حكم الاستعاذة بالمخلوقين والأماكن!
السؤال:
قال ابن القيم -رحمه الله-: "المُستعاذ به هو الله وحده، رب الفلق ورب الناس، ملك الناس، إله الناس الذي لا ينبغي الاستعاذة إلا به، ولا يُستعاذ بأحدٍ مِن خلقه، بل هو الذي يعيذ المستعيذين ويعصمهم ويمنعهم مِن شر ما استعاذوا مِن شره" (بدائع الفوائد). وقال أيضًا: "ولما كان الشيطان على نوعين: نوعٍ يُرى عيانًا وهو شيطان الإنس، ونوعٍ لا يُرى وهو شيطان الجن؛ أمر -سبحانه وتعالى- نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يكتفي مِن شر شيطان الإنس بالإعراض عنه والعفو، والدفع بالتي هي أحسن، ومِن شيطان الجن بالاستعاذة بالله منه" (زاد المعاد).
وقال العلماء: "يجوز الاستعاذة بما يَمكن التعوذ به مِن المخلوقين مِن البشر أو الأماكن أو غيرها!".
والسؤال هو: هل اختلف العلماء فمنهم مَن قال إن الاستعاذة لا تكون إلا بالله، ومنهم مَن قال تجوز بشروط؟ ولو كان الأمر كذلك؛ فما هي الكتب التي يمكن أن أطلع عليها في هذا الباب أم أنا أخطأت في الفهم ولا خلاف بينهم؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمَن هؤلاء العلماء الذين نقلتَ عنهم جواز الاستعاذة بهذه الألفاظ؟!
إنما يُستعاذ بالحي الحاضر فيما يَقدر عليه، ولا يُستعاذ على الغيب إلا بالله -سبحانه-؛ فعن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه-: "أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ غُلامَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ، قَالَ: فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ، فَقَالَ: أَعُوذُ بِرَسُولِ اللهِ، فَتَرَكَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَاللهِ لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ)، قَالَ: فَأَعْتَقَهُ. (رواه مسلم).
فالغلام كان يقول: "أَعُوذُ بِاللهِ"، فلما رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَعُوذُ بِرَسُولِ اللهِ"؛ فدل ذلك على التفرقة بيْن حالة الحضور وحالة الغياب. (راجع فتح المجيد - وفضل الغني الحميد - المنة شرح اعتقاد أهل السُّنة).