كتبه/ طلعت مرزوق
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد روى لويد جورج، رئيس لجنة الذخائر -ثم رئيس الوزراء البريطاني إبان الحرب العظمى- في مذكراته، أن أستاذ الكيمياء الصهيوني الدكتور وايزمان ساعد بريطانيا في استخراج مادة الأسيتون التي تُستخدم في صنع الذخائر الحربية، من عناصر غير الخشب، وكانت أعوص مشكلة عانت منها بريطانيا أثناء الحرب.
كان الدكتور وايزمان مقتنعًا بأن أمل الصهيونية مرهون بانتصار الحلفاء، فرفض كل جزاء مقابل عمله؛ بشرط أن تصنع بريطانيا شيئًا في سبيل الوطن القومي لليهود.
ولما تولى لويد جورج رئاسة الوزراء، خاطب بلفور بأن بريطانيا تريد أن تجتذب اليهود من الدول المجاورة إلى صفها، خوفًا من ميلهم لألمانيا لسخطهم على روسيا. وكان لذلك أثره -مع غيره- على وعد بلفور المشؤوم عام 1917م.
زاد نفوذ اليهود بعد الحرب العالمية الثانية، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وروسيا، وهم وراء ابتداع النظرية الماركسية الشيوعية في روسيا، وتصديرها إلى شرق أوروبا، وبعض دول ما يُسمى بالعالم الثالث.
كما روَّج اليهود النظريات الهدامة في السياسة: كنظرية ميكافيلي "الغاية تبرر الوسيلة"، وفي الاقتصاد: كنظرية ماركس، والاجتماع: كنظرية دوركايم، وفي الأخلاق: كنظرية فرويد، وسارتر في أدب الانحلال والضياع، وفي الإلحاد: كنظرية التطور لدارون.
وتعود الصهيونية الحديثة إلى الصحفي اليهودي النمساوي تيودور هرتزل (1860م - 1904م). وهي حركة سياسية يهودية عنصرية، تهدف إلى جمع اليهود في فلسطين، وبناء هيكل سليمان، وإقامة مملكة إسرائيل، (تمهيدًا لنزول المسيح المُخلِّص) والسيطرة على العالم تحت مُلك يهوذا المنتظر المزعوم. وسبب تسمية الصهاينة بهذا الاسم هو النسبة إلى جبل صهيون الذي يقع جنوب بيت المقدس، ويقدسه اليهود.
بيد أن بعض اليهود الحريديم (المتدينون) ضد الصهيونية، ويرون أن قيام الدولة قبل نزول المُخلِّص خطأ ويستجلب غضب الله. ومن هؤلاء جماعة ناطوري كارتا، وغيرهم.
عقد هرتزل أول مؤتمر صهيوني عالمي في بازل بسويسرا عام 1897م، ونجح في تجميع دهاة اليهود حوله، ومنهم الذين أصدروا بروتوكولات حكماء صهيون. وبعد مؤتمر بازل، بدأ هرتزل في العمل لاحتواء السلطان العثماني عبد الحميد، بالترغيب والترهيب، لتوطين اليهود بفلسطين، ولكنه فشل.
عمل الصهاينة على إسقاط السلطان العثماني عبد الحميد بعد رفضه التوطين، كما عملوا على إلغاء الخلافة العثمانية. وتمكنوا من الهدف الأول عام 1909م، والثاني عام 1924م، بعد بث الدعايات والأكاذيب ضد السلطان العثماني عبد الحميد، وإضفاء جميع صور البطولة على مصطفى كمال أتاتورك (من أصل يهودي، عاش بمدينة سلانيك، التي سكن فيها اليهود القادمون من أوروبا).
أما عن الصهاينة اليوم، فقد تشكَّلت حكومة نتنياهو السادسة (السابعة والثلاثون في تاريخ الكيان الصهيوني) في التاسع والعشرين من ديسمبر عام 2022م، عقب الانتخابات التي جرت في الأول من نوفمبر من نفس العام.
وتكونت هذه الحكومة الائتلافية من ستة أحزاب، بإجمالي أربعة وستين مقعدًا من مقاعد الكنيست البالغة مائةً وعشرين مقعدًا، على النحو التالي:
1- حزب الليكود (التجمع)، ويمثل اليمين العلماني، بقيادة بنيامين نتنياهو: 32 مقعدًا.
2- حزب الوحدة اليهودية، بقيادة بتسلئيل سموتريتش: 7 مقاعد.
3- حزب القوة اليهودية، بقيادة إيتمار بن غفير: 6 مقاعد.
4- حزب نوعام، بقيادة آفي ماعوز: 1 مقعد. (وهذه الأحزاب اليمينية الثلاثة السابقة تمثل الصهيونية الدينية).
5- حزب شاس، ويمثل اليهود الشرقيين "السفارديم"، بقيادة أرييه درعي: 11 مقعدًا.
6- حزب يهدوت هتوراه، ويمثل اليهود الغربيين "الأشكناز"، بقيادة موشيه غافني: 7 مقاعد. (وهذان الحزبان السابقان يمثلان اليمين الحريدي).
وتنتهي المدة القانونية لهذه الحكومة -ما لم تسقط -في ديسمبر عام 2026م.
وللحديث بقية إن شاء الله.