الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 06 أبريل 2021 - 24 شعبان 1442هـ

رمضان... طال الغياب

كتبه/ حسني المصري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فإن أعظمَ النِّعَم التي لا يقدِّر الناس قَدْرَها نعمةُ الإسلام؛ لأنه اصطفاء من الله -سبحانه وتعالى-؛ كيف لا وهو القائل: (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) (الحج:78).

ومِن أجلِّ نِعَم الله -عز وجل- بعد الإسلام: أن يوفِّق الله العبد لطاعته ومحبته، وهي نعمة تستتبعها نعمة القرب والحب، وأولى ما يتقربون به إلى الله: أداء فرائضه، ومَن تقرَّب إليه شبرًا، تقرب إليه ذراعًا، والعبد لا يزال يتقرب إلى الله بالنوافل حتى يحبه الله، فإذا أحبه الله صار محبوبًا في السماء والأرض.

وحالة الشوق إلى رمضان التي نراها في بريق عيون المسلمين ونسمعها مِن حروف كلماتهم، ونراها في إشراق وجوههم عند الحديث عن قُرب رمضان؛ إذ لا يفصلنا عنه إلا بعض أيام.

هذه الحالة لتعبِّر بكل صدقٍ عن أن المسلمين يستشعرون نعمة القرب التي حُرِموا منها عامهم الفائت، وهم في شوقٍ جارفٍ ليطرحوا قلوبهم على نهر طاعة مولاهم؛ لتغتسل مما قد رَان عليها، وترتوي من مَعِين القرب بعد عطش الحرمان.

فما أجمله من شوق يرتب الانسان فيه أوراقه، ويضبط أولوياته ويعد لاستقبال هذا الموسم العظيم فيستعد لصلاته وصيامه، ويحدد إلى مَن تتوجَّه صدقاته ومواساته، ويعيد حساباته لصلة أرحامه بعد قطيعة، وإطعام الطعام، والاستعداد لعمرة، واستحضار نيتها.

إنه الموسم المنتظَر بعد طول شوقٍ وحرمانٍ.

إنها النعمة والفضل والمنة.

نعمة قربه وحبه، وكأن الناس فى هذه الأيام لا ينتظرون رمضان أن يأتيهم، بل لكأني بهم يسعون هم لأن يأتوه؛ فقد عَرِفوا معرفة مَن ذاق وحضر، لا مَن سمع كيف هو الحرمان مِن طاعة ربهم!

وكأنهم يقولون له: رمضان قد أطلت الغياب!