كتبه/ سيد زيان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد قال ربنا -جل وعلا-: (قُل لاَّ يَسْتَوِى الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِى الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة:100).
قال العلامة أحمد شاكر -رحمه الله- في عمدة التفسير لاختصار ابن كثير: "قل يا محمد (لاَّ يَسْتَوِى الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ) أي: يا أيها الانسان (كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) يعني أن القليل الحلال النافع خير من الكثير الحرام الضار، كما جاء في الحديث: "ما قل كفى خير مما كثر وألهى" رواه الهيثمي في الزوائد، (فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِى الأَلْبَابِ) يعني يا ذوي العقول الصحيحة المستقيمة، وتجنبوا الحرام ودعوه، واقتنعوا بالحلال واكتفوا به (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) يعني في الدنيا والآخرة، فالله -جل وعلا- خلق العباد ويعلم ما يصلحهم وما ينفعهم وما يضرهم، وقال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك:14)".
وأرسل -سبحانه- الرسل وأمرهم بالأكل من الحلال الطيب والناس تبعًا لهم، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (المؤمنون:51).
وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) (البقرة:168)، فهنا نجد قيدين ووصفين: الأول كونه حلالًا ليس مِن مكاسب محرمه كالرشوة، والربا وأكل مال اليتيم، وغيره، أما الوصف الثاني كونه طيبًا يعني مستطابًا للنفوس السليمة غير مستقذر في ذاته لا تقبله النفوس السوية حيث يمكن فيه الضرر للآكلين.
وعلى ذلك حرم الله -تعالى- أكل الميتة والدم ولحم الخنزير، وما أهل به لغير الله، قال -تعالى-: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:173).
قال العلامة أحمد شاكر -رحمه الله- في عمدة التفسير: "ولما امتن -تعالى- عليهم برزقه وأرشدهم إلى الأكل من طيبه ذكر أنه لم يحرم عليكم من ذلك إلا الميتة، وهي التي تموت حتف أنفسها من غير تذكية سواء كانت منخنقة -يعني ماتت خنقًا- أو موقودة -يعني ضربت على راسها فماتت من غير تذكية، أو متردية، وكذلك من عدا عليها السبع، وكذلك حرم لحم الخنزير سواء ذكي أو مات حتف أنفه، ويدخل شحمه في حكم لحمه، والخنازير يعيش على القاذورات والقمامة، وهو حيوان مستحيث وأثبتت التجارب الحديثة أن الخنازير تحمل فيروسات والديدان الضارة وأكله يسبب الدياثة، وحرم النبي -صلى الله عليه وسلم- كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير -يعني يفترس به-، وحرم لحوم الحمر الأهلية.
واستثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن تحريم الميتة والدم السمك والجراد، والكبد والطحال، وعلى ذلك تجد أن الشريعة المحمدية الغراء جاءت بكل ما ينفع، وتنهى عن كل ما يضر في الدنيا والآخرة، وصدق
الله -تعالى- إذ يقول: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) (النور:54).
والرسول -صلى الله عليه وسلم- أحل لهم الطيبات وحرم عليهم الخبائث، ويا ليتهم فعلوا ما يوعظون به، ولكنهم عاندوا وصدوا عن سبيل الله، وحاربوا ما جاءت به الشريعة الغراء، أعني بذلك المشركين والوثنيين عباد الأحجار والأبقار والهندوس عبدة النار، وغيرهم أيضًا من أهل الكتاب اليهود والنصارى الذين يستحلون اكل الخنازير، اما الصينيون ومَن كان على شاكلتهم فأمرهم عجيب وما أدرى كيف وصلوا الى هذا العلم الدنيوي الذى بلغ الذروة، ومع ذلك فهم يأكلون الحشرات والكلاب والفئران، ولعل ممن شاهد بعض الفيديوهات بعينه وهم يأكلون هذه الحيوانات والحشرات القذرة لم يستبعد أن يكون فيروس كورونا خرج أصلًا من الصين.
كيف سولت لهم أنفسهم أن يتركوا الطيبات من الإبل والبقر والجاموس، والضأن والماعز، وهي أصناف بهيمة الأنعام؛ فكيف يتركونها، ويأكلون هذه الخبائث؟!
ولا عجب أن نجدهم متعطشين للدماء قلوبهم قاسية لا يرحمون طفلًا صغيرًا، ولا شيخًا كبيرًا، ولا امرأة لأن ما يأكلونه سري في دمائهم فصاروا بهذه الطباع والصفات البشعة والعجيب أنهم ذكروا أن هناك فيروسًا بسبب أكل الفئران والحشرات، فهل يعتبر هؤلاء المشركون من فيروس كورونا الذي لم يصل إلى أحدهم إلى دواء له، والذي أرعبهم وهدد حياتهم ولا يعلمون متى ينصرف!
فهل آن أن يتركوا أكل هذه القاذورات ويقبلوا على أكل الطيبات؟! لا يكون ذلك إلا مِن خلال هداية الاسلام وهل يعتبر اليهود والنصارى بذلك ويتركون أكل الميتة التي يحبس فيها الدماء فتصبح ضارة، وعليهم أن يقوموا بذبحها حتى تكون طيبة نافعه، وكذلك يتركون أكل الخنازير، ولكن لن يكون ذلك إلا بالتجرد وعدم العناد والرجوع إلى الشريعة المحمدية الغراء.
فاللهم مكِّن لدينك في الأرض وافتح له قلوب الناس، وصلى الله على سيدنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.