الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 06 مايو 2024 - 27 شوال 1445هـ

غزة رمز للعزة (11) طوفان الأقصى (6)

نشر التوثيق لانتهاكات إسرائيلية خلال الهدنة المؤقتة

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فبعد مرور 48 يومًا من بدء عملية طوفان الأقصى والاشتباكات العنيفة بعدها، تم التوصل إلى عقد هدنة مؤقتة تتم خلالها صفقة تبادل بين الفلسطينيين الموجودين في سجون إسرائيل وبين المحتجزين من الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.

وقد تم وضع بنود الهدنة برعاية مصرية قطرية أمريكية، وقد دخلت الهدنة المؤقتة -ومدتها ستة أيام- حيز التنفيذ في يوم 24 نوفمبر 2023، وقد تم خلال أيام الهدنة تبادل مجموعات من الأسرى والمحتجزين بين الطرفين، مع تعهد الطرفين بعدم الاشتباك ووقف جميع العمليات العسكرية، إلى جانب وقف حركة الطيران في جنوب القطاع على مدار أربعة أيام، ووقف حركة الطيران في شمال القطاع لمدة ست ساعات يوميًّا، لكن الهدنة لم تفرض على قوات الاحتلال الإسرائيلية مغادرة المواقع الاستراتيجية التي سيطرت عليه، حيث تبقى عند خطوط وقف إطلاق النار داخل غزة، وتقرر أنه في أثناء تلك الهدنة يتم إدخال شاحنات المواد الإغاثية والطبية لقطاع غزة بواقع 200 شاحنة يوميًّا. وقد تم مد الهدنة الإنسانية في اللحظات الأخيرة منها ليوم سابع إضافي، مع السماح بالإفراج عن رهائن في مقابل معتقلين فلسطينيين.

ورغم ترقب العالم كله للالتزام بالهدنة وتنفيذ بنودها فقد خالفت قوات الاحتلال من اليوم الأول للهدنة بنودها؛ مما أدى إلى تأخر موعد تسليم الأسرى والمحتجزين بعض الوقت، ثم تم في اليوم الأول من الهدنة -كما طلبت حماس- الإفراج عن 42 أسيرة وطفل فلسطيني كانوا في سجون الاحتلال، وفي اليوم التالي كان الإفراج عن 6 أسيرات و33 طفلًا داخل سجون الاحتلال.

قصص من سجون الاحتلال:

- كان من ضمن الأسيرات المحررات (إسراء جعابيص)، التي رصدت الصحافة والفضائيات بعضًا من معاناتها مع الاحتلال، فقد اقتحمت قوات الاحتلال قبل إطلاق سراحها منزل عائلتها وأبعدت عشرات المجتمعين من أهلها ومن جيرانها ومن رجال الأعمال القادمين لتهنئتها بالخروج من سجون الاحتلال، وقد أجبرت أسرتها على تغيير المنزل الذي تجتمع فيه لاستقبالها بعد غياب 9 سنوات في سجون لاحتلال، حيث أجبرت الأسرة على الذهاب إلى منزل أحد أفراد العائلة فوق جبل له طريق متعرج يصعب الوصول إليه، مع تحذير الأسرة من اتخاذ أي مظاهر للاحتفال، ومع هذا فقد كان هناك كثيرون في استقبالها.

بدأت قصة إسراء مع الاعتقال عندما تعطلت سيارتها في الطريق وتوقفت ففوجئت بقوات الاحتلال تلاحقها بوابل من النيران؛ مما أدى إلى انفجار سيارتها واشتعال النيران بها، بل ونالت النيران نحو 60% من جسد إسراء، واعتقلتها سلطات الاحتلال وأهملت علاجها وحكم عليها بالسجن، وعانت إسراء أثناء السجن من تعنت سلطات الاحتلال في السماح لأهلها ولأقربائها بزيارتها في السجن، حتى وحيدها الصغير (معتصم) رفضت سلطات الاحتلال زيارته لوالدته عندما توجه لزيارتها في السجن مع خالته، ولم يكن قد بلغ من العمر وقتها 8 سنوات؛ بدعوى أنه لا يحمل بعد بطاقة هوية!

واستمر منع الأم من رؤية ابنها، ومنع رؤية الطفل لأمه حتى بلغ الطفل حاليًا الخامسة عشر من عمره، وبعد حرمان طال لنحو تسع سنوات ها هو ابنها يحتضنها أخيرًا بعد تحررها من السجن.

