الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 14 مايو 2019 - 9 رمضان 1440هـ

مصادر القلق مِن مراجعات "القرني"

كتبه/ عبد المنعم الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد أثار الحوار الذي أجراه الدكتور "عبد الله المديفر" مع الدكتور "عائض القرني" في أولى حلقات برنامج "الليوان" في شهر رمضان المبارك 1440هـ جدلًا كبيرًا؛ نظرًا لكثرة وتشعب الموضوعات التي تناولها؛ لا سيما مع ما ورد فيه مِن أن الدكتور عائض القرني يتوجَّه بالاعتذار إلى المجتمع السعودي باسمه وباسم الصحوة ككلٍ عن أخطاء فترة الصحوة (تنبيه: التيار المعروف باسم الصحوة في السعودية هو تيار سروري أو خليط مِن الإخوان والسروريين والمستقلين، كما عرَّفه الدكتور عائض في تلك الحلقة، وبالتالي فيجب عدم الخلط بينه وبين الصحوة الإسلامية بمعناها العام، والتي يمتد تاريخها لأكثر مِن ثلاثة قرون كما سيأتي -إن شاء الله تعالى-).

وقد لخَّص الدكتور "عائض القرني" هذه الأخطاء في ثلاثة أخطاء رئيسية، لكن عند التأمل فيها سنجدها أربعة:

1- الصدام مع الدولة.

2- تهميش كبار العلماء.

3- الوصاية على الناس؛ وهذه تفرَّعت عليها في كلامه قضية أخرى أرى أنها بالفعل قضية رابعة؛ لأنها تختلف عن هذه القضية، وهي التشدد؛ ولذلك سأجعلها قضية رابعة.

4- التشدد.

وفي الواقع: إن هذه الأمور الثلاثة الأولى تمثِّل أكبر أخطاء السرورية، بل وكل التيارات المنبثقة عن الإخوان كما سيأتي بيانه -إن شاء الله-.

وبالتالي فكان المتوقع أن يُقابل اعتذاراه عنها بموجة استهجان مِن الإخوان والسروريين، وقد كان، حتى قال مذيعهم "محمد ناصر": "إذا لقيتموه في الطريق فابصقوا عليه واضربوه بالنعال!".

ولم يكذِّب شباب الإخوان خبرًا؛ فتسابقوا في بث فيديوهات تحمل معظمها معانٍ متقاربة، فيها شتم للرجل وتهديد له بالضرب بالحذاء!

كما كان يتوقع أن يكون في المقابل موضع ترحيب مِن كل مَن كان ينتقد هذا الفكر، ويرون أنه أحد أهم أسباب نكبة الأمة، وأنه أحد أهم أسباب تعثر الصحوة؛ إلا أن هذا الترحيب كان على العكس، كان بدلًا مِنه القلق والخوف مِن ألا تكون هذه الحلقة هي نهاية المطاف.

ويمكننا إجمال أسباب القلق والتوجس مِن هذه الحلقة في الأمور الآتية:

الأول: ما هي الأسباب التي أدت إلى وقوع تيار كبير بهذا الحجم والزخم في هذه الأخطاء؟

الثاني: ما هي الأسباب الشرعية التي تستند عليه هذه المراجعة؟

الثالث: كلام الدكتور القرني عن التشدد والذي أتى الشيخ فيه بالعجائب.

الرابع: امتهان وصف الصحوة الإسلامية.

الخامس: ما هي الرؤية الجديدة التي يقدِّمها القرني بعد المراجعات؟

 وسوف نعالِج الأربعة أمور الأولى في هذه المقالة، ونؤجِّل الخامس لمقالةٍ لاحقة -إن شاء الله-؛ لا سيما وملامح المنهج الجديد الذي ينتوي "القرني" أن ينتهجه يبدو أنه يتجه نحو "الليبرو إسلام"، وهو طرح يتوافر له نقد متنوع ما بين مقروء ومسموع ومشاهد.

- مصدر القلق الأول: الإجمال الشديد في بيان القرني للأسباب التي أدَّت إلى وقوع تيارٍ كبيرٍ بهذا الحجم والزخم في هذه الأخطاء:

ذكرنا أننا نقرُّ "القرني" في الجملة على الأخطاء الثلاثة الأُول؛ لا سيما وهي تمثِّل أبرز الاعتراضات التي كنا -وما زلنا- نأخذها على التيار السروري، وكذلك نقره على ذمِّ التشدد والغلو، لكن كلامه التفصيلي في هذه الجزئية فيه كثيرٌ مِن التخليط، ولكن حتى فيما يخص الأخطاء الثلاثة التي نقره على أنها كانت -وما زالت- مِن أشد أخطاء التنظيمات المنبثقة عن الإخوان "ومنها السرورية بالطبع"؛ فيُلاحظ أن اعتذار الدكتور عائض عن هذه الأخطاء لم يأتِ مِن أرضية راسخة وبيان واضح للخطأ الذي كان، بل اكتفى في تسويغه لوقوعه هو وعامة السروريين في هذه الأخطاء بأمرين دندن حولهما كثيرًا:

الأول: حداثة السن.

