الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 15 أكتوبر 2025 - 23 ربيع الثاني 1447هـ

صور من الطاقة البديلة لمكافحة الاحتباس الحراري

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فيُمثِّل الوقود الأحفوري ما بين 80 إلى 85% من مجموع الطاقة المستخدمة في العالم حاليًا، بينما تُوفِّر صور الطاقة المتجددة الأخرى البديلة المتبقي من الطاقة المطلوبة. وتَرجع تسمية الوقود الأحفوري بهذا الاسم إلى أنه تكوَّن من النباتات المتحجرة ومن الحيوانات الميتة ومن النباتات البحرية الدقيقة التي دُفِنَت تحت الأرض في طبقات عميقة من الطين والرمل أو توجد في قَعر المحيطات. ومع مرور آلاف أو ملايين السنين، ازدادت تلك الكميات من النباتات والحيوانات الميتة التي تحللت بقاياها وتحوَّلت -بفعل الحرارة الشديدة والضغط المرتفع- إلى هذا الوقود الأحفوري. وعند حفر آبار عميقة خلال طبقات الأرض وعبر طبقات الرمل والوحل، يمكن الوصول إلى الصخور المحتوية على ترسُّبات النفط والغاز الطبيعي.

ويَشمَل الوقود الأحفوري الفحم والنفط والغاز الطبيعي.

الفحم والنفط والغاز الطبيعي:

الفحم وقود قابل للاشتعال بسهولة، ولونه أسود، ويوجد في الصخور السوداء الموجودة تحت الأرض المعروفة بأحواض الفحم. ويُمثِّل الفحم ما يقرب من نصف الموارد المستخدمة في العالم لتوليد الكهرباء. بينما يتميز النفط الخام برائحة كريهة، ولونه يتراوح من الأصفر إلى الأسود، ويتواجد النفط في خزَّانات تحت الأرض. أما الغاز الطبيعي فهو خليط من الغازات، النسبة الأعلى منها غاز الميثان. ويُذكَر أن الاحتياطي العالمي من النفط والغاز الطبيعي معرض للنفاد في غضون 50 عامًا، بينما سيستمر تواجد الفحم لأكثر من 150 عامًا أخرى.

ويُعَدُّ توليد الكهرباء أحد الاستخدامات الرئيسية للوقود الأحفوري، وهو مطلب ضروري لا غنى عنه لحياتنا اليومية، حيث يُستخدَم على نطاق واسع في تشغيل المركبات بأنواعها، وفي تشغيل المصانع والشركات، وكذلك في تدفئة المنازل، وغير ذلك.

ورغم أهمية الوقود الأحفوري، فإنه يُسبِّب أضرارًا كبيرة للبيئة يصعب علاجها والتخلص منها، حيث ينطلق من احتراق الوقود الأحفوري بلايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات الملوِّثة للبيئة، مما يتسبب في حدوث الاحتباس الحراري، وارتفاع درجات الحرارة على الكرة الأرضية، وتلف طبقة الأوزون، مما يؤدي إلى ارتفاع منسوب مياه البحار، ويهدد باختفاء مدن وقرى ساحلية، وانقراض أنواع من النباتات والحيوانات. ويؤدي من جهة أخرى إلى زيادة احتمالات حدوث الكوارث الطبيعية المدمرة من أعاصير وفيضانات، أو حدوث نوبات من الجفاف؛ لذا كان من الضروري البحث عن بدائل أخرى من الطاقة لإنتاج الكهرباء، على أن تكون مصادرها نظيفة، غير ضارة بالبيئة، ومتجددة، ومتوفرة دائمًا.

أمثلة من الطاقة البديلة المتاحة حاليًا:

الطاقة المائية:

عَرَف الإنسان منذ آلاف السنين الاستفادة من الطاقة المائية، حيث استخدم السواقي في إدارة طواحين تَطحَن الحبوب، وفي عصر قصب السكر، وفي تحويل الخشب إلى لب، وغير ذلك من الاستخدامات. وقد تطور الأمر في القرن التاسع عشر الميلادي مع إدارة التوربينات المائية لإنتاج الكهرباء.