- وفي القدس كانت من ضمن الأسيرات المحررات (شروق الدويات) التي أمضت في سجون الاحتلال 8 سنوات بعد اعتقالها وتعطل استكمال مشوارها الدراسي، والتي ذكرت أنها ومن كن معها من الأسيرات تم أخذهن من الزنازين مقيدات دون إخبارهن إلى أين يذهبن، فتوقعن جولة جديدة من التنكيل بهن والتعذيب والقهر والضغط النفسي كما أعتدن من وقت لآخر، فلما علمن بالإفراج عنهن انتابتهن الفرحة الغامرة.

وذكرت أن الزنازين تكتظ بأعداد تفوق المساحة المتاحة فيها بكثير، فالمكان الذي يستوعب ثماني سجينات يوضع فيه أكثر من ست عشرة سجينة، جميعهن في غرفة واحدة، ويمنعن من الخروج منها لأيام، وقد جردن من الأغطية والملابس الكافية، والكتب، وغيرها، مع التعرض المتواصل للمضايقات والسب والضرب والتعذيب، لكنهن تعلمن الصمود والتحمل، وقد اتفقن على أن لا شيء يكسرهن، وكن يعلمن الفتيات الصغيرات ذلك لرفع معنوياتهن، وزيادة قدرتهن على الصبر والتحمل.

وذكرت أن الأسيرات لم يعتقلن إلا بسبب تداول ونشر (بوستات) على مواقع الاتصال يتحدثن فيها عن فلسطين، أو ينشرن فيها مشاهد من قمع سلطات الاحتلال للفلسطينيين، أو لكونهن يضعن علم فلسطين، وأن في سجون الاحتلال أمهات وسيدات، وذكرت كذلك أن هناك فتيات صغيرات أعمارهن تتراوح بين 12 و15 سنة، قد سلبت منهن طفولتهن إذ يعاملن في السجون كالمعاملة السيئة للنساء الكبيرات.

وذكرت أن سلطة الاحتلال نبهت على الفلسطينيات المحررات بمنع أي مظاهر للفرح أو الاحتفال بالتحرر، وعدم ممارسة أي أنشطة وإلا فسيتم إعادة اعتقالهن.

وقد روت أسيرات أخريات محررات صورًا من المعاناة من خلال التنقل بين سجون الاحتلال، والقسوة والقهر في المعاملة، ومن الحرمان لأوقات من الطعام والشراب، وكون الطعام الذي يقدم قليلًا؛ إذ يقدم الطعام الذي يكفي عشرة أفراد للثمانين أسيرة، إلى جانب التجريد من الأغطية والملابس الكافية رغم شدة البرد، مما كان يجعلهن يضربن عن الطعام للحصول على الضروري من الاحتياجات، فضلًا عن تعرض العديد من الأسرى السجناء للإصابة بالأمراض ووفاة البعض منهن بسببها.

وفي الوقت الذي اطلع فيه العالم على المعاملة السيئة للغاية من سلطات الاحتلال للأسرى والسجناء الفلسطينيين، شاهد العالم في نفس الوقت من خلال اللقاءات الإعلامية والتصريحات ممن أفرج عنهم من المحتجزين من قِبَل حماس ما لقوه من حسن معاملة طوال مدة الاحتجاز لدى حماس مما دفع سلطات الاحتلال إلى منع هؤلاء العائدين من لدى حماس من إجراء أية لقاءات صحفية أو مقابلات إعلامية حتى لا يدرك العالم الفرق الشاسع بين أصحاب الدين والخُلُق وبين من لا خلق لهم، ولا شرف من مجرمي الحرب، وقتلة الأطفال والنساء.

مأساة شعب غزة تحت الحصار والقصف:

من خلال التواصل مع أهل قطاع غزة خلال فترة الهدنة، ومن خلال إدخال بعض المساعدات الطبية والغذائية والوقود لهم، كان السماع للأهوال والمعاناة غير المسبوقة التي تعرض لها شعب غزة في ظل الحصار الخانق المفروض عليهم، والقصف المتواصل بالطيران من الجو، ومن المدفعية على الأرض ومن الزوارق البحرية من البحر، في وقت لا يملك هؤلاء السكان العزل أي قدرة على حماية أنفسهم، فضلًا عن المقاومة والدفاع عن أنفسهم، في مواجهة آلات القتل الصهيونية الرهيبة، ومع ذلك فقد ضربت غزة الأبية الصابرة المثل الأعلى في العزة والصمود والتحمل.