والثاني: البُعد عن العلماء.

فأما الأمر الأول: فهذا قد يُجاب عنه: أن رموز هذا التيار استمروا في دفاعهم عن هذه التوجهات في بلادهم، وفي خارجها، ومِن ذلك: الكتاب الأخير للدكتور سفر، وكذلك "نداء الكنانة" الذين أرادوا به تصدير هذه الفكرة إلى مصر "يعني أنهم -وبعضهم جاوز الستين مِن عمره، بل ربما قارب السبعين- ما زالوا يرددون تلك الأفكار!".

وأما الثاني: فيشكل عليه ما حكاه هو بنفسه أن الشيخ ابن باز -رحمه الله- كان يجتمع بهم شهريًّا وينصحهم برفقٍ، لكنهم كانوا إذا خرجوا مِن عنده قال كثير منهم: "لا تسمعوا له؛ لأنه جاهل بالواقع!".

- مصدر القلق الثاني: الإجمال الثاني في بيان الأسباب الشرعية التي تستند عليه هذه المراجعة:

في المقابل عندما أراد القرني أن يبيِّن دوافع المراجعة التي أجراها ركَّز على جوانب، منها:

الأول: أن الصدام مع الدولة أدى للإيقاف والسجن.

الثاني: أنه عوَّل كثيرًا على أن السعودية تحكم بالشريعة، وأن ثمة بيعة شرعية في عنق السعوديين للملك.

فأما الأمر الأول: فلا شك أن هذه مفسدة كان يجب أن تؤخذ في الاعتبار، ولكن كثرة الدندنة حولها قد يوحي أن هذا الكلام ما هو إلا كلام مستضعف، وأنه إذا تغيرت الظروف فسوف يعود لسيرته الأولى -وهو ما رددته أيضًا بعض المنابر الإعلامية التابعة للإخوان-.

وأما الثاني: فلا شك أن إنتاج وأطروحات هذا التيار عبَرَت حدود السعودية، وفتواهم أثَّرت على كثيرٍ مِن الشباب في بلادٍ أخرى، فما هو موقف السروريين في كل بقاع العالم مِن دولهم؟! وهل ينصحون باستمرار افتعال الصدام أم ان هناك تنظيرًا شرعيًّا آخر يعتمد على الضبط الشرعي وليس العاطفي لقضية مراعاة المصالح والمفاسد؟!

- مصدر القلق الثالث: الموقف المضطرب مِن قضية التشدد:

ذكرنا ثلاثة مصادر للقلق مِن مراجعة القرني للقضايا الثلاثة التي وافقناه مِن حيث المبدأ أنها في حاجة إلى مراجعة؛ ليس منه وحده، بل مِن التيارات المنبثقة عن الإخوان بصفةٍ عامةٍ، ومنها: "السرورية".

وهذه الثلاثة هي:

الأول: ما هي الأسباب التي أدت إلى وقوع تيارٍ كبيرٍ بهذا الحجم والزخم في هذه الأخطاء؟

الثاني: ما هي الأسباب الشرعية التي تستند عليها هذه المراجعة؟

الثالث: ما هي الرؤية الجديدة التي يقدِّمها القرني بعد المراجعات؟

وفي الواقع: إن هذه الثلاثة تحتاج أن تُعاد وبدرجةٍ قلقٍ أشد وأعمق فيما يتعلق بقضية التشدد، ويُضاف عليها تساؤلات، منها:

أولًا: ردد القرني كثيرًا أن أزمة ذلك التيار تعود إلى أنه لم يلتزم بكلام كبار العلماء: كابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله-، ثم ذكر أن مِن أزمة هذا التيار التشدد في الفتوى، وفي الواقع فإن هذه تهمة كان يلصقها دعاة هذا التيار بالشيوخ، وليس العكس.

نعم يصدق على هذا التيار أنه كان عنده غلو في التكفير كما قال القرني، سواء كان هذا ناشئًا عن الغلو في قضية الحاكمية أو الغلو في قضية الولاء والبراء، وعدم ضبط المناطات المكفرة مِن غير المكفرة في هذين البابين، ويقل عندهم التكفير بمسائل الشرك الناشئ عن الغلو في الصالحين؛ ربما مراعاة للشراكة مع الإخوان، ومنهم مَن ينتمي للصوفية، وإن كان موقفهم المتذبذب في قضية العذر الجهل يَلزم منه تكفير مَن يصرف العبادة لغير الله جاهلًا دونما إقامة حجة، خلافًا لأهل السُّنة الذين لا يكفِّرون المسلم الذي يأتي بعملٍ كفريٍ حتى تُقام عليه الحجة.

