الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 08 أكتوبر 2018 - 28 محرم 1440هـ

عَد النِّعَم!

كتبه/ سامح بسيوني

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمِن أعظم الاعمال التي ننساها -أو نتناساها- في خِضَم طغيان الحياة المادية علينا، وتطلعنا إلى تحسين أحوالنا المعيشية والحياتية، هي تلك الأعمال التي تدفع عن الانسان الهم والغم، وتعظِّم في قلبه الرضا وتزيد مِن امتنانه ومحبته لربه على عطائه ونعمته، ومِن أعظم هذه الأعمال التي يجب أن نكررها دائمًا هي: "جلسات عد النعم"، فقد قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) (فاطر:3)، وقال أيضًا: (فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الأعراف:69).

ونحن جميعًا في حاجة إلى ذلك؛ لأن الإنسان منا إن غفل عن نعم الله عليه، فإن هذا يدفعه للجحود وعدم الرضا عن حاله، والغرق في بحور الهموم والغموم؛ لا سيما إن نظر المرء إلى ما عند الآخرين، وتعامى عن خير الله عليه؛ فإن هذا مِن شأنه أن يجعله ساخطًا على وضعه، غير راضٍ عن ربه! ولذلك كانت الوصية النبوية: (انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) (رواه مسلم).

فإن رأى أحدنا في يومٍ مِن الأيام أنه قد ضُيِّق عليه، أو لم ينَل مِن الدنيا ما نال غيرُه؛ فـليتأمل فيمَن هو دونه، وليجلس مع نفسه أو أسرته أو إخوانه ليحصي نعم الله عليه، وليقارن ما عنده بما فقده غيره: (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (إبراهيم:34)، فحينئذٍ تسكن النفوس وترضى عن ربها، وتزداد له حبًّا وشكرًا على نعمه، وتدرك أنها تتقلب في نعم الله -تبارك وتعالى- ليلًا ونهارًا.

بل إن هذا مِن شأنه أن يجعل الإنسان منا دائما منكس الرأس أمام ربه، مستصغرًا ما يقدمه مِن أعمال مهما كان حجمها، خائفًا مِن عذابه -سبحانه-، سائلًا إياه الجنة استجداءً لا استحقاقًا؛ لأنه يعلم أنه هالك لا محالة إن طالبه الله بحقه عليه.