وتُعرَف الكهرباء المولَّدة باستخدام الطاقة المائية باسم الطاقة الكهرومائية، وللحصول عليها، تُوجَد هياكل خرسانية ضخمة تُسمَّى السدود، تُبنَى على الأنهار لتمنع تدفق المياه فيها، وتُكوِّن خزَّانات واسعة لتلك المياه، ثم تُرسَل المياه من تلك الخزَّانات لتتدفق عبر توربينات فتُديرها، ويُدير كل توربين مولدًا يُنتِج الكهرباء. ويمكن إنشاء محطات للطاقة المائية صغيرة دون سد، عن طريق عمل قناة تُوجَّه من خلالها مياه النهر لتدوير التوربين. وتُعَدُّ الطاقة الكهرومائية أرخص مصدر للطاقة المتجددة، حيث تَقتصِر تكلفتها على بناء السد وتركيب التوربينات، ثم يتم تجديد واستمرار تدفق الماء عن طريق هطول الأمطار وتكوُّن الأنهار، ويتم إنتاج الكهرباء آليًا دون تكلفة أيدٍ عاملة.

وتُولِّد محطات توليد الطاقة الكهرومائية حوالي خُمس إنتاج الكهرباء في العالم حاليًا، وتُعَدُّ الصين والبرازيل وكندا والولايات المتحدة أكبر المنتجين للطاقة الكهرومائية في العالم، ويُوجَد أكبر سد للطاقة الكهرومائية في الصين، وهو سد (ثري جورجز) بقدرة توليد 22500 ميجاوات من الكهرباء. وتُعَدُّ محطة توليد كهرباء (إيتايبو) في البرازيل ثاني أكبر محطة للطاقة المائية بقدرة توليد 14000 ميجاوات.

ولدى الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 2000 محطة للطاقة الكهرومائية تُوفِّر نحو 50% من احتياجات الولايات المتحدة من الكهرباء. كما تُنتِج باراغواي في قارة أمريكا الجنوبية كل احتياجاتها من الكهرباء من خلال السدود الكهرومائية.

ولا يَعلَم أكثر الناس أن إنتاج الطاقة الكهرومائية قد يكون مسؤولًا عن إطلاق غاز الميثان المسؤول عن الاحتباس الحراري، حيث يتسبب غرق الأشجار والنباتات وتحللها أسفل خزَّان السد في إطلاق كميات كبيرة من غاز الميثان. وتُشير التقديرات إلى أن السدود الكبيرة في العالم تُمثِّل أكثر من 4% من الاحتباس الحراري في العالم الناجم عن الأنشطة البشرية.

وفي المقابل: يَخطِّط العلماء لتحويل هذا الجانب السلبي إلى إيجابي عن طريق التوصل إلى استخدام غاز الميثان هذا كوقود لإنتاج المزيد من الكهرباء، حيث يمكن إنتاج حوالي 1760 ميجاوات من كل مليون طن من غاز الميثان.

الطاقة الشمسية:

الاستفادة من طاقة الشمس الحرارية أمر معروف منذ القدم، حيث يُمكِن الاستفادة منها في التدفئة والتجفيف والطهي والإضاءة عبر المرايا والعدسات التي يمكن من خلالها تركيز مساحة كبيرة من ضوء الشمس لإنتاج درجات عالية من الحرارة، يمكن استخدامها في تسخين وغلي الماء، وفي إدارة محركات البخار، وغير ذلك من الاستخدامات، وكلها استخدامات لا يَصدُر عنها أي انبعاثات ضارة بالبيئة.

وفي العصر الحديث، أمكن تحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء دون الحاجة إلى حرق الوقود الأحفوري، وذلك عبر محطات لتوليد الطاقة الشمسية. وتُعَدُّ أنظمة توليد الطاقة الشمسية في صحراء (موهافي) بكاليفورنيا أكبر منشأة لتوليد الطاقة الشمسية في العالم، وهي تُمدُّ أكثر من نصف مليون منزل بالطاقة الشمسية. وقد انتشر استخدام ألواح الطاقة الشمسية التي تتألف من الخلايا الضوئية الشمسية لتحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء للإضاءة والإنارة. ومن المتوقع أن تلبي الطاقة الشمسية احتياجات أكثر من ربع سكان العالم من الطاقة بحلول عام 2040.