أيضًا: وُجد في هذا الاتجاه لبس بين قضية الإصرار على المعصية وبين قضية الاستحلال، وهو ما أوقعهم في تكفير بعض عصاة المسلمين، ولعل "عائض القرني" كان يشير إلى هؤلاء عندما قال: "إن بعض المنتسبين إلى الصحوة يكون عنده تعظيم لمسألة الوقوع في الكبيرة فيقع في التكفير"، ولكن عندما نتكلم عن الفتاوى التي تتعلق بالحلال والحرام فلا نكاد نعرف مسألة انفردوا بتحريمها عن كبار العلماء، بل ما ذكره القرني كأحد مظاهر التشدد مِن منع الأناشيد لعل الاقرب أن يقال: إن هذا التيار كان يتوسع في الأناشيد على خلاف الشيوخ الذين كانوا لا يحبذون، وربما يمنع بعضهم منها.

ومِن أعجب الأمثلة التي أوردها القرني على التشدد الذي يرى أن صحوته كانت عليه: الكلام على "التدخين!" (مع أن كلامه يحتمل أنه يعني أصل فتوى التحريم تعتبر تشددًا أو أنه يستنكر الاهتمام بإبراز تحريمه مع إقراره بحرمته)، وعلى أيٍّ فلا مجال لوصف هذه المسألة بالتشدد، فتحريمه الآن يكاد يكون متفقًا عليه بين كل مَن يحسن الفتوى بعد ما تبينت أضراره، وهذه الفتوى ليستْ في السعودية وحدها، ولكن أيضًا كانت هناك فتاوى صادرة عن "دار الإفتاء المصرية"، والكثير من دول العالم الإسلامي، وقد قامت "اليونسكو" بحملةٍ لنشر هذه الفتاوى ضمن حملتها في مناهضة التدخين.

وإذا كان معظم الناس يصر على التدخين؛ فإن هذا يستوجب تكرار التحذير منه لا الاعتذار عن التحذير السابق!

ولعل هذا يدفعنا للتساؤل: هل خرج القرني ليعتذر عن منهجه السروري ويعود لـ"فهم كبار العلماء" كما قرر أكثر مِن مرة في الحلقة أم أنه يريد أن يتجاوز هذا وذاك إلى الإسلام الليبرالي الذي تروج له "مؤسسة راند"؟!

وهل دور الدعاة هو ترويج هذا الإسلام الليبرالي طالما أنهم تابوا من مصادمة حكوماتهم وإدخال أتباعهم في موجاتٍ مِن الصدام اللانهائي؟! أم ثمة حل وسط بالإنكار بالحكمة والموعظة الحسنة وبيان الحق والدعوة إليه؟

ومما يزيد القلق في هذا المضمار: عبارات أطلقها القرني في وصف منهجه الجديد تكاد لا تُطلق اليوم إلا ويراد بها المعاني االليبرالية التي تريدها "مؤسسة راند"، ومنها قوله:

- كنت إقصائيًّا؛ فأصبحتُ متعايشًا!

- الإسلام دين السلام العالمي.

- أنا الآن أنطلق مِن التعسير إلى التيسير.

- ومِن التقليد إلى التجديد.

- مِن التنفير إلى التبشير.

وبالطبع فجميع المعاني السابقة لها وجه موافق للشرع، ووجه موافق لـما يريده الغرب منا "وعلى رأسه مؤسسة راند"، وهو أن نعيد تفسير الإسلام ونلوي أعناق نصوصه ليتوافق مع منتجات الحضارة الغربية، وكان يجب -على الأقل- البيان وعدم ترك الأمر للاحتمال المستوي الطرفين؛ فضلًا أن تكون كل القرائن تجعل الاحتمال الأقرب في تفسير هذه العبارات في هذا السياق، أقرب إلى المعنى الفاسد -ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم-.

- مصدر القلق الرابع: امتهان وصف الصحوة الإسلامية:

قدَّمنا مِن قبْل هذا التنبيه: (تنبيه: التيار المعروف باسم الصحوة في السعودية هو تيار سروري أو خليط مِن الإخوان والسروريين والمستقلين، كما عرَّفه الدكتور عائض في تلك الحلقة، وبالتالي فيجب عدم الخلط بينه وبين الصحوة الإسلامية بمعناها العام، والتي يمتد تاريخها لأكثر مِن ثلاثة قرون كما سيأتي -إن شاء الله تعالى-).

ومما يؤخذ على الدكتور عائض أنه خلط أحيانًا بين المفهومين، وكان حريًّا به أن يوضِّح الفرق بينهما بجلاءٍ، لا أن يزيده غموضًا.

