الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 02 يناير 2019 - 26 ربيع الثاني 1440هـ

العنف ضد المرأة... حقيقة الأمر!

كتبه/ أحمد أبو عطا

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فـ(العنف ضد المرأة) حملاتٌ مستعرةٌ في ديارنا بلافتاتٍ، ومؤتمراتٍ، وندواتٍ، وشعاراتٍ، ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.

نحن لا نحتاج كمسلمين إلى أن تذكِّرنا المنظمات العالمية المشبوهة في صورة منظمات المجتمع المدني بحقوق المرأة، حيث تضع لنا القواعد التي على أساسها نسير في قضايا حسمتها شريعة الإسلام لأهلها منذ قرونٍ طويلةٍ.

إن سبب أي تقصير في حق المرأة، وأي عنف تجاهها -إن وجد-؛ لهو البُعد عن الإسلام، وليس البعد عن وصايا تلك المنظمات "المشبوهة" التي ابتدعها النظام العالمي؛ للتدخل في خصوصيات الشعوب الإسلامية خصيصًا كجزءٍ مِن الحرب الثقافية والفكرية لمسخ هويتها، وإفساد نسائها اللاتي هن "ركائز المجتمع" وسكنه.

إننا لن نمل مِن تكرار أن الإسلام كرَّم المرأة على كافة المستويات: كرمها أُمًّا؛ فجعل صحبتها أحق مِن صحبة الأب بثلاث درجات، وكرَّمها زوجة بفرض معاشرتها بالمعروف وكل ما يلزم ذلك مِن حقوق النفقة والإطعام والكسوة، والسلوك والأخلاق، وأحكام وآداب النكاح والطلاق، وكرمها بنتًا بالحض على الإحسان إليها وربط الفوز في الآخرة بذلك، وكرمها أختًا وعمةً وخالةً وقريبةً ففرض صلة الرحم، وفرض عولها إذا كانت في كنف قريبها مِن الذكور، وكرمها بصفةٍ عامة بصيانتها بالحجاب والستر، وبجعلها شقيقة الرجل في الأحكام الشرعية؛ إلا ما اختص كل منهما به مراعاة لطبيعتها الرقيقة المختلفة عن طبيعة الرجل.

إن قضايا مثل ختان الإناث، وزواج الصغيرات، والاغتصاب الزوجي، والتسوية في الميراث، إلخ، لا يتكلم فيها إلا مَن لا خلاق لهم ممَن اقتفوا آثار تلك المنظمات المشبوهة تحت شعاراتٍ براقةٍ؛ لجذب ضعاف القلوب.

وإذا كانت المرأة تحتاج إلى مَن يرفع عنها تلك القيود والتشريعات الإسلامية؛ فلماذا لا يحتاج الرجل إلى مَن ينادي له بتحليل الذهب والحرير، ورفع التكاليف المادية عنه تجاه الأسرة، أو رفع الجهاد عنه مثلًا؟!

إن علاقة الرجل بالمرأة في الإسلام ليستْ ندية عدائية، وإنما أخوية تكاملية؛ فللرجال خُلقت النساء، ولهن خُلق الرجال.

إن أي تعامل مع هذه القضية مِن منظور أن الممارسات الخاطئة والمخطئة تجاه المرأة في ديار الإسلام سببها الأحكام الشرعية لا أخطاء الأفراد في بُعدهم عن منهج الإسلام؛ لهو تجنٍ واضح على شريعة الرحمن (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك:14).

إن المتأمل في واقع إحصائيات العنف ضد المرأة وتنوع أشكاله وصوره يجد أن الغرب قد تبوأ فيه دركات الردى، وشعارهم معنا في ذلك: "رمتني بدائها وانسلت!".

إننا لا نحتاج إلى أن نذكر ماهية المرأة في تصورات العولمة الحديثة، وإلى الانحرافات الأخلاقية في الميديا التي تشكل المرأة النصيب الأكبر مِن سلعتها، والسؤال: ألا يُعد هذا عنفًا ضد المرأة؟!

فيا معاشر المسلمين... عضوا على دينكم بالنواجذ، وأحسنوا إلى الرجال والنساء مِن منطلق الأحكام الشرعية لا الإملاءات الخارجية.