وتُستخدَم حاليًا أجهزة صغيرة تعمل بالطاقة الشمسية، كمواقد للطهي والآلات الحاسبة الصغيرة، وكذلك الأقمار الصناعية التي تَدور حول الأرض وتستخدم الألواح الشمسية. كما دَخَلَت الطاقة الشمسية مجال صناعة السيارات، وإن كانت ما زالت بمثابة حلم المستقبل، فعمل السيارات بالكهرباء التي تُنتِجها ألواحها الشمسية سيُحدُّ في المستقبل من ظاهرة الاحتباس الحراري، فهي لا يَنبعِث منها ثاني أكسيد الكربون كسياراتنا الحالية.

ويمكن من خلال الطاقة الشمسية تدفئة المنازل أو تبريدها دون الاعتماد على الوقود الأحفوري أو استخدام أجهزة التدفئة أو التبريد التي تعتمد على الكهرباء في التشغيل. كما يمكن تصميم المباني لامتصاص أقصى قدر من حرارة الشمس عن طريق تركيب نوافذ وجدران وأرضيات تَمتص حرارة الشمس بشكل جيد، مع عمل تصميم جيد للإحكام والعزل يمنع الحرارة من التسرب. وبهذه الكيفية، يمكن توفير كل احتياجات التدفئة للمباني والمنازل باستخدام الطاقة الشمسية في عمل سخانات المياه، وفي الأفران والحوائط الشمسية، من خلال مجمعات الطاقة الشمسية على أسطح المنازل لتسخين الفضاء داخل المبنى، حيث يتم استيعاب الطاقة الشمسية وتوزيعها من خلال مضخات ومراوح. وتُوفِّر نظم تسخين المياه بالطاقة الشمسية الماء الساخن لأكثر من 70 مليون أسرة في البلدان شديدة البرودة.

ويمكن كذلك استخدام الطاقة الشمسية في تسخين حمامات السباحة. وتُقلِّل هذه الطرق كثيرًا من استخدام الوقود الأحفوري، وبالتالي تَجنُّب أضراره على البيئة إلى حد كبير، كما يمكن استخدام الطاقة الشمسية في المحال التجارية على نطاق واسع.

طاقة الرياح:

استخدم أجدادنا طاقة الرياح في إدارة طواحين الهواء التي تُستخدَم في طحن الحبوب وضخ المياه الجوفية. وفيما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، عَرَف الإنسان توليد الكهرباء من الرياح فيما عُرِف بطاقة الرياح. وقد استخدمت أول طاحونة رياح لإنتاج الكهرباء في اسكتلندا في يوليو 1887. وتُعَدُّ طاقة الرياح حاليًا مصدرًا من مصادر الطاقة البديلة المتجددة، يمكن استخدامها في مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث تُستخدَم طواحين الهواء في توليد الكهرباء من خلال توربينات الرياح.

ولهذه التوربينات شفرات طويلة مركبة فيها، تُديرها قوة الرياح فتُنتِج من هذه الحركة طاقة يتم تحويلها إلى كهرباء بواسطة مولدات، وتُنتِج طاقة الرياح حاليًا نحو 2.5% من الكهرباء في العالم، وهي تنمو عامًا بعد عام. وتُوجَد أماكن يتم فيها بناء عشرات أو مئات من توربينات الرياح معًا لتوليد المزيد من الكهرباء، وتُعرَف باسم مزارع الرياح. وهناك بعض توربينات الرياح مبنية في المسطحات المائية، حيث شُيِّدَت على الأرض من خلال برج طويل، حيث تهب الرياح بسرعة أكبر بكثير فوق المسطحات المائية. وتُعَدُّ المناطق الساحلية وقمم التلال والسهول المفتوحة أفضل المواقع الملائمة لمزارع الرياح.