ومن ذلك: أنه ذكر أن الملك فهد -رحمه الله- أثنى على الصحوة، وكذلك الشيخ ابن باز والشيخ العثيمين -رحمهما الله-، وبالرجوع إلى تلك الفيديوهات التي أشار إليها سنجد أنها جميعها تقريبًا تتحدث عن الصحوة الإسلامية بمعناها العام؛ فقد تحدث الملك فهد -رحمه الله- عن الصحوة الإسلامية، وأنها قامت بعد الاستعمار لاستعادة العقيدة الإسلامية والثقافة الإسلامية، فحديثه أقدم مِن الكلام على مجموعة عائض القرني ورفاقه.

كذلك كلام الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في جوابه على سؤال عن استشكال حول مصطلح الصحوة الإسلامية، وهل يتعارض مع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) (رواه مسلم)؟ فقال: "لا ينافي هذا الحديث؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقل: لم تزل أمتي، إنما قال: (طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي)، ومعناه: أن هناك طوائف أخرى لا يكونون على الحق، والناس يقولون صحوة بالنسبة لحالهم قبل هذه الصحوة، والنبي -صلى الله عليه وسلم-: (طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي)، ولم يقل: أمتي، وبينهما فرق، وقد نكون في بلدٍ الدِّين فيه ظاهر، وفي بلدٍ أخرى لا".

الشاهد: أن الصحوة وصف للأمة كلما مرت بها حالة تكون أفضل مِن سابقتها، وعلى هذا الأساس يمكن الرجوع للصحوة الإسلامية المعاصرة إلى التاريخ القريب:

فنؤرخ لبدايات هذه الصحوة بسبعينيات القرن العشرين، وستكون الصحوة الإسلامية المصرية السلفية أسبق مِن خروج الإخوان مِن السجن ثم خروج الإخوان، ثم مرحلة العمل المشترك ثم انفصال الدعوة السلفية في عام 1977م، وكل هذا قبل الثورة الإيرانية، بل قامت الثورة الإيرانية والدعوة يومئذٍ قائمة، وكان لها موقف معلن خالفت فيه الإخوان، ونالت نصيبها مِن تشهير الإخوان وبغيهم مِن جراء هذا الموقف -كما هو معلوم-.

وأيضًا: حدثت "فتنة جهيمان" والدعوة قائمة، وكان لها موقفها الواضح والصريح في مسألة ادعاء المهدية بصفةٍ عامةٍ، ومسألة الجهيمان بصفةٍ خاصةٍ.

- وسيكون ظهور الصحوة السعودية متأخرًا بعض الشيء عن الصحوة المصرية، والذي يرجع مَن أرخ لها بعام 1979م، ويقولون: إن الحكومة السعودية هي مَن دفعت في هذا الاتجاه؛ لإيقاف تيار الغلو الذي مثَّله الجهيمان، وللتوازن مع تصدير المد الثوري الشيعي.

- وحتى لو صحَّ هذا؛ فهذا أمر لا يشين أي دعوة قطعًا، فان الداعية لا ينبغي أن يبحث عن المتاعب والصدام، بل ينبغي العكس، والإنكار منصب على هؤلاء الدعاة الذين وجدوا ترحيبًا مِن الدولة أو -على الأقل- احتضنتهم هيئة كبار العلماء وشفعت لهم في كل خطأ ارتكبوه، ونزعت فتيل الأزمة بينهم وبين النظام في كل واقعة، ومنها: "حرب الخليج" التي يرقى ما فعله هؤلاء الدعاة فيها إلى أن يكون عصيانًا مدنيًّا ممزوجًا ببغي وتنكر للجميل للمشايخ! ومع هذا ما زال المشايخ بهم حتى مروا مِن الأزمة!

- كما أن هذا لا يشين الحكام؛ فالأصل أن يسعى الحاكم إلى ترسيخ هوية شعبه واسترداد ما شُوه منها؛ لا سيما بعد فترات الاحتلال، فإن فعل هذا لمجرد هذا الغرض فهذا هو الأصل، وإن تراخى في فعله حتى وجد أن هناك مصلحة ملحة تفرض عليه هذا؛ فلا حرج أيضًا، فهو في النهاية قد فعل ما ينبغي عليه فعله.

- ولا يرى خطأ هذا الأمر إلا مَن يريد أن ينقلب على هوية الأمة وثقافتها، أو مَن يعمم الخطأ ويرى أنه إذا أخطأت مجموعة أو أخطأ جيل، فإن الأمة ككل يمكن أن تُعاقَب بحرمانها مِن هويتها عقابًا لجماعةٍ أو تنظيمٍ!

