الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 09 سبتمبر 2025 - 17 ربيع الأول 1447هـ

شيخوخة العزائم!

كتبه/ عبد الرحمن العطار

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال أنس -رضي الله عنه-: كنت أخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكنت أسمعه كثيرًا يقول: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ) (متفق عليه)

ضعف الهمم وخمود الطاقات الداخلية مع مرور الزمن لم يكن أبدًا بسبب شيخوخة الأبدان، بل بسبب التراخي والتكاسل والاستسلام للوهن النفسي؛ فقد ترى شابًّا في العشرينيات، لكنه ضعيف الهمة كأنه شيخ كبير، وترى شيخًا في السبعين، لكن عزيمته فتية متقدة.

وهذا المرض انتشر في ناشئة جيلنا -للأسف!- فصرنا نرى فقدان الرغبة في الإنجاز والسعي، والركون إلى الراحة والكسل، أما عن ضعف الإرادة أمام العقبات فحدث ولا حرج.

تجد الشاب سريعًا ما يستسلم لليأس دون أدنى مقاومة، فيولد ذلك ضياع العمر بلا إنجاز، وانطفاء أثر الشاب في مجتمعه، وتوليد جيل ضعيف لا يخدم دينه وأمته، ويزداد الأمر سوءًا إذا انتقلت العدوى للآخرين.

وأسباب ذلك -والله أعلم-:

- التعود على الراحة والدعة.

- كثرة الانشغال بالتوافه والترف.

- ضعف الصلة بالله ونسيان الغاية من الحياة.

- الإحباط الناتج عن تجارب فاشلة أو ضغوط متكررة.

- ضعف عبودية التوكل والتفويض.

نحتاج إلى أن نغرس تلك المعاني في الناشئة لعلاج ذلك المرض العضال من خلال:

- تقوية الإيمان بالآخرة واليقين في موعود الله.

- صحبة أهل الهمم العالية، وترك صحبة أهل البطالة والكسل.

- المؤمن طَمُوح وله أهداف عملية محددة.

- التدرج في الإنجاز لإحياء روح الثقة، وعدم استعجال النتائج، فمن استعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه.

- ذكر سير العظماء الذين لم تهرم عزائمهم، وأولهم سيد ولد آدم محمد -صلى الله عليه وسلم-، وصحابته الكرام -رضي الله عنهم- وتدريس سيرهم وبثها في الجيل.

- معرفة أن الأصل في الدنيا أنها دار ابتلاء فلا نجزع.

طبعت على كدر وأنت تريدها        صـفـوًا من الأقــذار والأكـدار

‌ومـكلـف ‌الأيام ‌ضد ‌طـباعـها        متـطلـب في الماء جـذوة نـار

- عبودية الصبر والاحتساب من أفضل القربات إلى الله -تعالى-؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ، وَلَا سَقَمٍ وَلَا حَزَنٍ، حَتَّى الْهَمِّ يَهَمُّهُ إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِه) (متفق عليه) .