كتبه/ عبد العزيز خير الدين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فإن من الظلم البَيِّن والواضح، والتجني والتعدي على الآخرين: أن تحكم على شخص بحكم فيه إهانة وضياع حق، لطمس الحقائق وتزيين الباطل، لمجرد أنك سمعت عنه أو قيل لك، أو كان مخالفًا لرأيك؛ لا سيما إن كانت المصادر الرئيسة لك هي مواقع التواصل أو بعض وسائل الإعلام المدمرة!
ويكون الظلم أخطر: إذا كان النقد والتجريح والتشويه لعالِم أو حاكم، أو لشخصية ناجحة مؤثرة في المجتمع، أو كيان له بصمات وتاريخ مبني على ضوابط شرعية وأسس منهجية، يسعى إلى الإصلاح والحفاظ على الهوية.
لقد جعلت الشريعة الإسلامية كلَّ مَن يقع في أعراض الناس لمجرد أنه ناقل (آثم وكاذب) يستحق العقوبة؛ كما جاء في صحيح مسلم من حديث حَفْصِ بن عَاصِمٍ قال: قال رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ) (رواه مسلم).
ولا يخلو هذا المفهوم الهابط من صنفين كلاهما يهدم ولا يبني، ويجرح ولا يُعدِّل، ويفسد ولا يصلح:
الصنف الأول: هذا منهجه وعمله وفكره؛ إما لحماية أجندات وأفكار خارجية، وإما فهم خاطئ وضلال وانحراف، كما قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) (الأحزاب: 58).
الصنف الثاني: يدور حيث دار الناس؛ همجي يتبع كل ناعق، يميل حيث مالت الرياح، ينقل وينشر ويسوق الاتهامات والأكاذيب والإشاعات، دون فهم أو إدراك لمخاطر ما ينشره على الفرد والمجتمع؛ قال -تعالى-: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) (النساء: 83).
أخي القارئ: اسمع منا ولا تسمع عنا، وكما تحتاط لمطعمك ومشربك وسائر حياتك؛ فالأولى أن تحتاط لدينك.
واعلم أن كل كلمة تخرج من لسانك إما لك أو عليك؛ فاجعلها دفاعًا عن الحق، ونصرة لكل من ظُلم بكلمة تخوين أو تشويه، واعمل بقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات: 6).