كان لابد أن تقطع قوات الاحتلال كل الاتصالات عن شعب غزة، الهواتف والإنترنت والكهرباء، حتى تعزل غزة عن العالم بالكلية، لتبقى فريسة سهلة قد تركها العالم للكيان الصهيوني ليمزقها ويفترسها كيفما يشاء، مدعومة بكل معداته العسكرية التي أمدته بها الولايات المتحدة بلا حدود ومدعومًا بالفيتو الأمريكي في المحافل الدولية، ومؤيدًا بالمعايير المزدوجة لدول الغرب، وبلا أي خطوط حمراء طوال مدة العدوان توقف همجية محتل غاشم، بدأ احتلال هذه الأرض بلا أخلاق أو شرف، وها هو يسعى بكل قوة لأن يواصل هذا الاحتلال أيضًا بلا أخلاق أو شرف، أشبه بذئب مسعور استفرد بفريسته بعد أن جردها من القدرة على المقاومة وعزلها عن العالم.

- ليل غزة طوال أيام العدوان وفي ظل الحرمان من الكهرباء والوقود هو ظلام دامس ممتد، لا ضوء تدركه السماء إلا ضوء نيران انفجارات القنابل الفسفورية، ولا صوت يسمع إلا صوت قذائف الدبابات والطائرات الحربية ومدافع الزوارق البحرية تختلط جميعها بصراخ واستغاثات من الأطفال والنساء الذين يئنون من شدة الدمار!  

- إن ليل غزة هو كتلة من الجحيم، أما نهار غزة فلا إمكانية فيه لسكان غزة للانتقال من مكان إلى مكان، ولو لجلب القليل من الطعام أو الماء إن وجد، في ظل القصف والتوغل والاقتحام من جانب قوات الاحتلال، ومن كان منهم بلا مأوى ونزح إلى المستشفيات أو المدارس أو إلى المساجد، أو إلى المنشآت التابعة للأونروا التابعة للأمم المتحدة، لم يكن في مأمن من التهديدات والاستهدافات بالقصف والقنص من قوات الاحتلال؛ هناك المئات مدفونون أو مفقودون تحت الأنقاض، والجرحى لا يجدون من يقوم بإسعافهم أو مداواتهم من أطقم إغاثة، أو من يقوم بنقلهم إلى المستشفيات في ظل تعذر الحركة والانتقال حتى لسيارات الإسعاف التي صارت هدفًا متعمدًا ضربه من أهداف قوات الاحتلال، ومن أمكن نقله إلى المستشفيات منهم فلا يجد العلاج اللازم حتى صارت العمليات الجراحية منها ما يجرى بغير تخدير.

توثيق منظمة العفو الدولية لجرائم قوات الاحتلال:

وثقت منظمة العفو الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد المدنيين في قطاع غزة طوال مدة امتدت لأكثر من شهر من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وذكرت المنظمة على موقعها الرسمي على الإنترنت أنها قد حصلت على أدلة دامغة لارتكاب قوات الاحتلال جرائم حرب في القطاع على مدى أكثر من 35 يومًا منذ بدء الحرب، وشملت تلك الجرائم:

- القضاء على عائلات فلسطينية بأكملها من خلال هجماتها المكثفة غير القانونية والعشوائية على القطاع بلا مراعاة لوجود هؤلاء المدنيين؛ لذا تسببت في خسائر كبيرة لا مبرر لها في صفوف المدنيين، وأنه يجب التحقيق فيها باعتبارها جرائم حرب في حق هؤلاء المدنيين.

- عمليات القصف الجوي التي نفذتها قوات الاحتلال في المدة ما بين 7 إلى 12 من أكتوبر، والتي تسببت في دمار مروع، والتي تحققت المنظمة منها من خلال الصور ومقاطع الفيديو وتحليل صور الأقمار الصناعية، إلى جانب التحدث إلى الناجين وشهود العيان حيث انتهكت فيها قوات الاحتلال الإسرائيلية بوضوح القانون الإنسان الدولي بعدم اتخاذها الاحتياطات الواجبة والممكنة لتجنب المدنيين خلال عمليات القصف المكثفة؛ إذ أظهرت قوات الاحتلال خلالها استهتارًا مروعا بحياة العزل من المدنيين خلال القصف، إذ سحقت قوات الاحتلال شارعا بعد شارع لتدمير البنية التحتية في القطاع؛ مما أسفر عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين.

