الأسرة بين الإسلام والغرب (3)
كتبه/ سامح بسيوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فما زلنا مع أمثلة للمفاهيم والقوانين التي يحاول أعداء الأمة تمريرها في هذه الأوقات تحت غطاءات متنوعة؛ لتقويض نظام الأسرة في الإسلام، والقضاء عليه وهدمه:
2- تقييد سن الزواج ومحاولات رفعه بصورة مستمرة:
من الأمثلة الأخرى التي تدفع فيها المنظمات النسوية المدعومة من الغرب، وتحارب من أجلها على كافة المستويات: "تقييد سن الزواج ومحاولة رفعه تدريجيًّا، ومنع تعدد الزوجات"؛ حيث يتم دعم هذا التوجه من الدول الغربية بكلِّ ما أوتيت من قوة تحت مزاعم حقوق المرأة -وكذبوا في ذلك-؛ فهذا تضييع لحق المرأة البالغة أو الأرملة أو المطلقة في تلبية احتياجاتها الفطرية والإنسانية والنفسية بطريقة شرعية تحفظها وتصونها من الانحراف والضياع.
وفي ذلك أيضًا دفع لتأخير زواج الشباب والفتيات، والذي يتم بناء عليه محاولاتهم لتفريغ شهواتهم الجبلية -في واقع مستعر بوسائل تحريك الشهوات- في غير مساراتها الشرعية، مما يؤدي إلى انتشار الزنا بين الشباب، واختلاط الأنساب، وكثرة أولاد الشوارع، والعلاقات في غير الإطار الشرعي والتي تساهم في كثرة حوادث القتل في المجتمع -كما يحدث الآن بكثرة بين الطلبة والطالبات في الجامعات-، وهذا كله يصب في إحداث الفوضى المجتمعية المرادة والمخطط لها من أعداء بلادنا.
والعجيب أنهم في ذلك يحاولون تمرير تلك المطالبات وفرضها دستوريًّا وقانونيًّا تحت قاعدة تستند على "حق الحاكم في تقييد المباح"، والتي يضعونها في غير محلها من أجل أن يمرروا بها توجهاتهم تلك في تقييد سنِّ الزواج أو منع التعدد؛ لذلك فإن بيان أمر هذه القاعدة من الأهمية بمكان حتى نعي الأمر على حقيقته؛ فإنه إن كان لولي الأمر "حق تقييد المباح للمصلحة العامة" كما بيَّن العلماء؛ إلا أن تقييد المباح بصورة الأمر العام بحيث لا يكون مختصًا بظرف أو حالة استثنائية ألجأته إليه -كفوات مصلحة عامة أخرى أو حدوث ضرر عام أخر- يُعد هذا التصرف من قبيل التشريع العام، وهذا ليس من صلاحية البشر.
وحيث إن الظروف والأحوال الطارئة التي تمر بالناس والمجتمعات لا تكون دائمة، وإنما تنتهي بعد فترة قد تطول أو تقصر؛ لذا ينبغي أن يكون التقييد أو الإلزام متعلقًا بذلك الظرف أو تلك الحالة، فيوجد بوجودها ويزول بزوالها؛ فإذا زال الظرف أو الحالة زال التقييد والإلزام، وأما التقييد أو الإلزام الدائم الذي لا يستند إلى ظرف معتبر ملجئ إليه، أو كان يستند إلى مصلحة متوهمة مصادمة للكتاب أو السنة أو الإجماع؛ فهو تشريع، وليس ذلك من صلاحية ولي الأمر المسلم أو غيره؛ فالتشريع حق خالص لله، كما أن مَن قال مِن العلماء بحق ولي الأمر في تقييد المباح جعل لذلك ضوابط، نتكلم عنها في المقال القادم -بإذن الله-.