الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
السبت 21 يناير 2017 - 23 ربيع الثاني 1438هـ

هل تطبق الحدود الشرعية على غير المسلمين في ظل الدولة الإسلامية؟

السؤال:

ما هي الأحكام الشرعية التي تطبـَّق على أهل الذمة في الدولة الإسلامية, أعني هل يطبَّق على الذمي منهم حد الزنا، وحد السرقة، وشرب الخمر، وغير ذلك مِن الحدود؛ طبقًا لأحكام الإسلام مِن الشريعة الإسلامية أم يطبق عليهم مِن كتبهم وأحكامهم هم؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فتختلف أنواع المعاهدين في الدولة الإسلامية، فمنهم مَن قال الله فيهم: (فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) (المائدة:42)، "كيهود المدينة" فكان جائزًا أن يترك الحكم فيهم، وجائز أن يحكم فيهم بالشريعة، وهذا بناءً على نوع العهد الذي كان معهم "العهد المطلق".

ومنهم مَن يجب إقامة الحدود عليه، وهم أهل الذمة الذين يدفعون الجزية ويلتزمون أحكام الإسلام (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التوبة:29).

إلا أن حد شارب الخمر لا يطبَّق عليهم؛ لأننا لم نؤمر بمنعهم مِن شرب الخمر، وإنما يُمنعون مِن السُّكر في طرقات المسلمين إذا لم يكونوا منعزلين عنهم، وعهد النبي -صلى الله عليه وسلم- مع نصارى نجران رغم دفعهم الجزية لم يتضمن منعهم مِن شرب الخمر، ومع ذلك أرسل إليهم أبا عبيدة ليحكم بينهم فيما اشتجروا فيه.

وأما حكم الزنا والسرقة بالرجم والجلد في الزنا والقطع في السرقة؛ فهو مما اتفقت فيه شرائع الأنبياء الثلاثة "موسى وعيسى ومحمد" -عليهم صلوات الله وسلامه-؛ فالحكم بالزنا موجود في التوراة والإنجيل إلى الآن، والمسيح -عليه السلام- أمرهم أن يقيموه على جميع أصحاب الخطيئة "أي الزنا"، وليس على الضعفاء فقط، كما في الإنجيل أنه قال: "مَن كان منكم بلا خطيئة؛ فليرمهما بحجر"؛ فقد أمر بإقامة حد الرجم كما في التوراة، ولكن مِن طائفة مِن المؤمنين لا مِن أصحاب الخطيئة الزناة الذين كان يجب أن يُقام عليهم الحد أولاً.

أما السرقة؛ فقطع يد السارق موجود في التوراة أيضًا "ولم ينسخه الإنجيل، ولا القرآن"، فقد جاء في سفر الخروج في الإصحاح الحادي والعشرين: "وَمَنْ سَرَقَ إِنْسَانًا وَبَاعَهُ، أَوْ وُجِدَ فِي يَدِهِ، يُقْتَلُ قَتْلاً" (16/ 21).