الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 16 يناير 2019 - 10 جمادى الأولى 1440هـ

الصاحب ساحب! (2)

كتبه/ مصطفى دياب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

أيها المربي الغالي:

إن احتواء الأبناء خاصة في سنِّ المراهقة أمر ضروري؛ فلا تجعل قسوتك حاجزًا يتسبب في فساد ابنك دون أن تشعر.

احذر أيها الوالد أن تسلم ولدك لأصدقاء السوء بقسوتك وسوء تعاملك.

أخي الحبيب في مرحلة المراهقة:

إن الصداقة الزائفة تجر إلى:

1- السلوك الهدام.

2- الابتذال.

3- قلة التقدير مِن أصدقائك لك، فترى الصاحب السيئ قد يسب صاحبه ويهينه في صورة مزاحٍ! فهذه الصفات السابقة تبيِّن لك أن هذه الصداقة زائفة، وأن الصديق غير سوي، فينبغي أن تبتعد عنه.

قال سفيان الثوري -رحمه الله-: "ليس شيء أبلغ في فساد رجل وصلاحه مِن صاحبٍ"؛ فليس شيء أشد في الإفساد أو الإصلاح مِن الصحبة، فالتوفيق إلى صحبة صالحة تأخذ بيدك إلى الخير، وتنصحك بالابتعاد عما يغضب الله، تُعد نعمة تستحق الشكر الكثير لله -عز وجل-.

قال ابن الجوزي -رحمه الله-: "ليس الميت مَن خرجت روحه مِن جنبيه، وإنما الميت مَن لا يفقه ماذا لربه مِن الحقوق عليه".

والصديق السيئ ينسيك حق الله عليك، ولا يذكرك بها إذا نسيتها، بل يأخذ بيدك لتبتعد عن طريق الله؛ فهو يجعلك كالميت لا تعرف حق الله عليك.

إذًا لابد للإنسان مِن الصحبة، ولكن على أي أساس نختار صحبتنا؟

معايير الصداقة والصحبة الصالحة:

1- حسن الخلق: فلا تصاحب بذيء اللسان الفاحش، فما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- فاحشًا، ولا بذيئًا.

2- يعينك على طاعة الله، ويقودك إلى الخير دائمًا: فعندما طلب موسى -عليه السلام- مِن الله -تعالى- أن يرسل معه هارون، قال: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي . هَارُونَ أَخِي . اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي . وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي . كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا . وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا) (طه:29-34)، فكان الطلب ليكون عونًا له على طاعة الله، والدعوة إلى الله.

3- الاحترام المتبادل، فلا تصاحب من يهينك أو يسبك أو ينتقص من قدرك.

4- الإيثار والصدق في المعاملة.

5- عدم التدخل في الخصوصيات، وعدم السؤال عما لا شأن له به.

6- مقارب لك في السن وفكريًّا واجتماعيًّا؛ لأنك -مثلًا- لو صاحبت شخصًا أعلى منك فكريًّا فستشعر معه بالإحباط؛ لأنه متقدم عليك دائمًا، ولو صاحبت شخصًا أقل منك فكريًّا، فإن الغرور سيدب إلى قلبك؛ لأنك ستشعر أنك أفضل منه، فصاحِب مَن هو مقارب لك في السن والفكر، وتعاونا معًا على التقدم والارتقاء والتطور، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني)؛ لأن المؤمن لن يفشي سرك، وهو يريد الخير لك دائمًا، ويدلك ويعينك عليه. (وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ)؛ لأنه يتقوى به على الطاعة ولا يتقوى به على المعصية.

أخي الحبيب... انظر مَن تصاحب، فأنت تتأثر بأصدقائك، فإن كانوا صالحين فلا شك أنك أيضًا ستكون صالحًا، وإن كانوا غير ذلك فإنهم سيكونون سببًا -لا محالة- في بُعدك عن طريق الله.

وتذكر دائمًا أن الصاحب ساحب.

وصلى الله على محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.


مواد ذات صلة