الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
السبت 28 يناير 2017 - 30 ربيع الثاني 1438هـ

إذا اعتدى غير المسلم على المسلمين وصال عليهم فهل يُنتقض عهده؟

السؤال:

قرأتُ في كتاب "طليعة الشرح الأزهر شرح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ما فهمتُ منه أن الذمي إذا اعتدى وصال على مال مسلم؛ فلا يُنتقض عقده على أساس أن عقد الذمة أقوى مِن جريمة الاعتداء على مال المسلم، وهذا هو نص الفقرة المذكورة في الكتاب: "إذا كان الصائل كافرًا حربيًّا كان دفعه جهادًا ينطبق عليه تعريف الجهاد، أما إذا صال مستأمن؛ فدفعه دفع للصائل، وليس جهادًا يُستباح دمه وتبطل عصمته، وكذلك أهل الذمة؛ فلا تبطل عصمتهم بالصيال، فعقد الذمة أقوى مِن عقد الأمان؛ فلا تنطبق على دفعهما أحكام الجهاد"، فهذا معناه أن الذمي وإن اعتدى على المسلم وصال عليه؛ فلا ينتهي عقده ولا يحل دمه، فهل هذا صحيح؟ وما الراجح في هذه المسألة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

نعم، لأنه كأي معاهَد ارتكب جريمة؛ فيعاقب على الجريمة بقدرها، ولا يلزم مِن ذلك نقض عهده مع المسلمين؛ وإلا لوجب قتل جميع المعاهدين بأدنى شيء يرتكبونه، وقد اقتص النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن اليهودي الذي رضَّ رأس الجارية بيْن حجرين بأن رض رأسه بيْن حجرين؛ فعن أنس -رضي الله عنه-: "أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ، أَفُلاَنٌ أَوْ فُلاَنٌ، حَتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِيءَ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى اعْتَرَفَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالحِجَارَةِ" (متفق عليه).

فدلَّ ذلك على أن القصاص هو المشروع، ودلَّ على بقاء العهد، والمال أهون مِن النفس.