الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 28 فبراير 2011 - 25 ربيع الأول 1432هـ

تقليد أوثق أهل العلم

السؤال:

هل يلزم العامي أن يقلد أحد المشايخ بحيث لا يأخذ بفتوى غيره ما دام موجودًا، وما الحكم إذا أفتاني أوثق أهل العلم عندي بفتوى ولم يذكر الدليل ثم وجدت فتوى أخرى لأحد المشايخ مؤيدة بالدليل، هل يلزمني كلام الأول؛ لأنه أوثق عندي مطلقًا أم يلزمني اتباع مَن معه الدليل؟ وهل إذا رابني مِن فتوى مَن أقلد شيئًا يجوز لي أن أسأل غيره بغير اتباع هوى أم أن هذا لا يجوز؟ نرجو التوضيح وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال الله -تعالى-: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل:43)؛ فأوجب الله على مَن لا يعلم -ومنهم العامي- أن يسأل أهل الذكر، وهم أهل العلم، فيسعه أن يسأل أيًا مِن العلماء انطبق عليه هذا الوصف، ويسألهم عن الذكر أي: حكم الشرع؛ لا عن آراء أو مذاهب بعينها.

فالقول بأن العامي يلزمه أن يقلد شيخًا بعينه لا يأخذ فتوى غيره قول باطل غير سائغ، وإنما إذا اختلفوا عليه لزمه على الصحيح أن يقلد أوثقهم في نفسه ما لم يخالف نصًا واضحًا يفهمه العامي مِن الكتاب والسنة، أو إجماعًا نقله له مَن يثق فيه أيضًا مِن أهل العلم.

ومِن هنا نعرف إجابة الشق الثاني من السؤال، وهو أنه: إذا كان الدليل الذي ذكره العالِم الثاني واضحًا بيِّنًا نقيًا صحيحًا لزمه اتباع الدليل لا قول الأوثق، بخلاف ما إذا كانت المسألة فيها جملة مِن الأدلة، واختلاف في التصحيح والتضعيف ووجوه مختلفة للجمع بين الأدلة، فهنا يلزمه تقليد الأوثق.

ولا يحجر على العامي في سؤال مَن شاء مِن أهل العلم عسى أن يدله بعضهم على دليل واضح، نص بيِّن حتى ولو كان سأل مَن هو أوثق عنده أولاً، ثم إن سؤال العامي جملة مِن أهل العلم، واتفاق كلمتهم على قول يخالف قول شيخه يجعلهم أوثق عنده.