- الإصرار على وضع القيود لمنع إنفاذ الماء والغذاء والدواء والكهرباء والوقود إلى القطاع كله طوال فترة الحرب.

- بعد تحويل قطاع غزة إلى أكبر سجن مفتوح في العالم من خلال الحصار الإسرائيلي غير القانوني طوال 17 عامًا، كان العمل من خلال الحرب الحالية على تحويل القطاع إلى مقبرة كبيرة جماعية للفلسطينيين؛ مما يتعين معه تحرك المجتمع الدولي للتحرك لمنع ذلك، كما يجب على الفور فرض حظر شامل على تزويد إسرائيل بالأسلحة؛ نظرًا لارتكابها انتهاكات خطيرة متعددة في قطاع غزة بموجب القانون الدولي.

- استهداف قوات الاحتلال لمبانٍ سكنية ومخيم للاجئين بعشرات الهجمات، والزعم بأنها إنما تهاجم أهدافًا عسكرية فقط، ولم تجد منظمة العفو في تحقيقاتها في عدد من الحالات أي دليل على وجود أهداف عسكرية في المنطقة المجاورة أو مقاتلين وقت تلك الهجمات.

- في الساعة العاشرة والنصف صباح يوم 9 أكتوبر أصابت الغارات الجوية الإسرائيلية سوقًا في مخيم جباليا للاجئين الواقع على بضعة كيلو مترات شمال مدينة غزة، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 69 شخصًا، ومن المعروف أن شارع هذا السوق هو من أكثر المناطق التجارية ازدحامًا في شمال غزة، وقد كان السوق في هذا اليوم أكثر ازدحامًا عن المعتاد، حيث كان مليئًا بآلاف الأشخاص من المناطق المجاورة الذين فروا من منازلهم في وقت سابق من هذا الصباح بعد تلقي رسائل تهديد من قوات الاحتلال تدعوهم إلى مغادرة منازلهم.

وقد قام مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية بمراجعة ستة مقاطع فيديو تظهر آثار الغارة الجوية التي تمت على سوق مخيم جباليا، وتظهر هذه الصور أن المنطقة كانت مكتظة بالسكان، وأن بها مبانٍ متعددة الطوابق، ثم تظهر مقاطع الفيديو وصور الأقمار الصناعية لما بعد الحادث ما لا يقل عن ثلاثة مبانٍ متعددة الأطباق مدمرة بالكامل.

وتظهر العديد من المباني في المنطقة المحيطة وقد تعرضت لأضرار بالغة، كما شوهدت العديد من الجثث تحت الأنقاض في اللقطات المصورة، واستنادًا إلى شهادة الشهود وصور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو التي تم التحقق منها، فإن الهجوم كان عشوائيًّا، بما يوجب التحقيق فيه باعتباره جريمة حرب. ودعت المنظمة الدولية في تقريرها إسرائيل إلى الوقف الفوري للهجمات غير القانونية والالتزام بالقانون الإنساني الدولي، وأيضًا ضمان اتخاذ الاحتياطات الواجبة والممكنة لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين والعائلات المدنية ووقف الهجمات العشوائية، وأيضًا السماح فورًا بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة دون عوائق، كما طالبت المنظمة جميع دول العالم بالامتناع عن تزويد إسرائيل بالأسلحة والمواد العسكرية بما في ذلك المساعدات التقنية والتدريب، وأيضًا الامتناع عن أي تصريح أو أي إجراء ولو بشكل غير مباشر من شأنه أن يضفي الشرعية على جرائم انتهاكات إسرائيل في غزة.

توثيق المكتب الإعلامي في قطاع غزة لجرائم الحرب:

وقد وثق المكتب الإعلامي في غزة أيضا خلال فترة الهدنة حجم المجازر الكبيرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي والتي ألقت أكثر من 40 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة، حيث أودت بحياة أكثر من 15 ألف شخص بينهم أكثر من 6 آلاف طفلًا، و4 آلاف امرأة، وأصيب أكثر من 36 ألف، 75% منهم من الأطفال والنساء، ونحو 7 آلاف مفقود تحت الأنقاض أو مصيرهم مجهول، بينهم أكثر من 4700 طفل وامرأة، بينما بلغ عدد ضحايا الكوادر الطبية 207، والضحايا من طواقم الدفاع المدني 26، ومن الصحفيين 70.

