الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 09 أكتوبر 2006 - 16 رمضان 1427هـ

الإخوان والعوا .. وأم المؤمنين!

نقلا عن موقع "المصريون"   بقلم محمود سلطان بتاريخ 8 - 10 – 2006

منذ ثلاثة أيام عرض التلفزيون الدنماركي مقاطع من شريط مصور ، يظهر شبانا من أعضاء حزب الشعب الدنماركي المتطرف، وهم يحتسون الخمر ويغنون ويرسمون رسوما تسخر من النبي صلى الله عليه وسلم !

فور نشر الخبر في وكالات الأنباء ، بادرت جماعة الإخوان المسلمين في مصر بإصدار بيان عممته على كل وسائل الإعلام ، انتقدت فيه الإساءة وطالبت بمقاطعة المنتجات الدنماركية مجددا.
المفارقة هنا أن الإساءة الدنماركية جاءت متزامنة مع ما نشرته ثلاث صحف مصرية ـ إحداها حزبية والأخريان مستقلتان ـ من إساءات لأم المؤمنين عائشة ولعدد من كبار الصحابة والمبشرين بالجنة.

الإساءة "المصرية" لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين أثارت ردود أفعال داخل مصر وخارجها أيضا، ومثلت صدمة كبيرة للرأي العام المصري.. ومع ذلك لم يصدر من الجماعة بيان يغضب من الإساءة المصرية بمثل غضبه من الإساءة الدنماركية! خاصة أن ما بثه التلفزيون الدنماركي جاء لاحقا لما نشرته الصحف المصرية الثلاث من إساءات ، فلم سكتت على الأخيرة وغضبت من الأولى .. أليس ذلك غريبا؟!.

والحال أن هذا الموقف "الغريب" من الإخوان، يثير الكثير من اللبس واللغط، فهي في البداية والنهاية حركة سياسية بمرجعية دينية ، ولم تستق شرعيتها من "السياسة" وإنما من "الدين".. ولعل ذلك ما تدركه قياداتها جيدا ، وما حملها على عدم التخلي عن شعارها التاريخي "الإسلام هو الحل" ، رغم كل الضغوط التي مورست عليها باعتبارها جماعة طائفية لاعلاقة لها بالعمل المدني العام ، وحصلت على مقاعدها الحالية بفضل هذه "المرجعية" وليس بفضل شطارتها السياسية.

لن يكون بوسع أحد ممن يتعاطفون مع الحركة أن يتفهم هذا "السكوت" عما صدر من ثلاث صحف مصرية، إلا باعتباره موقفا أدرجته الجماعة بين حساباتها السياسية، سيما وأن إحدى هذه الصحف التي استهلت الإساءة لأهل السنة وللصحابة وتبني الموقف الشيعي في كثير من القضايا ، تواترت أنباء عن وجود علاقة "ما" وصفت بـ الغامضة" بينها وبين الإخوان! .

الإخوان طالبوا بمقاطعة "الدنمارك" ولم يدينوا ولم يطالبوا بأي موقف عقابي مشابه لتلك الصحف الثلات التي أساءت لأمهات المؤمنين والصحابة الأطهار رضي الله عنهم أجمعين؟! ..الإساءة كانت واحدة سواء هنا في مصر أو في الدنمارك ، فما الذي حمل الإخوان على أن يتحمسوا لإدانة الثانية والسكوت والتغاضي الكامل عن الأولى ؟!

ليس ثمة تفسير آخر لذلك إلا أن إدانة الدنمارك ليس لها "تكلفة" سياسية ، بمعني أن إدانتها هي شكل من أشكال اللعب في "الهجايص" ، بينما إدانة الصحف المصرية تحتاج إلى حسبة "برمة" ووزن الأمور بميزان "السياسة" لا بميزان "الدين" .. وهذا والله هو الخسران المبين.

وما يستلفت الانتباه أيضا أن د. محمد سليم العوا ، لم يستطع أن ينام ليلته قبل أن يصدر بيانا يدافع فيه عن "شرف" حسن نصرالله وإيران والشيعة، مئولا كلام فضيلة الدكتور القرضاوي بما يحفظ شرفهم وعرضهم ، فيما لم يغضب لعرض وشرف أم المؤمنين عائشة بنت الصديق وحبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم !

صحيح أن ما يحدث في حقيقته "فتنة" لتمحيص القلوب والضمائر والسرائر .. ولكنها فوق ذلك فتنة لفرز القوى السياسية والفكرية عامة من جهة، ولفرز الرموز والتيارات و"نجوم" الفضائيات والمنصات التي تتكلم باسم الإسلام من جهة أخرى.