وهناك أكثر من 83 دولة حول العالم تَستخدِم طاقة الرياح لإنتاج الكهرباء، مما يُقلِّل من استخدام الوقود الأحفوري ويُقلِّل من أضراره على البيئة. وتُعَدُّ الصين الرائدة عالميًا في مجال إنتاج طاقة الرياح، بينما تُنتِج هولندا والدنمارك نحو خُمس الكهرباء فيهما من توربينات الرياح، وتُعَدُّ طبيعة الرياح المتقطعة العقبة الرئيسية في تسخير الرياح لإنتاج الكهرباء، بينما تُعَدُّ المناطق الساحلية وقمم التلال والسهول المفتوحة أفضل المواقع الملائمة للاستفادة من الرياح في إنتاج الكهرباء.

الوقود الحيوي:

الوقود الحيوي هو الوقود المستخدم حاليًا في وسائل النقل، وهو مكوَّن من الكتلة الحيوية، مواد نباتية أو حيوانية؛ مثل: قصب السكر والذرة والطحالب والزيوت النباتية، ويمكن أن تكون مختلطة بالوقود البترولي كالبنزين والسولار أو تُستخدَم بمفردها كما هي. ويُعَدُّ الوقود الحيوي أنظف أنواع الوقود احتراقًا، إذ يَنتُج منه ملوثات هواء قليلة جدًا، لذا يُعَدُّ صديقًا للبيئة مقارنة بالوقود الأحفوري.

والوقود الأحفوري، وإن كان يتكون أيضًا من نباتات ميتة ومتحللة ومن مواد حيوانية، لكن الوقود الحيوي مُصنَّع من النباتات التي كانت على قيد الحياة مؤخرًا، بينما الوقود الأحفوري مُصنَّع من بقايا نباتات وحيوانات مدفونة في عمق كبير داخل الأرض منذ آلاف السنين.

ويمكن اعتبار الخشب من أقدم أنواع الوقود الحيوي، استخدمه الإنسان لعمل النار من أجل طهي الطعام، أي: أن الوقود الحيوي أقدم اكتشافًا واستخدامًا من الوقود الأحفوري، لكن في عصرنا الحاضر، صار الوقود الأحفوري أكثر شيوعًا واستخدامًا.

وقود الديزل الحيوي:

يُصنَع وقود الديزل الحيوي من الزيوت النباتية والدهون الحيوانية أو بقايا دهون الطعام المعاد تدويرها. ويُصنَع وقود الديزل حاليًا غالبًا من فول الصويا. يُعَدُّ الديزل الحيوي الوقود المثالي لوسائل النقل، حيث تَنبعِث منه أقل كمية من ملوثات الهواء، فعلى الرغم من أن ثاني أكسيد الكربون وبعض الغازات الأخرى تَنتُج من حرق الوقود الحيوي، فإن مقدارها أقل بكثير مقارنة بالانبعاثات الصادرة عن الوقود الأحفوري.

وللديزل الحيوي خصائص تشحيم جيدة، ويمكن بسهولة تحويل أي مركبة تعمل بوقود الديزل لاستخدام الديزل الحيوي دون حاجة إلى تغيير محركها، كما يمكن أن يُخلَط ببترول المازوت بأي كمية. كما يُعَدُّ الوقود الحيوي من المصادر المتجددة للطاقة، إذ يمكن الحصول عليه من أغلب المحاصيل التي يمكن زراعتها لإنتاج المزيد منها.

وقود الإيثانول:

يُعَدُّ الإيثانول وقودًا صافيًا وعديم اللون، وهو غير سام، ويمكن خلطه بالبنزين. يُصنَع من السكريات الموجودة في الذرة والشعير، ويمكن تصنيعه أيضًا من قشور البطاطس وقصب السكر والأرز، وقد عُرِف الإيثانول في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، واستُخدِم كوقود للإضاءة.

الطاقة الهيدروجينية:

يُعَدُّ الهيدروجين من العناصر الأساسية على الأرض، ومع كونه من أبسط العناصر المعروفة، فإنه يَحمِل إمكانات هائلة يمكن معها استخدامه في توليد الطاقة والحرارة مع انبعاثات منخفضة أو معدومة.