- ويمكن أن نرجع قليلًا قبل ذلك، إلى عشرينيات القرن العشرين، وعصر الجمعيات الخيرية، مثل: "الشبان المسلمين"، و"الجمعية الشرعية"، و"أنصار السنة المحمدية"، و"الإخوان المسلمين"، هكذا بحسب تاريخ التأسيس إلا أن الإخوان بلا شك أضافت أبعادًا تنظيمية أعلى بكثيرٍ جدًّا مِن أي جمعية خيرية سابقة عليها أو معاصرة لها.

- ولو أردنا أن نرجع أكثر فيمكن أن نرجع إلى عصر صحوة أيضًا، ولكن يختلط فيه السلفي بالعقلاني في القرن التاسع عشر، عبْر محمد عبده، ومحمد رشيد رضا، ومحب الدين الخطيب، وابن باديس، وغيرهم.

- فإذا رجعنا إلى الوراء قرنًا آخر من الزمان، نجد أن الأستاذ محمود شاكر يؤرخ للصحوة بالقرن السابع عشر الميلادي، وتزامن ظهور مصلحين متنوعي الاهتمامات ومختلفي البلدان، أبرزهم: (الإمام محمد بن عبد الوهاب الذي اهتم بالإصلاح العقدي، والشوكاني الذي حارب التقليد والجمود وأعاد للدليل هيبته، والزبيدي في علوم اللغة، والجبرتي الكبير الفقيه الحنفي الذى ترك الفقه وتعلم أصول الصناعة ليحاول سد الثغرة التي اكتشفها مبكرًا مِن أن سرَّ هزائم المسلمين أمام الأوربيين أنهم تقدموا عنا في الصناعة والسباكة (وبالطبع كانت أصول هذه العلوم في ذلك الوقت محدودة، ويمكن لعالم نابه: "كالجبرتي" أن يتقنها متى فرَّغ نفسه لها، وقد كان).

بيان حقيقة تيار الصحوة الذي يعتذر الدكتور عائض باسمه:

بيَّنَّا أن الدكتور القرني قد ترك باب اللبس قائمًا بين الصحوة التي يعتذر باسمها، وبين الصحوة بمعنها العام، وفي الواقع: إن هذا امتداد لأطروحة زرعها السروريون؛ فأنتَ ترى أنهم كيان منظم وأن لهم قراراتهم، فمثلًا: يحضرون مع الشيخ ابن باز ثم يخرجون مِن عنده فيدبرون أمرًا آخر، ويعطون المذكرة للملك ثم يقررون إذاعتها في الإعلام، وبالتالي كان ينبغي عليهم أن يختاروا اسمًا علمًا لهم.

وهذا هو الصواب: أنه متى وجد كيان منظم أن يتسمى باسمٍ يكون علمًا عليه، لا مِن باب التحزب المذموم أو العصبية الجاهلية، وإنما مِن باب أن هذا الكيان طالما سيتصرف تصرفات جماعية ويصدر بيانات جماعية، فالجميع سوف يتفاعل مع هذا موافقة او مخالفة، ومِن العسير جدًّا أن تتحدث عن كيانٍ ما بوصف، وإنما تحتاج اسمًا علمًا تستعمله للدلالة عليه، ولكن القوم قالوا نكتفي باسم أهل السُّنة والجماعة أو بوصف الصحوة، وهذا كان له غرض أن يسهل عليهم استقطاب غيرهم.

وعلى أي لن نقف أمام هذا كثيرًا، ولكن -للأسف- نحن وقعنا الآن فيما هو أشد حيث جاء اعتذاره عن السرورية بالاسم الأشمل الذي يعتز به معظم المسلمين، وهو الصحوة الإسلامية"؛ إلا أنه ذكر في مواضع خصائص تدل على مقصوده:

- ذكر في موضع أنهم الـ 25 شخصًا الذين وقَّعوا على وثيقة النصيحة في عام 1991م.

- ذكر أن بعضهم مستقل وبعضهم إخوان، وبعضهم سروري (لأول مرة يظهر بجلاء استعمال مصطلح سروري لرمزٍ مِن رموز هذا التوجه).

وعمومًا يغلب على هذا التوجه الخليط أن يسمَّى بالسرورية؛ لأجل أن الإخوان الخُلص لهم تنظيمهم، والمستقلون لا تنظيم لهم، فيبقى القطاع الأكثر برزوًا ووضوحًا في هذا التنظيم هم السرورية.

- ذكر أيضًا خصائص فكرية تميز الاتجاه السروري، بل وتضم الجناح القطبي في السرورية أيضًا، منها: السمة العامة التي ذكرها عن الاتجاه أنه يسعى إلى مصادمة الحكام.

ومنها: أن هذا الاتجاه يهمِّش العلماء.

