الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الجمعة 26 أبريل 2019 - 21 شعبان 1440هـ

نقطة ومِن أول السطر

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي، أبناء الدعوة السلفية وحزب النور، جزاكم الله خيرًا على الجهد الذي بذلتموه؛ نسأل الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن يجعله خالصًا لوجهه، وأن يجعله في ميزان الحسنات.

ونسأله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أن يكون سببًا لنصرة الشريعة، فإنما تحَرّكنا وعملنا مِن أجل هذه المسألة؛ أن يكون ذلك خطوة إلى الأمام على طريق تطبيق شرع الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الذي هو ركن مِن أركان التوحيد والإيمان (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (يوسف:40)؛ لا نتراجع كما يريد أعداء الأُمَّة إلى التحاكم لغير شرع الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- تأصيلًا وتطبيقًا.

أُذَكِّر نفسي وإخواني بنقاط نحتاج أن ننتبه لها:

نحن -بحمد الله تَبَارَكَ وتَعَالَى- لَم نَطلب مِن أحدٍ -لا مِن العامة ولا مِن الخاصة- جزاءً ولا شكورًا؛ فلا تلتفتوا إلى ثناء أحدٍ وشكره، كما أنكم لَم تَطلبوا مالًا مِن أحدٍ، بل بذلتم مِن أموالكم وجهدكم، وتفرغتم لهذا الجهد الكبير، جزاكم الله خيرًا؛ فلا تَطلبوا ثناء أحد ولا تفرحوا به؛ فإن الفرح بذلك مقدمة لطلب الرياء والسمعة، ومقدمة لأن يكون هذا هم الإنسان، فيُبنى العمل في القلب على هذا الأمر، فلابد أن تُبنى أعمال قلوبنا على الإخلاص لله -عَزَّ وَجَلَّ-، وعدم الالتفات إلى مدح الناس وذمهم، خصوصًا مَن كان مدحهم شين وذمهم زين.

وكذلك لا تتألموا مِن ذَم مَن يذم، وسَبّ مَن يسب؛ فإن ذلك قَدَر الله -عَزَّ وَجَلَّ- في كل مُصلِح، والسابقون في ذلك هم الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-، فذم أهل البدع والمناهج المنحرفة ثناءٌ في حقيقة الأمر، وثوابٌ جزيل، لكن لا تضيعوا أوقاتكم فيه أخذًا ورَدًّا؛ فالقوم أكثرهم -إن لم أقل كلهم- لا يناقش ولا يبحث عن حجة؛ فلماذا ننقل كتاباتهم وتعليقاتهم وأنواع سبهم وشتمهم؟!، لماذا نقرأها ابتداءً؟!

إن مِن أهم ما يريح القلب مِن مسألة ذم الناس وشتمهم ألا نلتفت إليها.

وكذلك لا توطنوا أنفسكم على أن كثيرًا مِن المادحين سيستمرون على مدحهم؛ بل توقعوا بعد حينٍ أن يتحول مدحهم ذمًّا؛ لأنهم ما قاموا بذلك حبًّا لمنهجكم وطاعة لربهم، وإنما فعلوا ذلك لمصالح سرعان ما تتغير؛ فلا تبتئسوا إذا وقع غير ذلك، والحمد لله الذي أعزنا وأكرمنا بأن لم يجعل عملنا في مقابل دنيوي، سواء كان مالًا أو طعامًا أو شرابًا، أو كان مدحًا أو فرارًا مِن الذم، ولقد وَطَّنَّا أنفسنا عندما قررنا الرفض أننا سيصيبنا أشياء مِن ذلك وأشد منه، أو كان على الأقل الاحتمال في ذلك، وقد استعددنا لهذا؛ فالحمد لله عافانا الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ورضي منا بنيتنا، نسأل الله أن يرضى عنا وأن يكون قد رضي منا نِيَّتنا؛ فلا تبتئسوا إذا وقع شيءٌ مما لا ترغبون فيه.

ثم إنني أؤكد على إخواني أننا قد انتهينا من مهمة وعلينا مهمات أُخَر؛ فلم يبقَ إلا أيام ويدخل علينا شهر رمضان، وقد شُغلت أوقاتنا خلال هذه الأيام الثلاثة الماضية بأعمال غير قراءة القرآن، وغير الصلاة والقيام، وغير الدعوة وطلب العلم وتلاوة أحاديث النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسماعها؛ فعودوا إلى ذلك أكرمكم الله، ولا تتركوه أبدًا، فإنما أعزكم الله -عَزَّ وَجَلَّ- بهذا؛ فأكثروا من الطاعات والذكر، عسى الله أن يَمُنَّ علينا بقلوبٍ خاشعة في رمضان، وصيام وصلاة وقيام لليلة القدر واعتكاف، اعزِموا على الخير وانووه يُكتب لكم أجر ذلك، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً) (متفق عليه)، جزاكم الله خيرًا ووفقكم وبارك فيكم.  