كما دمر الجيش الإسرائيلي 103 مقرات حكومية، و266 مدرسة، خرجت 67 منها من الخدمة، كما تسببت العمليات العسكرية لقوات الاحتلال في تدمير 88 مسجدًا تدميرًا كليًّا، و174 مسجدًا تدميرًا جزئيًّا، وتم استهداف 3 كنائس، كما تعرضت 50 ألف وحدة سكنية للهدم الكلي، و240 ألف وحدة للهدم الجزئي، كما خرجت كذلك 26 مستشفى و55 مركزًا صحيًّا من الخدمة، وتم تدمير 56 سيارة إسعاف.

وقد بلغ عدد النازحين في القطاع نحو 1.8 مليون شخص نزحوا من شمال القطاع إلى جنوبه، وإنه بحلول 29 نوفمبر كان ما يقرب من 1و1 مليون نازح يقيمون في 156 منشأة تابعة للأونروا في جميع المحافظات الخمس في قطاع غزة، وبسبب الحرب تقلص نصيب الفرد في القطاع من المياه الصالحة للشرب من 80 لترًا إلى ثلاث لترات فقط، كما أغلقت كل محطات معالجة مياه الصرف الصحي، مع نقص الغذاء والدواء والوقود بما ينذر بكارثة إنسانية حقيقية، وأن 45 % من المباني السكنية والمرافق التعليمية تم تدميرها بالكامل بسبب القصف، كما تم تدمير ما لا يقل عن 33 مدرسة تابعة للأونروا، وتم تدمير ما يزيد عن نحو 36 % من المناطق الزراعية، وتضرر نحو 1023 حقلًا زراعيًّا في غزة وحدها، كما تضررت شبكة الطرق بنحو 539 طريقًا.

جريمة التهجير القسري:

تتضمن غالبية دساتير العالم نصوصًا تحظر إبعاد أي مواطن عن وطنه، أو تمنعه من العودة إليه، كما تتضمن العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية بنودًا تحظر التهجير القسري.

وتستند قواعد القانون الجنائي الدولي في عد التهجير القسري جريمة لا تسقط بالتقادم، إلى قواعد منها:

- إن حظر التهجير القسري قد أكده الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لتعارضه مع حق الإنسان في التنقل.

- تضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي وافقت عليها الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966 النص على حماية حق الإنسان في التنقل، وعدم جواز تهجيره قسريا.

- طبقًا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة فإن التهجير القسري يقع بنقل وإبعاد المدنيين من المنطقة التي يوجدون فيها بالطرد، أو بأي فعل قسري آخر بدون مبررات يسمح بها القانون الدولي جريمة ضد الإنسانية، متى ارتكب بطريقة متتابعة ومنظمة أو على نحو واسع النطاق ضد أي مجموعة من السكان المدنيين.

- تحظر اتفاقية جينيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب التهجير القسري، حيث نصت على أنه يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال، أو إلى أي أراضي أخرى في أي دول أخرى محتلة أو غير محتلة أيًّا كان دواعيه.

- يضمن كل من البروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جينيف الأربع عام 1949، النص على أن الاتفاقيات تشمل السكان المدنيين بالحماية في النزاعات المسلحة.

وتضم الأطر القانونية والاتفاقيات الدولية لحماية المدنيين والمؤسسات الطبية ومقدمي الخدمات الصحية:

- اتفاقية جينيف الرابعة عام 1949 المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب لا سيما المواد 1، 18،19، 146، 147، 148.

- القانون الدولي الإنساني.

- القانون الدولي لحقوق الإنسان.

- نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما في 17 يوليو 1998، لا سيما أركان جريمة الحرب وأركان الجرائم ضد الإنسانية.

- اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة في 15 ديسمبر 1948.

- القانون الدولي العرفي المتعلق بحماية الجرحى والمرضى في المجال الطبي ومجال تقديم المساعدات الإنسانية.

- قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلقة التي تتعلق بحماية المدنيين.

- قرار مجلس الأمن رقم 2268 لعام 2016، والذي ينص على ضرورة احترام العاملين في المجال الطبي وحماية المؤسسات الصحية والعاملين بها، وعدم توجيه هجمات ضد المستشفيات والمرافق الصحية.

- القانون الدولي الإنساني الخاص بحظر النقل القسري والترحيل الجماعي.