الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 26 مايو 2025 - 28 ذو القعدة 1446هـ

الصالون الأدبي (مع عُقَاب العربية.. الأستاذ محمود محمد شاكر) (38)

كتبه/ ساري مراجع الصنقري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فنواصلُ سيرةَ حِصْنٍ مِن حُصونِ العُروبةِ والإسلامِ، الذي بأمثالِه يمكن لِبلادِنا أن تعيشَ نهضةً علميَّةً كبيرةً، ويكونَ لها مستقبلٌ مُشرِقٌ يعيدُ تاريخَها، ويُحقِّقُ آمالَها.

قال محمود شاكر في مقالِه "المُتَنبِّي ليتني ما عرَفتُه (1)" -الذي نُشر في "مَجلَّةِ الثَّقافة" (السَّنة الخامسة، العدد 60، سبتمبر، 1978م، ص: 4-19)-: "أخي الدكتور عبد العزيز الدسوقي (1925-2015م) -وكان رئيس تحرير مجلة الثقافة-: ... وبعدُ، فكاذبٌ أنا إن قلتُ لك أنّ ثناءك عليَّ لَم يهزني، فأنا كأنت وكهو وكهي، كُلُّنا ممّا يَغُرُّهُ الثَّناءُ، أو تأخذه عنده أريحيَّةٌ وابتهاجٌ أو تَغمُرُه فيه نشوةٌ ولذَّةٌ.

ولكن غروري وأريحيَّتي وابتهاجي ونشوتي ولذَّتي، سرعان ما تنقلب عليَّ غمًّا لا أجد مُتنفَّسًا يُفرِّج عنِّي؛ لأنِّي أعلم مِن حقيقة نفسي ما يجعلني دون كُلِّ ثناء وإن قلّ، أعلمه عيانًا حيث لا يملك المُثنِي عليَّ أن يراه عيانًا كما أراه، ولَيْتَ شِعْرِي، أكان شيخُ المَعرَّةِ صادقًا حيث يقول عن نفسه:

إذا أَثْنَى عليَّ الـمَرءُ يـومًا                     بـخـيرٍ ليس فـيَّ فذاك هاجِ

وحقِّي أن أُساءَ بما افتراه                     فلُؤمٌ في غريزتيَ ابتهاجِي

وعسى أن يكون الشيخ قد صدَق عن نفسه بعضَ الصِّدق، لقد عَدَّ ثناءَ المُثنِي عليه بما ليس فيه افتراءً، ثم أقرَّ مع ذلك أنَّه يبتهج لما افتراه وكان حقه أن يستاء، لولا لؤم الغريزة.

فمعنى هذا إِذًا: أنَّ الشيخ كان إذا جاءه ثناءٌ عليه بما هو فيه، فإنَّه يبتهج له، ولا يعد ابتهاجه هذا لؤمًا في غريزته، أمَّا أنا فأعد ابتهاجي بالثناء عليَّ بما هو فيَّ وبما ليس فيَّ، لؤمًا في الغريزة، لأنِّي أعلم أنَّ الذي فيَّ من الخير مغمورٌ في بحرٍ طامٍ من النَّقيصة والعيب.

ومع ذلك، فأنا أشكر لك ثناءك، لأنَّ الشكر واجب لا مصرف عنه، وترك الشكر لُؤمٌ آخَرُ في الغريزة.

أشكره لك لأنَّك بثنائك عليَّ، ذكَّرْتَني عيبي وتقصيري ونقيصتي لِأستغفر اللهَ وأتوب إليه. هذه هي الْأُولَى" (انتهى).

أمَّا الثَّانيةُ فسنذكرُها في المقالِ القادمِ -إن شاء الله-.

واللهُ المُوفِّق.