لا شك أن ظهور الإخوة والأخوات بهذا الحضور القوي سوف يستفز أناسًا كثيرين يكرهون الدعوة، ويكرهون الحزب، ويكرهون المنهج الذي ساروا عليه.

وأنا أنصح الإخوة والأخوات:

أولًا: بتجنب نشر هذه المقاطع أو المنشورات؛ لسنا في حاجةٍ إليها، خصوصًا مَن نعلم يقينًا أنهم لا يمكن أن يقتنعوا بحوار! لماذا تنقلون على صفحاتنا وعلى مجموعاتنا مثل هذه الكلمات؟! وهل كل شخص يصله شيء يقوم بنشره؟ ثم نقوم بالرد على كلامه؛ سيترتب على ذلك تضييع عمر كبير جدًّا؛ يكفينا ما ضاع منا أثناء الحملة؛ فعلينا أن نستغل الأوقات في غير ذلك، أما إذا كان هذا الأمر فعلًا يؤثر على الآخرين سلبًا فهنا نرُد، وإلا فلا نشغل أنفسنا بالنقل والمشاركة والردود.

هناك أمر آخر أحب التنبيه عليه: وهو أن تشويه صورة المنتقبات والمُلْتَحين، مثل أخ ملتحٍ في سفارة من السفارات لا نعرفه ولا يعرفه الإخوة -ومِن العادي جدًّا في هذه البلاد أن يكون ملتحيًا- يحرِّك العلم المصري بطريقة الله أعلم بها، وُضع عليها موسيقى وربما كانت موجودة، وقيل هذا رجل من حزب النور يرقص على أنغام أغنية فلانة الفلانية، وأخوات استترن بستر الله -أعني منتقبات- يرقصن رقصًا قبيحًا جدًّا، قيل إنه أمام أحد اللجان- وأنا أجزم أن هذا ليس مِن إخوة وأخوات حزب النور، وأن هذا الكلام صُنع، إن كان حقًّا قد حدث أن هؤلاء لبسنَ النقاب من أجل تشوية الصورة، ونشرتها بعض المواقع المعروفة بعدائها المستمر -وإن كانت مضطرة بالأمس، لنشر صور الأخوة والأخوات- تحاول علاج الآثار لظهور صور الإخوة والأخوات، وفتح الباب أمام المناوِئين أن يتهمونا بذلك.

والله ما أَمرنا، ولا رضينا، ولا يوجد أحد ينتمي إلينا يفعل ذلك، لا رجال ولا نساء؛ لذلك أقول لمن ينشر ذلك: اتقوا الله -عَزَّ وَجَلَّ- ولا تنشروا عنا ما لا نرضاه؛ فإن هذا مِن الغيبة والنميمة والكذب، ليس مَن يفعل ذلك منتميًا إلينا، وإن فعل فإثمه على نفسه، وإلا فلو قيل المسلمون كلهم زناه؛ لأنه وجد فيهم واحدٌ زانٍ؛ ما تقولون في ذلك؟ هل هذا من شرع الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-؟

نسأل الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن يُلهمنا الرفق والصواب.

فنصيحتي للإخوة والأخوات في هذا الوقت الذي تمَكَنَّا فيه مِن التواصل مع الناس في أمرٍ هم يكرهونه أو لا يريدونه ومع ذلك أقنعنا طوائف كثيرة أو اقتنعوا بنا أو نحو ذلك؛ أن نستغل هذا الأمر في الدعوة إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ-؛ في أن نكلمهم في الصلاة، نكلمهم في رمضان، نكلمهم في التوحيد الذي مِن أجله قام حزبنا على ذلك، أعني أن الحكم لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) (الأنعام:57)، مِن أجل ذلك رفضنا أولًا، ثم قبلنا ثانيًا عندما وُجِد التفسير الذي ينفي فصل الدين عن الدولة، والحمد لله رب العالمين.

فلنستغل هذا الأمر، والكل يفتح أبوابه ويرفع يديه شاكرًا، نستغل هذا الباب في إقامة دين الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وجزاكم الله خيرًا.