كتبه/ ياسر عبد التواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فالسخرية والاستهزاء كلاهما محرم بسبب الأذى الذي يسببه للآخرين، كما قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ)(الحجرات:11)
ومعنى السخرية: الاستهانة والتحقير، والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يضحك منه، وقد يكون ذلك بالمحاكاة في الفعل والقول، وقد يكون بالإشارة والإيماء، وإذا كان بحضرة المُستَهزَأ به لم يُسَمَّ ذلك غيبة، وفيه معنى الغيبة إن كان بصدق، وإلا فهو بهتان. قالت عائشة رضي الله عنها: حاكيت إنساناً فقال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَا يَسُرُّنِى أَنِّى حَكَيْتُ رَجُلاً وَأَنَّ لِى كَذَا وَكَذَا) رواه الترمذي، وصححه الألباني، وقال ابن عباس في قوله -تعالى-: (يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا)(الكهف:49)، إن الصغيرة التبسم والاستهزاء بالمؤمن، والكبيرة القهقهة بذلك.
أضف إلى ذلك أن المستَهزَأ به قد يكون أفضل منك عند الله -تعالى- فتستجلب بذلك غضب الله عليك، لأنه -سبحانه- يغضب لأوليائه.
وأهل السخرية يشبهون المنافقين الذين سخروا من الصحابة فـَذُمُّوا وذُلُّوا، قال -تعالى-: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ)(التوبة:65).
وقال -تعالى-: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)(البقرة:14).