وخلايا وقود الهيدروجين هي خلايا الوقود التي تُغيِّر الطاقة الكيميائية المخزنة في الهيدروجين إلى كهرباء تُستخدَم لتشغيل السيارات الخاصة والشاحنات والحافلات والسفن والمركبات الأخرى. وخلايا الوقود نوع من أنواع الخلايا التي تُستخدَم لتشغيل السيارات ولإنتاج الطاقة، وقد طور العلماء أنواعًا مختلفة من خلايا الوقود التي لها تطبيقات مختلفة. وعند تحول خلايا الوقود، فإن المنتج هو الماء أو الحرارة، وهي منتجات غير ضارة بالبيئة، خالية من الملوثات، إلى جانب أنها أكثر فاعلية من محطات الطاقة المعتمدة على الحرق.

طاقة الأرض الحرارية:

المُراد بالطاقة الحرارية الأرضية الحرارة المتولدة والمخزنة في باطن الأرض، والتي يمكن الوصول إليها في أعماق الأرض، أو تَجِد هي طريقها إلى سطح الأرض من خلال فتحات البراكين وينابيع المياه الساخنة.

في العصور القديمة، استخدم الإنسان المياه الساخنة المتولدة والمخزنة في باطن الأرض، والتي تظهر على سطح الأرض في صورة ينابيع من المياه الساخنة تُستخدَم في الاستحمام والتدفئة وفي طهي الطعام. وبعض مناطق الأرض لديها تركيز أعلى للطاقة الحرارية الأرضية. وتُعَدُّ المنطقة حول المحيط الهادي على طول حلقة النار أهم الأماكن للطاقة الحرارية الأرضية، وتُوجَد بها نحو 90% من محطات الطاقة الحرارية الأرضية في العالم، حيث تظهر الموارد للطاقة الحرارية الأرضية في أعماق الأرض كينابيع ساخنة وبراكين. ويمكن توليد الكهرباء اللازمة من خلال محطات توليد الطاقة الحرارية الأرضية التي تَستمِد وقودها من نسبة من البخار الجاف أو الماء الساخن القادم من عمق كبير تحت الأرض عن طريق حفر الآبار وتمديد مواسير البخار الجاف أو الماء الساخن، حيث تُستخدَم لتشغيل مولد التوربينات، وبالتالي إنتاج الكهرباء. كما تَنقُل مضخات الطاقة الحرارية الأرضية من الأرض أو المياه إلى المبنى للتدفئة في الشتاء، وتُعكَس العملية بغرض التبريد في الصيف. ويُوجَد ثلاثة أنواع من محطات توليد الطاقة الحرارية، وهي: محطات البخار الجاف، ومحطات دفعات البخار، ومحطات دورة الطاقة الثنائية.

وقد أُنشِئَت أول محطة لتوليد الطاقة الحرارية في إيطاليا في عام 1911، ويتم حاليًا استخدام الطاقة الحرارية لتوليد الكهرباء في 24 دولة ولأغراض التدفئة في 70 دولة، وتُعَدُّ الولايات المتحدة الرائدة عالميًّا في إنتاج الكهرباء من الطاقة الحرارية، وتُعَدُّ كاليفورنيا غنية بخزَّانات البخار التي تُنشَأ هناك بشكل طبيعي تحت سطح الأرض، وحيث يُوجَد مجمع مكون من 22 محطة توليد طاقة حرارية أرضية في جبالها، تُعَدُّ أكبر محطة للطاقة الحرارية الأرضية في العالم. وتأتي الفلبين ثم إندونيسيا بعد الولايات المتحدة في الترتيب على التوالي.

وتُعَدُّ أيسلندا أيضًا غنية بالطاقة الحرارية الأرضية نظرًا لارتفاع تركيز البراكين بها، حيث تُدفَّأ 90% من المنازل فيها عن طريق طاقة الحرارة الأرضية، ويتم إنتاج 27% من الكهرباء فيها من خلال خمس محطات لتوليد الطاقة الحرارية الأرضية. وتُوجَد بها بركة (بلو لاجون)، وهي بركة مياه ساخنة تَشكَّلَت من مياه الصرف المالحة الناتجة عن محطات الطاقة الحرارية، حيث تُستخدَم في الاستحمام والسباحة، بينما تُولَّد أغلب الكمية المتبقية من الكهرباء المطلوبة من خلال الطاقة الكهرومائية.

