الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأحد 30 أبريل 2017 - 4 شعبان 1438هـ

في ذكرى انفجار مفاعل "تشيرنوبل" الروسي (3)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد تسبب انفجار مفاعل "تشيرنوبل" في أبريل 1986م في سقوط الكثير مِن الضحايا، ففي وقت الحادث تعرض 176عاملاً كانوا في النوبة الليلية بالمفاعل، و268 عاملاً بموقع مجاور للبناء لإصاباتٍ شديدة، وتعرض رجال الإطفاء لحروق خطيرة مِن مكافحة نيران بلغت خمسة آلاف درجة فهرنهيت، كان يتبخر الماء عندما يلامسها، بالإضافة إلي تعرضهم لأشعة بيتا الحارقة، وتضرر رئاتهم بتنفس الأدخنة السامة الساخنة.

وقد تم نقل 299 مِن العاملين وجنود الإطفاء إلى موسكو جوًّا، لحاجتهم إلى رعاية مكثفة، وقد اتخذت إجراءات طبية وأمنية صارمة في المستشفيات التي استقبلت المصابين؛ إذ تبيَّن انتقال الإشعاع مِن العينات المأخوذة منهم للتحاليل إلى الأجهزة في المعامل، وتم استخدام كافة الوسائل الطبية الممكنة لحماية الأطباء والتمريض، والفنيين بالمستشفيات مِن التلوث الإشعاعي؛ بالإضافة إلى قياس نسب الإشعاع بعدادات (جايجر) لكل مَن يدخل أو يخرج مِن المستشفيات المستقبلة للحالات المصابة.

وقد تعرض العشرات مِن ضحايا التعرض للإشعاع إلى تلف النخاع العظمي، وهي حالة تسبب وفاة صاحبها في غضون أسبوعين، مما استلزم إجراء عمليات زرع نخاع للعديد منهم ممن لم تصب أعضاؤهم الحيوية الأخرى بتلفٍ يهدد حياتهم، وذلك بسحب نخاع مِن أقارب لهم متبرعين.

وقد تسببت الرياح التي هبت مِن ناحية الشمال الشرقي وقت الانفجار في انتقال الإشعاع مِن "تشيرنوبل" بأوكرانيا في غرب الاتحاد السوفيتي إلى الدول الإسكندنافية في غرب أوروبا، وتلوث أجوائها.

وبعد تسعة أيام -أي في الخامس مِن مايو- تحولت الرياح تجاه (كييف) عاصمة أوكرانيا، وثالث أكبر مدن الاتحاد السوفيتي والتي تبعد عن "تشيرنوبل" بنحو خمسين ميلاً، فرفعت مستوى الإشعاع فيها إلى ثمانين مرة فوق المعدل الطبيعي؛ لذا صدرت التعليمات للسكان بإغلاق النوافذ، وإزالة الأتربة مِن فوق ثيابهم إذا اضطروا للخروج مع الاستحمام يوميًّا، وقصر شراء الأطعمة على المتاجر التي يتم فحصها بانتظام.

وفي منتصف مايو تم إجلاء الأطفال عن المدينة كإجراء وقائي، مع غسل الأبنية والشوارع يوميًّا، ومع انجراف المياه مع الصرف الصحي تلوث نهر (الدنييبر) الذي تصب فيه، مما دفع السلطات في وقتٍ لاحق إلى التعامل مع هذا التلوث.

ولم يسلم الناجون ممن تعرضوا للإشعاع مِن خطر الإصابة بالسرطانات والعاهات البدنية، وتشوه أطفال الحوامل وإصابتهم بالتخلف العقلي.