الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
السبت 07 مايو 2016 - 30 رجب 1437هـ

حول ضرب الجيش المصري لمواقع "داعش" في ليبيا

السؤال:

كيف نجيب يا شيخنا الكريم على هذا الإشكال حول موقف دعوتنا السلفية مِن "داعش" و"الجيش المصري" حيث هناك مَن يقول إن "الدعوة السلفية" متناقضة في موقفها مِن "داعش"، ففي الوقت الذي تعلن فيه الحرب على "داعش" وتحذر منها وتذمها، فإنها تتعاطف مع الأقباط الذين قتلتهم "داعش"، بل سكتت "الدعوة السلفية" على ضرب الرئيس "السيسي" والجيش المصري لـ"داعش" في ليبيا وقتل جنوده لهم مِن أجل الأقباط المسيحيين، ومعلوم أن دم المسلم لا يُسفك لأجل كافر، مع أن "الدعوة السلفية" في نفس الوقت لا تعتبر أن "داعش" كفار، مما يجعل البعض يقول بأن "الدعوة السلفية" تعتبر "السيسي" ولي أمر يجوز له ضرب أي مكان دون أن تنكر عليه، بينما أنكرت أن يكون "مرسي" ولي أمر شرعي! والذي أطلبه مِن فضيلتك:

1- بماذا نجيب على سكوت "الدعوة السلفية" على ضرب الجيش المصري لـ"داعش" في ليبيا مِن أجل قتلهم للأقباط المصريين، وهم مسلمون -أقصد داعش- لا يجوز قتلهم بسبب قتلهم لكفار؟

2- أنا أعلم أننا لا نعتبر الرئيس "السيسي" -ولا غيره مِن حكام العصر الحديث الآن- ولي أمر شرعي، لكن ما جواب هذا السؤال: هل يجوز لأي حاكم أي يضرب دولة مسلمة أو جماعة كـ"داعش" مِن أجل ظلمها أو ضلالها سواء كان ولي أمر شرعي أو رئيس عادي؟ وجزاك الله خيرًا شيخنا الكريم، ونفعنا بعلمك.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فـ"داعش" ونحوها مِن جماعات التكفير قـَتلتْ مِن المسلمين في سوريا، والعراق، وليبيا مَن لا يحصيهم إلا الله "بالأدلة الموثقة"، فهم جمعوا بيْن التكفير وسفك الدم الحرام؛ فهل يتصور عاقل لزوم تركهم يعيثون في الأرض فسادًا؟!

وقتلهم للأقباط نقضٌ منهم لعهد الأمان الذي دخل به هؤلاء الأقباط إلى ليبيا، وهم مِن الأجراء الذين لو كانوا حربيين لما شُرِعَ قتلهم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما وُجدت امرأة مقتولة في إحدى الغزوات: (أَدْرِكْ خَالِدًا فَقُلْ لَهُ: لا تَقْتُلْ ذُرِّيَّةً، وَلا عَسِيفًا) (رواه أحمد وأبو داود، وقال الألباني: حسن صحيح). والعسيف هو الأجير.

فهل عندما نقول يحرم قتلهم، ونستنكر ذلك؛ يقولون تتعاطفون مع الكفار، وتعلنون الحرب على المسلمين؟! وهل كون "داعش" مسلمين يبيح لهم سفكَ الدماء المحرمة، ولزوم السكوت عليهم؟! وهل كون الأقباط كفارًا يعني إباحة سفك دمائهم بغير حق؟!

وأما أن المسلم لا يُقتـَل بكافر؛ فهذا عند الجمهور القائلين به "ونحن منهم" إنما هو في القصاص لا في استحقاق القتال، والخوارج "ومنهم داعش، وأمثالها" مستحقون للقتال، ورئيس الدولة مسئول عن حماية رعايا دولته، ووجود فوضى وخراب في بلدٍ فـَقـدَ سلطان حكومته لصالح جماعات الضلال والانحراف ليس مبررًا للإنكار على رئيس الدولة الدفاع عن رعاياه ولو كانوا كفارًا؛ فهم دخلوا إلى "ليبيا" بمقتضى جوازات السفر المصرية، ووفق القواعد المعمول بها بيْن البلدين، وبيْن دول العالم؛ فمن نقض هذه العهود استحق العقاب في الدنيا والآخرة، وإذا امتنعوا بقوة السلاح فلا يمكن تركهم يزدادون فسادًا في الأرض حتى يقتلوا مزيدًا مِن الأبرياء مِن مسلمين وغير مسلمين!

2- نحن نقول عن "السيسي" أنه رئيس الجمهورية، وعليه القيام بمسئولياته وفق العقد الذي بينه وبين الشعب "وهو الدستور"، كما كنا نقول عن الدكتور "مرسي" أنه رئيس جمهورية حال رئاسته قبل سقوطه، ولا يعني هذا إسقاط مسئولية أي منهما عن مواطنيه.