يُكذِّب القرآن، ولا يجوز للإنسان أن يحكم على الله بعقله، فيقول إن الأولى أن يكون كذا وكذا؛ فالله عليم حكيم، نعم حصل الضرر لذلك الإنسان الكافر، وكان الأصلح له ألا يخلق، لكن الأصلح في الجملة والخير في نهاية الأمر في ظهور أثر العدل والحكمة، والقدرة الإلهية، والمصالح العظيمة التي ترتبت على حكمة خلق الشر والأشرار والكفار، ولا يحيط بها علمًا إلا الله -تعالى-.

- ومنها: ظهور آثار أسمائه وصفاته: كشديد العقاب، والعزيز، والجبار، والمنتقم مِن المجرمين.

- ومنها: معرفة المؤمنين عظمة نعمة ربهم عليهم في هدايتهم.

- ومنها معرفة سعة الرحمة والفضل عليهم (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (آل عمران:74).

- ومنها: وجود عبودية المدافعة والمراغمة لأعداء الله التي يحبها الله ممن يعبده وسط مَن يعصيه أكثر ممن يعبده في وسط مَن يطيعه؛ ولذا كان المؤمنون هم خير البرية.