طاقة المحيطات:

تُعَدُّ المحيطات خزَّانات هائلة للطاقة التي يمكن أن تُوفِّر الطاقة اللازمة للإنسان، وذلك من خلال أربعة مصادر للطاقة، وهي: طاقة المد والجزر، وطاقة الأمواج، والطاقة الحرارية للمحيطات، والطاقة التناضحية. وكلها طاقة بديلة نظيفة متجددة وغير ملوثة للبيئة، ووفقًا لآراء العلماء، فإنه يمكن باستغلالها وتطويرها الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بشكل كبير.

ويُعَدُّ استخدام طاقة المحيطات حاليًا محدودًا جدًّا؛ إذ لا تُوجَد إلا أعداد قليلة جدًّا من المحطات الصغيرة حول العالم، ولكنها حازت اهتمام العلماء نظرًا لإمكانيات المحيطات الهائلة التي يمكن باستغلالها بشكل كامل من خلال تقنيات متطورة في مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

طاقة المد والجزر:

المُراد بالمد والجزر صعود مستويات مياه البحر وهبوطها بشكل يومي، وهي ظاهرة ناتجة من جاذبية الشمس والقمر بالاشتراك مع جاذبية الأرض. ويمكن تسخير المد والجزر لتوليد الطاقة عبر وسيلتين، الأولى: استغلال صعود وهبوط مستوى البحر باستخدام السدود (تُعرَف باسم القناطر)، والثانية: باستخدام التوربينات البحرية. وتُعَدُّ بحيرة (سيهوا) أكبر محطة لطاقة المد والجزر، وتُوجَد في شمال كوريا. وتُعَدُّ محطة طاقة المد والجزر في (رانس) في شمال فرنسا ثاني أكبر محطة للطاقة.

طاقة الأمواج:

في مناطق كثيرة من العالم، تهب الرياح بقوة تكفي لتوفير أمواج مستمرة عن طريق إحداث تقلبات في الضغط من أسفل السطح تُحدِث تلك الأمواج. وتُعَدُّ طاقة أمواج المحيطات الكلية طاقة هائلة تَضرِب سواحل العالم بصفة مستمرة. وتُعَدُّ هذه الأمواج مصدرًا محتملًا للطاقة سواء في مياه البحر العميقة أو الضحلة، حيث صُمِّمَت أجهزة لالتقاط طاقة الأمواج تُثبَّت على السواحل والمواقع البحرية البعيدة عن السواحل، من أمثلتها جهاز (أكوا بوي) وجهاز (ويف دراجون) لتسخير الطاقة من أمواج المياه العميقة. ويُعَدُّ تأرجح أعمدة المياه مثالًا على طاقة جهاز الساحل. وتُوجَد في الدنمارك محطة توليد كهرباء عائمة بطول 37 مترًا وعرض 25 مترًا للاستفادة من طاقة الأمواج وطاقة الرياح.

الطاقة التناضحية:

يُطلَق اسم الطاقة التناضحية على اختلاط الماء العذب بمياه البحر عند مصب الأنهار العذبة في المحيط المالح بكميات كبيرة من الطاقة التي يمكن استخدامها في توليد الكهرباء. وتُعَدُّ النرويج والدنمارك أنشط الدول في مجال بحث وتطوير هذه الطاقة التناضحية.

الطاقة الحرارية للمحيطات:

تُقوم حرارة الشمس بتدفئة سطح المحيط أكثر من المياه الموجودة في أعماق المحيط، وهذا الاختلاف في درجات الحرارة بينهما يُحدِث طاقة حرارية، ويمكن استخدام هذا الاختلاف في إنتاج الكهرباء عن طريق تشغيل محركات حرارية، وهو ما يتم اختباره حاليًا في العديد من دول العالم لتطوير هذه التقنية والاستفادة منها لتوليد كميات كبيرة من الكهرباء سنويًا.