كتبه/ وائل رمضان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد قطعتِ الشريعةُ الإسلامية أي سبيل يمكن أن يؤدي إلى اختلاط مفهوم الرجولة بمفهوم الأنوثة، فحافظت الشريعة على رجولة الطفل الذكر ونمَّت عنده حاسَّة المسؤولية والإقدام والشهامة، كما حافظت أيضًا على أنوثة الطفلة، وحرصت على تنميتها وتزكيتها لمصلحة الأنثى؛ قال الله تعالى: "ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون"، ولعل المتابع لواقع بعض الشباب اليوم يرصد بعض التغيرات العميقة في هذا الجانب، ويتساءل: بماذا أصيبت الرجولة؟!
إننا نرى شيئًا مختلفًا جدًّا عمَّا يجب أن يكونوا عليه، شيئًا مختلفًا عما تربينا عليه وأحببناه واحترمناه؛ إننا أمام تركيبة بدأت بالاختفاء التدريجي في سلوكيات وتصرفات، وطرق تفكير وتعامل مِن قِبَل نسبة كبيرة من الشباب، الذين كانوا -ولوقتٍ ليس بعيد- يجاهرون بعلامات رجولتهم على الملأ، بنحنحاتهم الخشنة، ومشيتهم الواثقة، وثقتهم العالية؛ مما يجعلهم مصدرًا يُحسب حسابه، من الكبير قبل الصغير.
إنني أحزن كثيرًا على مقدرات الرجولة التي بدأت بالتلاشي التدريجي، بين أكتاف الشباب ورؤوسهم، وحناجرهم، ووقع أقدامهم، ولا ندري على مَن نعتب بالضبط؟!
هل نعتب على الأهل الذين فقدوا بوصلة التحكم في أولادهم منذ زمن؛ بسبب آلة الغرس الثقافي التغريبي، والتي فعلت فعلها في تدمير العلاقات الأسرية الأصيلة، أم نعتب على كثيرٍ من المدارس والجامعات التي فقدت مقومات التربية الصحيحة والرشيدة، أم نعتب على المجتمع ككل، والذي أصبح اهتمامات كثير من أفراده اهتمامات تافهة لا قيمة لها، وتغيرت عندهم كثير من القِيَم والمعايير.
إنَّ تأنيث الرجال أصبحت صناعة تجري على قدم وساق، وليست مجرد دعوات متفرقة هنا وهناك، فحتى في وسائل التجميل أو المكياج صارت هناك خطوط إنتاج خاصة للرجال، وتستخدم كوريا الجنوبية وحدها منها 20% من إجمالي سلع مساحيق التجميل للذكور في العالم!
في تصريح له قال "dp sharma" مدير شركة "لوريال" العملاقة ببريطانيا في مقابلة مع صحيفة التليجراف عام 2017: "هناك اليوم فئة قليلة من الذكور يستخدمون منتجات المكياج، لكن هذه الفئة تنمو بصورة مطردة، أعتقد أن هذا مجرد وعي، الذكور حاليًا يعلمون أنهم بإمكانهم أن يستخدموا المكياج، فالتابوهات الاجتماعية تندثر بالفعل، منذ خمس سنوات مضت كان التفكير في الرجال وهم يضعون المكياج لا يتعدى الكحل أو الخضاب، لكن في يومنا هذا لا يحتاج إلى أن يكون كذلك، فيمكن للذكر أن يستخدم كافة المنتجات التجميلية، وختم كلامه متنبئًا بأن المتاجر الكبرى ومتاجر الأدوية أمامها من خمس إلى سبع سنوات كي يتم تعميم المنتجات التجميلية للذكور فيها"، وهكذا يسلبوا من الرجال مظهرهم الرجولي، وتتغلغل الصفات الأنثوية إليهم، وتتآكل صفات الرجولة فيهم إلى الأبد.
إنهم لا يسعون فقط لسلب المظهر الرجولي من الشباب، وإنما هدفهم الأساس سلب صفات الرجولة وجعلها تتآكل في قلوبهم؛ فالأمر ليس مقتصرًا فقط على المظهر، ولا على التصرفات، وإنما سيؤدى أيضًا إلى فقدان أهم خصائص الرجولة الذاتية تدريجيًّا، مِن: الشهامة، والنخوة، وعزة النفس، والشجاعة، وحب القيادة، وتحمل المسؤولية.
إنهم يسعون لسلب غيرة الرجل على زوجته وأمه وأخته، وفوق ذلك قد يتطبع بالصفات الأنثوية؛ فتتولد عنده ميول جنسي تجاه الذكر -أي: الشذوذ الجنسي-.
إنها حلقة متصلة من الفساد والإفساد إذا بدأت تكاد لا تنقطع أبدًا، ولذلك حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من تشبه جنس بجنس آخر، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء".