الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 13 نوفمبر 2025 - 22 جمادى الأولى 1447هـ

البلطجة العصرية!

كتبه/ عبد العزيز خير الدين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فقد علمنا سواء في السنوات السابقة أو عبر التاريخ وعلى مرِّ العصور، أن هناك جريمة ومجرمًا، وسواء تعدَّدت أسبابها أو نتائجها، فلها أسباب مسبقة دعت المجرم لفعلها. ومع ذلك، فإن المجتمع كله بمختلف أفكاره ومعتقداته ينكرها ويرفضها.

لكن الآن، صدِّق أو لا تصدِّق! نسمع ونرى جرائم تحدث في المجتمع، لو دُوِّنت في قصص وروايات لكاد القارئ لا يصدقها! حتى كفار قريش لم يتجرؤوا على فعلها!

- فأم تضع السم لزوجها وأولاده الستة.

- وزوج يقتل زوجته وأولاده ثم ينتحر، ويرسل رسالة قبلها يعترف فيها بما حدث.

- وجار يخرج مندفعًا على جاره فيضربه بسكين عدة طعنات، والسبب شجار خفيف بين الأبناء.

- وزميل في الرابعة عشرة من عمره يقتل زميله ويقطعه قطعًا، ويخفي عظامه المتناثرة في أماكن مهجورة!

بل الظاهرة المنتشرة في الشوارع من ظهور بعض الشباب يعتدون على غيرهم بالسيوف والآلات الحادة المختلفة، رغم رؤية الناس له وعلمه بأنه مراقب بالكاميرات، وكأنه تحدٍّ صارخ للأعراف والمجتمع وللقانون أيضًا، فلم يحجبه دين ولا جيرة ولا قرابة ولا حتى عقل أو حكمة.

بالإضافة إلى البلطجة الممزوجة بشرب المخدرات والاستعراض المقزز: لذا أصبح هذا المسمى معروفًا لدى كل جاهل ومتعلم، فلا يكاد يمر وقت إلا ونسمع عن مشهد من هذه المشاهد التي تُدمي القلب قبل الجسد، والله المستعان.

فلا بد من التكاتف والتعاون، كأسرة ومجتمع ودولة، من أجل القضاء على هذه الظاهرة الغريبة على بلدنا وقيمنا وأخلاقنا.

وعلى كل رب أسرة: أن يتابع أولاده ويوجههم ويتفقد أحوالهم؛ فهو مسؤول عن تصرفاتهم التي في النهاية ستجره إلى الهاوية.

وعلى التربية والتعليم: التجديد في المناهج من بداية الحضانة وحتى التخرج من الجامعة، بإدخال قيم الإسلام فيها وبث روح التعاون والمحبة، وإظهار ذلك في الأفعال والمعاملات بيننا، وتشجيع الطلاب أصحاب السلوك الحسن.

والإعلام له دور كبير جدًّا: وخاصة في هذا العصر، في حجب وإغلاق أي مواقع تحرض على الشر والجريمة، وعدم إظهار الأفلام والمسلسلات التي تُظهر البلطجي صاحب السيف والسكين والآلة الحادة على أنه البطل والمنتصر في نهاية الرواية.

ويجب أيضًا الإكثار من ظهور العلماء الذين يوجهون الشباب التوجيه الصحيح والاستقامة على الطاعة.

والدور الأساسي والمهم جدًّا هو دور الدولة: كل حسب تخصصه، في تفعيل الضرب من حديد على كل بلطجي ومفسد في الأرض، وتحديث وتعديل القوانين بأن تكون أشد عقوبة، والنظر فيمن تشمله العقوبة فتكون عند سن التكليف والبلوغ، لا عند عمر الثامنة عشر كما هو موجود الآن. (فمن أَمِن العقوبة أساء الأدب).

وأخيرًا: لن نتغير للأفضل إلا بالتعاون جميعًا كأسرة ومجتمع ومدرسة وإعلام وجهات مختصة؛ كل حسب دوره وما أُتيح له من إمكانيات؛ قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) (الرعد: 11).