الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الجمعة 15 أغسطس 2025 - 21 صفر 1447هـ

بيان من "الدعوة السلفية بمصر" بشأن تصريحات مجرم الحرب "نتنياهو" حول سعيه لإقامة "إسرائيل الكبرى"

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فقد صَرَّحَ مجرم الحرب "بنيامين نتنياهو" بتصريحات خطيرة، وغير معتاد أن تصدر من الجانب السياسي الرسمي للصهاينة؛ إذ قال: "إنه يحمل رسالة تاريخية وروحية تجاه إسرائيل الكبرى!".

وبعد هذه التصريحات نؤكد على التالي:

- إنَّ ما قاله نتنياهو يدق ناقوس الخطر، فالرجل يُصرِّح بسعيه -كرأس الكيان الصهيوني- للاستيلاء على العديد من دولنا العربية، والتي تمتد من النيل إلى الفرات؛ فعلى مصر والسعودية، والأردن، وسوريا، ولبنان والعراق، أن تبصر مستقبل الصراع، وأن تحفر خنادقَها من الآن؛ أما باقي الدول فهي ليست بعيدة عن الأطماع الصهيونية، فكلُّ مَن يعرف كيف يفكر العقل الصهيوني يدرك أن الشهية الصهيونية في زمن "العلو" لا تقف عند حدٍّ، بل تستثمر كل الفرص، وتلتهم كلَّ ما يمكن التهامُه.

- ولماذا لا تتبجَّح إسرائيل وهي ترى بعضَ الدول تبادر إلى الدخول في الاتفاقات الإبراهيمية، والتي تهدف إلى تجريد المسلمين من عقيدتهم إلى عقيدة ضالَّة، في الوقت الذي تتحرك فيه قيادات الصهاينة وَفْق عقيدتهم الفاسدة؟! فمن نبوءة إشعياء المزعومة لعربان جدعون، إلى رسالة نتنياهو الروحية حول "إسرائيل الكبرى"، يريد نتنياهو أن يُضفي على نفسه شيئًا من القداسة، وأن يُضيفَ إلى عباءة رئاسة وزراء الكيان: عباءة الرسالة الروحية والتاريخية!

- إنَّ حلم التوسع هو حلم جميع الصهاينة؛ سواء انطلقوا من منطلق ديني أو من منطلق أمني لفرض مناطق عازلة شاسعة تُوسِّع عمقَهم الإستراتيجيَّ، وما يسبق عملية التوسع على حساب دول الجوار هو تفكيك دول الجوار، واستمالة الأقليات بها -كما يحدث في سوريا-، وبسط السيادة الجوية عليها -وهو ما نراه في لبنان وسوريا والعراق، وأخيرًا إيران-.

- فعلى دولنا العربية والإسلامية أن تُبصِر وتُحلِّل ما حلَّ بمحور المقاومة المزعوم، وكيف أن إسرائيل أجهزت على ساحاته واحدة بعد الأخرى، وكانت حريصة حين تهجم على ساحة أن تُحيِّد باقي الساحات ليسهل عليها تمزيق تلك الساحات وقضمها ساحة بعد أخرى.

- وعلى دولنا العربية والإسلامية أن تعلم أنها إن لم تتحد اليوم على خطة رشد لمواجهة تلك الغطرسة الصهيونية، فقد يصعب عليها أن تُواجِه الصهاينة وهي مجتمعة.

- إنَّ الصهاينة يسيرون في خطى لا تَخْفَى على المتابع، فبعد دول محور المقاومة المزعوم، ها هي توجه سهامَها نحو دولٍ كانت تسميها لعهد قريب دول الاعتدال! أما التصنيف الحقيقي الذي أخبرنا الله به؛ فهو: أن الصهاينة يرون غير اليهود صنفًا واحدًا "أُمِّيِّين" يستحلون دماءَهم وأعراضَهم وأموالَهم؛ قال الله -تعالى-: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران: 75).

- إنَّ مناشدة المجتمع الدولي للإدانة أو التحرك أشبه بنداء الصم أو الأموات؛ لقد شاهد العالم المتحضر الصهاينة وهم يقتلون الأطفال، والنساء والشيوخ، ولم يُحرِّك ساكنًا!

لقد شاهد المجتمع الدولي الصهاينة وهم يدمِّرون غزة ويمحونها من على الخارطة، ولم يطرف لهم جفن!

لقد شاهد المجتمع الدولي الصهاينة وهم يقتلون الطواقم الطبية والمسعفين والصحفيين، ولم يلقِ بالًا! لقد شاهد المجتمع الدولي حصار الصهاينة لأهلنا في غزة حصارًا بلغ حدَّ المجاعة، بل وقتل مَن خرج ينتظر المساعدات، ووقفت أمريكا ضد توجيه إدانة بائسة من مجلس الأمن!

- إنَّ إسرائيل لا تخشى الإدانات؛ لذلك لا بد أن يتبع تلك الإدانات إجراءات، فيَسَع الدول العربية أن تجتمع على عدم الموافقة على الاتفاقات الإبراهيمية ردًّا على الصلف الصهيوني، ثم تتجه لتفعيل اتفاقات عربية حول الدفاع المشترك.

- يسع الدول العربية أن تسعى لعزل الكيان دبلوماسيًّا واقتصاديًّا، لتشعر إسرائيل أن العرب لا يكتفون بالإدانات الخافتة فقط.

- إنَّ الضغوط العربية ينبغي ألا تتوقف عند الصهاينة، بل ينبغي أن تتعداهم لتصل إلى الأمريكيين والأوروبيين، وكلِّ مَن له مصالح مع الصهاينة، ولا يريد أن يخسر العرب والمسلمين.

- ويأتي على رأس الإجراءات العربية والإسلامية: دعم صمود الشعب الفلسطيني، وتقديم كلِّ صور الدعم له، فهو حائط الصد الأول ضد طموحات التوسع الصهيونية، وضد غطرسته وعربدته؛ فالطريق ليس ممهَّدًا تمامًا أمام مجرم الحرب نتنياهو، بل هو يُواجِه ضغوطًا من أُسَر الرهائن، ومعارضة من الجيش نسبية، وقبل كلِّ ذلك يُواجِه شعبًا فلسطينيًّا يأبى أن ينسى أو أن يندثر منذ عام 48.

- لقد اجتمع لليهود من صفات القبح ما لم يجتمع لغيرهم: فهم قساة القلوب؛ قال الله -تعالى-: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً) (المائدة: 13)، وقال -تعالى-: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) (البقرة: 74).

- متصفون بالجشع والطمع والحرص على الحياة الدنيا؛ قال الله -تعالى-: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ) (البقرة: 96).

وكراهية المسلمين: قال الله -تعالى-: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) (المائدة: 82).

- وإساءة الأدب مع الله: قال -تعالى-: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ) (المائدة: 64).

قال السعدي -رحمه الله-: "(وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) (المائدة: 64)، فلا يتآلفون، ولا يتناصرون، ولا يتفقون على حالة فيها مصلحتهم، بل لم يزالوا متباغضين في قلوبهم، متعادين بأفعالهم، إلى يوم القيامة. (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ) ليكيدوا بها الإسلام وأهله، وأبدوا وأعادوا، وأجلبوا بخيلهم ورجلهم، (أَطْفَأَهَا اللَّهُ) بخذلانهم وتفرق جنودهم، وانتصار المسلمين عليهم".

فاللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.

الدعوة السلفية بمصر

الجمعة 21 صفر 1447هـ

15 أغسطس 2025م