الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 06 مايو 2024 - 27 شوال 1445هـ

الشركات الأجنبية

كتبه/ كريم صديق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

ففي أحد إعلانات شركة (أوبر) الأمريكية، جذب انتباهي شابًا وفتاة يجلسان في مكان عام يتناولان مشروبًا، وفي أثناء حديثهما أبدى الشاب رغبته في الزواج بالفتاة، فقامت بإخراج الهاتف وفتحت تطبيق أوبر الذي أحضر لها سيارة على الفور، وغادرت المكان مسرعة!

استوقفني هذا المشهد: فتاة تجلس إلى شاب حتى إذا طلب إليها الزواج غادرت المكان، إن فكرة الإعلان ترسِّخ العلاقة بين الشباب والفتيات ولكن خارج نطاق الزواج؛ فبإمكاننا أن نجلس سويًّا في إطار الزمالة بعيدًا عن نطاق الزواج!

وإعلان آخر لشركة اتصالات أجنبية: تصور كيف كانت فعَّالة في تقوية الأواصر بين شاب وفتاة في كل مراحل حياتهما بدءًا من الطفولة حيث كان المشهد لطفل يجري وراء الحافلة التي تستقلها صديقته، ثم تتوالى المشاهد التي تجمع بين الحبيبين!

إن فكرة العلاقة بين شاب وفتاة خارج نطاق الزواج تحضر بقوة في مثل هذه الإعلانات؛ هذه واحدة من الأفكار المسمومة التي ترعاها الشركات الأجنبية -على سبيل المثال-، وانظر كيف ترعى هذه الشركات الفنانين أصحاب المضمون المبتذل؟!

وكيف تغدق عليهم الأموال الطائلة من خلال الدعاية والإعلان؟!

إن الاستثمارات الأجنبية في بلادنا لم تعد مجرد سلعة تقدَّم للمواطن، بل إنها استطاعت من خلال الدعاية أن تبث أفكارًا، وتنفث سمومًا من شذوذات الغرب التي لا تتفق وقيمنا الإسلامية.

إن مروجي المحتوى الهابط سيجدون ألف يد تمتد إليهم لتأخذ بهم إلى القمة، سيعملون في مجال الدعاية، سيجدون راعيًا لمحتواهم التافه، مهما استهجن الناس سوء المحتوى فستجد شركة أجنبية تقدم عقد رعاية لهذا الفنان، أو لذلك اللاعب.

جامعة أجنبية تمنح شهادة تقدير للفنان (كزبرة)، وجامعة أجنبية أخرى تقيم حفلًا كبيرًا لـ(نمبر وان!)؛ كان على هذه المؤسسات التعليمية التي تعنَى بتربية النشء أن تكرِّم العلماء، ولكنها أبت أن تجعل القدوة إلا في هؤلاء الذين يقدمون الفن الرخيص!

إن الغزو الفكري اليوم في بلادنا يقوم على أكتاف هذه الشركات الأجنبية التي اتخذت من الدعاية والإعلان وسيلة للترويج لمنتجها أولًا، ووسيلة لهدم القيم والزج بالتافهين ليكونوا القدوة لأبنائنا ثانيًا، لقد نجحت هذه الشركات بقوّتها الناعمة فيما عجز عنه المندوب السامي وقت الاحتلال العسكري عن طريق الدعاية التي تدخل كل بيت ويشاهدها كل إنسان.

لم تعد الدعاية مجرد ترويج لمنتج أو سلعة بقدر ما باتت تنشر فكرة خبيثة، أو خُلُقًا ذميمًا من خلال محتواها الذي ينفذ إلى عقولنا.