ومنها: أن منهم مَن يعظم شأن الكبيرة حتى يدخل في التكفير (وأظنه يشير إلى ما ورد في كلام كثيرٍ منهم مِن الخلط بين الإصرار والاستحلال، أو ما ورد في كلام البعض الآخر من اعتبار المجاهرة بالذنب استحلالًا له ويرتب عليه تكفير كثير مِن أصحاب الذنوب والمعاصي على خلاف مذهب أهل السُّنة والجماعة؛ بدعوى أن هؤلاء مستحلون بإصرارهم أو بمجاهرتهم، وقد أقام النبى -صلى الله عليه وسلم- الحد على الرجل الذى كان كثيرا ما يؤتى به فى الخمر وفي ذات الوقت نهى عن لعنه؛ مما يدل أن مجرد الإصرار على المعصية، بل على الكبيرة أو المجاهرة بها وإن كان يزيد مِن جرمها وإثمها؛ إلا أنه لا يكفر بها صاحبها.

أو لعله يشير إلى ما شاع في هذا الاتجاه لا سيما عند الدكتور "سفر الحوالي" مِن الانتصار للقول بكفر تارك أيّ مِن المباني الأربعة: (الصلاة والزكاة والصوم والحج)، ورَمَى مَن خالف فى تلك المسائل بالبدعة أو الكفر! مع أن معظم علماء الأمة لا يكفِّرون بترك شيءٍ مِن هذه الأربعة، وأن هذا القول هو إحدى الروايات عن الإمام أحمد -رحمه الله-، والرواية الأخرى الموافقة للجمهور رجحها "ابن قدامة"، ومال إليها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وهي الأقرب للدليل؛ لحديث الشفاعة وغيره، وليس هذا موضع بسط هذه المسألة.

أو يشير إلى ما يُعرف عندهم بمسألة: "تكفير تارك جنس العمل"، ويعنون بها أنه لا يصح الإيمان إلا بفعل شيءٍ مِن عمل الجوارح، وبالتالي يقولون بكفر تارك عمل الجوارح بالكلية، وعامة أهل العلم يرون أن الإيمان لا يصح إلا بتصديق القلب وعمله مع نطق اللسان بالشهادتين، ومنهم مَن يرى أنه لا يصح إلا أن يأتي بالصلاة أيضًا أو يأتي بها هي والزكاة، أو يأتي بالمباني الأربعة، وفيما عدا ذلك هم متفقون على أن الأعمال الواجبة هي مِن واجبات الإيمان ينقص الإيمان بفقدها، ولكنه لا يزول، وأن الأعمال المستحبة هي مِن مستحبات الإيمان التى يكمل ويزيد إيمان مَن فعلها عن الإيمان الواجب.

وأما مسألتهم تلك؛ فلم يطرحها أحد مِن الجمهور ممَن لا يكفر تارك الصلاة، ومَن يكفر تارك الصلاة مستغنٍ عنها أصلًا، وبالتالي فهي مسألة جدلية تمامًا؛ فضلًا عن كونها غير قابلة لتحقيق مناطها مِن عدمه عند التطبيق على الأعيان، ومع هذا صاغوها مسألة اعتقادية ثم زعموا أنها مِن أصول أهل السنة، وجعلوها مسألة يوالون ويعادون عليها، بل ورتبوا عليها الكثير مِن التبعات الخطيرة!

ومنها: "غلوهم في قضية الحاكمية"، ويتمثل في أمور:

1- زعمهم أن قضية الحاكمية هى مِن باب الإيمان المجمل كما ذكر ذلك الدكتور عبد العزيز العبد اللطيف في كتابه: "نواقض الإسلام القولية والعملية"، وهذا يترتب عليه أمور، منها:

أ- عدم صحة إيمان الكافر الذي فهم معنى لا إله إلا الله مِن حيث الإجمال، ولم يفهم أن مِن معانيها تحكيم الشريعة.

ب- الحكم بتكفير المعين الذي يخل بقضية الحاكمية دون اعتبار لجهل أو تأويل، وقد شاهدنا هذا جليًّا بعد 3-7 في مصر، وغيرها من البلاد.

ج- وهذا هو عين تنظير جماعة "التوقف والتبيُّن"، وكتاب "حد الإسلام" لعبد المجيد الشاذلي؛ بيد أن الدكتور "عبد العزيز العبد اللطيف" اقتصر على قضية الحكم، في حين أن كتاب "حد الإسلام" توسع في هذا الباب فتكلم عن (الحكم والولاية والنسك).

2- حتى من الناحية الاصطلاحية؛ فعامة أهل العلم يذكر قضية الحكم كإحدى فروع توحيد الألولهية المستند بطبيعة الحال إلى توحيد الربوبية، ولكنهم غالبًا ما يفردونه بقسم (وهذا الأمر لو انفرد لقيل فيه: لا مشاح في الاصطلاح، ولكنه عندما يأتي في سياق مظاهر أخرى مِن الغلو في هذه المسألة؛ فلا شك أن هذا يعد واحدًا مِن مظاهر الغلو تلك).

