الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 06 فبراير 2017 - 9 جمادى الأولى 1438هـ

هل يؤخذ مِن قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ) إثبات صفة الظل لله -تعالى-؟

السؤال:

ما المقصود بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ) في حديث: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ -تَعَالَى- فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) (متفق عليه)؛ لأني قرأتُ أن المراد بذلك ظل عرش الرحمن -سبحانه وتعالى-، فهل هذا صحيح؟ وإن كان صحيحًا: أليس هذا يعد تأويلاً؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فبإجماع أهل العلم أن المخلوقين لا يحلون بصفات الله، ولا يكون الظل إلا على أرض المحشر، ويحل فيه مَن كان مِن هؤلاء السبعة، ومَن ورد به الدليل، ولا يُعد هذا تأويلاً؛ لأن المضاف إلى الله: إما إضافة صفة، أو إضافة تشريف.

فالمضاف إن كان عينًا؛ فهذا بالاتفاق إضافة ملكية أو تشريف، مثل: "عيسى روح الله - آدم روح الله - جبريل روح الله - ..."؛ فهذه الإضافات بالاتفاق هي إضافة تشريف، وكذلك: "بيت الله - وناقة الله" إضافة تشريف، و"أرض الله" إضافة ملكية.

وإذا كان المضاف إلى الله معنى؛ فيُنظر: هل هذا المعنى يقوم بالله أم يقوم بغيره؟ فإن كان يقوم بالله فهو إضافة صفة، وإن كان هذا المعنى يقوم بغير الله كان هذا إضافة تشريف، ولم يكن إضافة صفة.

ولذلك نقول أن ما ورد في الحديث: (يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي)، فهذا معنى أضيف إلى الله، لكنه يقوم بالعبد وليس الرب (قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَّا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ؟)(رواه مسلم)، وكذلك ظلّ الله قام بأرض المحشر، وحلَّ فيه المخلوقون؛ فليس هذا مِن أحاديث الصفات أصلاً حتى يُقال هذا تأويل! بل هذا فهم لمعنى الإضافة؛ فهذا مضاف إلى الله، لكن على ليس على جهة أنه معنى قام بالله -تعالى-، وإنما هو إضافة مِلك وتشريف.