كتبه/ نور الدين عيد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد أشرنا إلى التمايز الذي أوجده الله بين الرجل والمرأة في التكوين الجسدي والوظائف العضوية، وانتهينا إلى العقلي من حيث البنية والتركيب والتشريح في الدماغ، والألياف العصبية الموصِّلة بين شطري الدماغ نصف الكرويين، ومِن ثَمَّ تجدر الإشارة إلى تتمة الإعجاز الخَلْقي للواحد الأحد في التَّبَايُن التشريحي والعملي المترتَّب عليه؛ فيظهر تأقلم كل جنس مع مهامه ودوره، فيكون قيامه على أكمل وجه وأحسنه.
التمايز العقلي وأثره في المهارات: فإن اختلاف التكوين العقلي التشريحي من جهة، ومن جهة أخرى اختلاف آليات عمل المخ في الهرمونات وطريقة تفاعلها وكثرة التلافيف، وحجم المخ ووزنه؛ هذه بمجموعها أسباب التفاضل في الذكاء والقدرة العقلية المنوط بها المهام العملية، ويظهر التكامل بين هذه الوظائف بعد هذا التباين.
ولذلك تظهر الفوارق كالتالي: التركيز في الرجل أعلى لاختصاص الجانب الأيسر من دماغه في السيطرة على قدرة الفعل، والأيمن على قدرات الإبصار، أما المرأة فيغلب لديها التشتت على التركيز؛ لأن كلا جانبي العقل يعمل على كلِّ المسائل فتقل درجة التركيز، ويظهر ذلك في تخصصات الهندسة في الرجال أكثر؛ لذلك يقول الدكتور محمد البار في كتاب عمل المرأة في الميزان: "يختلف مركز تخزين المعلومات والقدرات في الدماغ؛ ففي الفتى تتجمع القدرات الكلامية في مكانٍ مختلفٍ عن القدرات الهندسية والفراغية، بينما هي موجودة في كلا فصي المخ لدى الفتاة، وهذا معناه: أن دماغ الفتى أكثر تخصصًا من مخ أخته"، وهذا ظاهر في مجالات التخصص الذي يحتاج لتركيزٍ عالٍ: كالميكانيكا، والحساب والهندسة.
ومن جهة أخرى: تتفوق المرأة في ازدياد سمك الجسم الجاسئ الذي يعمل على تبادل المعلومات مروريًّا بين نصفي الدماغ، فاكتسبت قدراتٍ لأعمالٍ تتطلب التقريب بين اليدين والتنسيق: كالحياكة والتطريز، والأعمال والنشاطات التي تنجز في آنٍ واحدٍ كأعمال المنزل، والربط الذهني بين الأفكار والأشياء، فتتم مواهبها في مهامها وتنظِّم بيتها بحالٍ أسرع وأفضل منه في الرجال.
أما أثر التشريح العقلي على الحواس "السمع والبصر، واللمس والتذوق"، فهو كالتالي:
- أما السمع: فهو على الضِّعْف تقريبًا فيما عند الرجل؛ لذا تعلمهن النطق أسرع في الأطفال الإناث من الذكور، وكذا اللغات؛ لتفوقهن في السمع والذاكرة اللفظية.
- وفي البصر: تتفوق المرأة في البصر الحولي والمحيطي؛ مما يعينها على تقدير المسافات بدقة، وكذا الرؤية الليلية التي تعينها على العناية بطفلها في الظلام، وكذا الذاكرة الصورية في النساء أكبر؛ مما يجعلها أعلى في التذكر والتعرف على الأشخاص، أما الرجل فيتفوق في الإبصار في المسافات البعيدة والعميقة والنهارية، فهذا كده وسعيه، وهذه مهمته التي يُسِّر لها.
- وأما اللمس: فحساسيته عند المرأة أعلى، وهذا يهيئها لإنجاز أعمال يدوية دقيقة؛ فهي أكثر من الرجل شعورًا بالألم، وكذا تحمله.
- وكذا الشم والتذوق: فهي أعظم من الرجل وأقوى في هذه الحاسة، وهذا مِن التهيئة للمهام والوظائف الأمومية والمنزلية الدقيقة؛ فهذا من خَلْق الله الحكيم: "الذي أحسن كل شيء خلقه"، فهذا تباين تكاملي بين المهام، بني عليه تشريع قويم مصلحة كله، ونفع مِن كلِّ وجهٍ.
فالحمد لله رب العالمين.