3- الأثر العملي لإدراك أهمية هذه القضية عند هؤلاء القوم لا يكون بتعليم الناس الشريعة والدعوة إلى تحكيمها في كل شئون الحياة؛ فندعو إلى أن يطبِّق الإفراد الشريعة على أنفسهم، وندعو مؤسسات الحكم إلى تطبيق الشريعة بين الناس، ولكنهم غالبًا ما يكون أثر الاهتمام بهذه القضية عندهم مصادمة الحكام والاستعلاء على العوام الذين لا يشاركونهم السعي إلى تطبيق الشريعة، بل وازدراء العلماء الذين يطالبونهم بالتعقل بالفهم الشامل للإسلام وإنزال كل مسألة منزلتها، والحكمة في التصرفات ومراعاة المصالح والمفاسد، وهي الأخطاء الثلاثة التي اعترف بها د."عائض القرني".

ومنها: غلوهم في قضية الولاء والبراء، والمتمثل في عدم ضبط الفارق بين المناط المكفر وغير المكفر في هذا الباب حتى في الأبحاث التفصيلية التي قدموها في هذه القضية، وهو ما انعكس على انتشار تيار التكفير في اتباعهم في مصر بعد 3-7، إذ جعلوا ما ليس مِن الموالاة منها، ثم لم يكتفوا بإدخالها في باب الموالاة حتى جعلوها موالاة كفرية؛ لأنهم لا يتصورون مِن الموالاة إلا ذلك!

وكما ترى؛ فإن كل هذه الأمور تستوجب الاعتذار ليس إلى المجتمع السعودي فحسب، بل إلى الأمة الإسلامية بصفةٍ عامةٍ "وإلى الصحوة الإسلامية" التي تعثرت بسبب إصراراهم على هذه الأخطاء رغم تحذير العلماء المتكرر لهم، بصفةٍ خاصةٍ.

تنبيه:

ما ذكره العلامة "محمود شاكر" بشأن تلك اليقظة التي حدثت بدون ترتيب قادها مصلحون متباعدو الديار، شُوهد مثله في السبعينيات حيث وُجد توافق عجيب بين كثيرٍ مِن رموز الصحوة على الحاجة إلى العودة إلى الدين، وهو ما يؤكِّد أن العامل القدري هنا كان هو الأكثر تأثيرًا، ثم تلقفته قلوب الشباب، وبارك الله في تلك الجهود.

وقد شهد بذلك أحد الباحثين (مع أنه ناقد للصحوة)، فقرر أن تلك الحالة التي تنتشر بين ملايين البشر لا يقدر عليه فرد ولا تنظيم ولا دولة، وأن مَن يزعم أن هذه الصحوة من إنتاجه؛ فليرنا كيف يمكنه أن يجمع هذه الملايين مرة أخرى على فكرة أخرى غير الالتزام؟!

وأن الذي يحدث أن تتتابع أحداث فتنتج آثار، ولا يكون في خلد أي أحدٍ ممَن يتعاطون مع تلك الأحداث أنه يمكن أن تبلغ هذا المبلغ.

فائدة:

تبني سياسة مصادمة الحكام ليس حكرًا على السرورية، وهو أمر زرع بذرته الأستاذ "حسن البنا" في رسالة المؤتمر الخامس عام 1938م مخالفًا بذلك مسلكه قبل هذا العام، ومنذ ذلك التاريخ وهذه الفكرة متوارثة في الإخوان، وفي كل التنظيمات المنبثقة عنها، ومناقشة هذه القضية تفصيليًّا لا يتسع له المقام هنا.

وأما ما ذكره مِن الوصاية على الناس: فحقيقته أنه نابع مِن الاستعلاء على الناس، وهي قضية أيضًا متوارثة مِن ذات الرسالة، وليست من إنتاج الأستاذ "سيد قطب" كما يظن الكثيرون؛ إلا أن "سيد قطب" زادها عمقًا وحدّة، وأضاف إليها بُعدًا عقديًّا، بخلاف الاستعلاء الإخواني الذي ينبع مِن النظر بعين التضخيم لعمل الإخوان على الأرض منذ نشأتها، وحتى تاريخ مؤتمرها الخامس عام 1938م ثم ما جاء بعده، وأما ما ذكره مِن تهميش العلماء فهو ليس مجرد تهميش للعلماء بقدر ما هو تهميش للعلم الشرعي لصالح الاجتهاد السياسي.

وقد يكون مستغربًا إذا قلنا: إن جماعة الإخوان أضرت كثيرًا جدًّا بمسألة العلاقة بين الدين والسياسة؛ لأنها بلا شك لا تنادي بالفصل بين الدين والسياسة، وهذا حق لأن الإسلام فيه تشريعات صنَّفها الناس اليوم بأنها سياسية في ضوابط بين الحاكم والمحكوم، ومِن منعٍ مِن منكراتٍ معينةٍ، ومِن تنظيمٍ لأسس الاجتماع والاقتصاد، وبالتالي فالفصل بين الدين والسياسة ما هو إلا تركٌ ورد لبعض ما أنزل الله.

