كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فالله -عز وجل- هو مالك الملك، مُدبر الأمر، المحيي المميت، المبدئ المعيد، الفعَّال لما يريد، أخذ بناصية قلب عبده المؤمن إليه، وأسبغ نعمته عليه، وعرَّفه بأسمائه وصفاته وأفعاله، فشهد آثارها في الكون، فازداد إيماناً على إيمانه، وحباً له على محبته، وتقرباً إليه فوق تقربه.
والرضا بالله مُدبراً معيناً، رباً إلهاً لا شريك له، وعنه -سبحانه- في ما نحب ونكره، سبب عظيم من أعظم أسباب رضاه عنَّا، الرضا الذي لا سخط بعده، القرب الذي لا بُعْدَ بعده.
فإني والله لا أحتمل البُعد عنه لحظة من العمر، ووالله لو لم يكن من عذاب أهل النار إلا البعد عن ربهم وحجابهم عنه، وعلمهم بسخطه عليهم لكان أعظم عذاب يمكن تصوره، فنعوذ بالله من سخطه وعقابه، وشر عباده، فكيف وأهل النار في عذاب بطعامهم وشرابهم وتنفسهم (لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ)(الأنبياء:100)، في ملابسهم وفي فراشهم، وفي غطائهم، اللهم إنا نعوذ بك من النار.
إن نعمة الله على عباده المؤمنين بالحب في الله من أجلِّ النعم وأعظمها، وهي قرينة نعمة الهداية إلى الإسلام بعد الضلال، وإن هذا الحب ليسقى بماء الاجتماع على الطاعة ويترعرع بالصبر على البلايا، ويُثمر أعظم الثمار بالرضا بالله وعنه -سبحانه وتعالى-.
وإذا شعر الإنسان بأن الكون حوله معه على طريق واحد، وبينه وبينه تعلق، وهذا الأمر يجد آثاره في وجوه الخلق، والقبول بين عباد الله المسلمين، فإنه جزء من نعيم الجنة الذي يحصل للعبد ثمرة لحب الله لعبده ورضاه عنه.