الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 02 يناير 2014 - 1 ربيع الأول 1435هـ

مَن له حق الكلام والحكم على الدستور؟

السؤال:

1- أريد أن أعرف حقيقة من له الحق في الكلام في الأمور السياسية الخطيرة وأن يقبل أو يرفض الدستور، فأنا أتكلم كثيرًا مع الناس ومع بعض الشباب، وإذا قلت لأحدهم: قال العلماء كذا... وقال الشيخ فلان كذا... يقول: نحن نحب العلماء ولا نقدسهم، ولابد ألا نعطل عقولنا ولابد ألا نكون إمعات، ونحو هذا الكلام... فتكون النتيجة أن كل واحد يخرج برأي ومنطق ووجهة نظر مختلفة عن الآخر، فيصبح الناس بناءً على ذلك في حيرة شديدة، فما هو دور العقل مع الشيخ والعالم؟ وماذا نفعل؟

2- قلت لبعض الناس: الكلام في الدستور أصلاً لا يجوز إلا لأهل الحل والعقد، وهكذا كل المسائل الكبرى... فأنكر علي واشتد جدًّا، فهل كنت مخطئًا أم مصيبًا في قولي هذا؟

3- قلت لبعض الناس: اختيار الدعوة السلفية في أول الأمر لمرشح لا ينتمي للإسلاميين كان صوابًا؛ لأنه لم يكن له ولاء لجماعة الإخوان ولما حصل كل الذي حصل من دماء وفتن، فقال: كان سيقع نفس ما يقع الآن من المفاسد التي حصلت مع "مرسي"؛ لأن الجيش كان سينقلب عليه، فقلت له: هل تعلم الغيب، فإن هذا رجم بالغيب. فقال: يعني لما الدعوة السلفية تقول نختار عدم النزول للمظاهرات ونختار كذا خوف المفاسد لا يكون هذا رجمًا بالغيب ويكون كلامنا نحن رجمًا بالغيب؟ فكيف أرد عليه؟ وما الفرق بين الرجم بالغيب وبين مواقف الدعوة السلفية؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- يا ليتهم لم يعطِّلوا عقولهم -كما يزعمون!-، ولم يكونوا إمعة لجاهل بالشرع أو بالواقع، والعامي عليه أن يقلِّد أوثق الناس في نفسه، وأظن أن "الأزهر" عند العامة هو المعتبر، وهو يقول "نعم" لهذا الدستور؛ لأنه شارك في وضع الدستور، وفضيلة مفتي الجمهورية أحد الأعضاء، فعليه أن يأخذ بكلام مَن شارك وعلم تفاصيل كتابة تعديلات الدستور، ومَن يدرك طريقة الجمع بين نصوص الدستور وتقييد بعضها ببعض، وأيها يقيد الآخر ويحكم عليه.

2- أظنك بالغتَ في أسلوب القصر، أي في قولك: "الكلام في الدستور لا يجوز إلا لأهل الحل والعقد"؛ بل يتكلم فيه كل مَن عنده علم بالشرع والواقع ويرجع لأهل العلم بذلك.

3- مبنى الأمر في تقدير المآلات "بين غلبة الظن -والذي قد يصل للعلم واليقين-، وبين الاحتمال والإمكان، وبين الوهم والخيال -الذي قد يصل إلى الجزم بالبطلان-" - إنما مرده إلى المعرفة بالشرع وموازناته، والواقع وحقائقه، أي: على المعلومات الصادقة بأكبر قدر ممكن ومستطاع، وهذه الأمور ليست كما يقول الجاهل بها رجمًا بالغيب، بل هي حسابات دقيقة، واجتهادات صعبة، تعقبها مشاورات، ثم شورى بالتصويت، ثم التزام بالقرار.

ولا أعلم هيئة لها إمكانيات معرفة معلومات صحيحة من خلال أتباع ثم من خلال التواصلات مع قوى المجتمع والقوى المؤثرة في الداخل والخارج؛ إلا:

1- الدولة بمؤسساتها من مخابرات وأمن وحكومة.

2- الإخوان وحزب الحرية والعدالة، وقد أصابهم ما أصابهم؛ بسبب عدم الصدق، وعدم القدرة على استيعاب موازنات الشرع والواقع.

3- الدعوة السلفية وحزب النور.

أما الآحاد والأفراد "ولو كانوا مشايخ أفاضل"؛ فليس ذلك متاحًا لهم، ومَن لا يحضر مِن شيوخ السلفية ويستمع لهذه التقارير، ويناقش تلك الموازنات - فهو أبعد عن صحة التقدير.