هذا فيما يتعلق بتنظيم الدول والمجتمعات، وأما ما يتعلق بالسلوك السياسي في أحوال الاتفاق والاختلاف، فثمة ضوابط للمصلحة والمفسدة تُضبط بها الأمور بيَّنها أهل العلم وضبطوها غاية الضبط، ولكن جماعة الإخوان تتخذ قراراها السياسي المحض (والذي -وللأسف- غالبًا ما يكون خطأ حتى من الناحية السياسية) ثم تطلب مِن العلماء المنتسبين إليها أو المتعاونين معها إيجاد حجج شرعية له!

وهذا ما جعل الجماعة والجماعات المنبثقة عنها تقع في تناقضاتٍ فجةٍ وفقًا لموقفها السياسي؛ فإذا تعاونت الجماعة مع حاكمٍ قبلوا منه واعتذروا عنه، كما هو الحال الآن في تركيا وقطر وتونس، والتي جاء رد فعل حزب النهضة (وهو أحد الأحزاب المنبثقة عن الفكر الإخواني) هادئًا وناعمًا أمام رجل يقول: "لا شأن لنا بالقرآن والسُّنة!"، بينما يصدرون فتاوى التكفير لأخطاءٍ دون ذلك بكثيرٍ في بلاد أخرى، وبناءً عليها ينادون بالعنف أو الصدام سواء كان مسلحًا أو حتى غير مسلح، مثل دعوات تعطيل السيارات، ومنع الناس مِن الأضحية أو نصيحتهم بعدم حج التطوع، كما أفتى مفتي ليبيا المحسوب على جماعة الإخوان!

خاتمة: علماء أهل السنة؛ لله درهم كم يحملون مِن همٍّ ويتحملون مِن بغي؟!

تذهب معظم التحليلات والتي كتبها رموز مِن التيار القومي السعودي، بل والتيار العالماني إلى تفسير صبر الحكومة السعودية على هذا التيار المشاغب بأن ابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله- قد احتضنا ذلك التيار، واحتضنا معه التيار المدخلي، وحاولا إصلاح كل منهما، وحاولا إصلاح العلاقة بينهما، وفي حرب الخليج قرر هؤلاء الدعاة إسقاط هيبة المشايخ فأصَّلوا لما أسموه: فقه الواقع (وهو نوع مِن التقعر في الكلام لإيهام أن ثمة جديد، وليس إلا أن الفتوى هي معرفة الواقع ثم البحث عن حكم الله في مثل هذا الواقع وإسقاط هذا على ذاك)، وبعد ما جعلوه فقهيًّا مزاحمًا للفقه وللعلم، شنَّعوا على المشايخ أنهم يجهلونه!

والآن وبعد وفاة الشيخ ابن باز -رحمه الله- بسنواتٍ، نعلم مِن شهادة "عائض القرني" أن "ابن باز" -رحمه الله- كان يخصص لهم جلسة شهرية يناصحهم فيها، وأنه سمع مِن بعضهم بأذنيه تجهيله في الواقع، وأظن أنه بلغه الكلام الجارح الذي يقولونه إذا انصرفوا مِن مجلسه، وأنه استمر على ذلك؛ أملًا في الحفاظ على الخير الذي في دعوتهم، وأن عائضًا بعد ما خالف نصيحة الشيخ وشارك في تقديم نصيحة للملك ونشرها على الإعلام، أراد بعضهم أن يورطه في صدام شخصي مع الحكومة (وللأسف فإن الصدام الشخصي في كثيرٍ مِن الاحيان يكون له حسابات أخص وأضبط عن معظم مؤيدي دفع الشباب للصدام مع الحكام)، فلم يجد إلا الشيخ ابن باز فأعفاه مِن الحرج وتحمله عنه!

فلله در أهل السنة في كل عصر؛ هم كما وصفهم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "يعرفون الحق، ويرحمون الخلق".

هم شجرة النخيل التي ضربها النبي -صلى الله عليه وسلم- مثلًا للمؤمن، يرميها الناس بالحجارة فتلقي إليهم بأطيب الثمر، ولا شك أن سيرتهم فيهم تسلية لنا لما نجده مِن تلاميذ أولئك القوم، فهكذا تستمر الابتلاءات، والسعيد مَن ثبته الله في السراء والضراء، وعند مدح الناس وعند ذمهم، والسعيد مَن لقي الله وحسناته كما هي لا يسأله الناس منها شيئًا، بل هو الذي يسألهم.

نسأل الله أن يستعملنا ويثبتنا على دينه، وأن يستعملنا في نصرة سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.