الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأحد 06 سبتمبر 2020 - 18 محرم 1442هـ

الفساد (68) سلبيات ممارسة كرة القدم وتشجيع فرقها (3-4)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فإن آفة لعبة كرة القدم خاصة والرياضة عامة في بلادنا، تكمن في:

1- الأخذ بمفهوم الرياضة عند الغرب الذي لا يتقيد بكل ما ينبغي التقيد به في ممارسة الرياضة من أحكام الإسلام وآدابه، بل حوَّل الرياضة إلى حرفةٍ ومهنةٍ، بل وصناعة للتكسب والتربح منها، وبشكلٍ مبالغ فيه؛ رغم أنها لا تعدو عن كونها من اللعب واللهو الذي لا يجوز إضاعة الأوقات والأعمار في التفرغ له.

2- تحويل الرياضة إلى منافسة لا ممارسة، فالرياضة تمارسها فئة دون غيرها، تُقام لها المسابقات والبطولات وتُعطَى لها العطايا والمكافآت، وعموم الناس مهمتهم المشاهدة والتشجيع لا غير، وعليهم تمويل هذه المسابقات والبطولات بما يدفعونه مقابل المشاهدة والتشجيع.

3- تقديم المصالح والمنافع الشخصية والأهواء على المصلحة العامة في منظومة الرياضة، وافتقاد الإرادة الجادة في إصلاح هذه المنظومة وحسن إدارتها.

الاحتراف وصناعة كرة القدم:

لعبة كرة القدم -وفق المفهوم الغربي لها- صناعة من الصناعات يُنفق عليها ليستثمر فيها، وتعود بالربح الوفير على مَن يتقلدون أمرها.

والاحتراف: هو اتخاذ ما يحسنه الإنسان وسيلة يعكف عليها للكسب، واحتراف لعبة كرة القدم اتخاذها مهنة وسبيلا للتكسب والمعاش، والأصل في أحكام الشريعة الإسلامية عدم جواز اتخاذ اللعب واللهو حرفة للكسب وعدم جواز الاستئجار عليه، لكن يرخص في أخذ مال أو أجر أو جُعْل (بضم الجيم وتسكين العين) على اللعب الذي ينتفع به في الجهاد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى (ج 4 / 461) في بيان حكم التكسب من اللعب: (... لأن بذل المال فيما لا ينفع في الدين ولا في الدنيا منهي عنه، وإن لم يكن قمارًا، وأكل المال بالباطل حرام بنص القرآن، وهذه الملاعب من الباطل؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ مَا يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ المُسْلِمُ بَاطِلٌ، إِلَّا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتَهُ أَهْلَهُ، فَإِنَّهُنَّ مِنَ الحَقِّ) (رواه أحمد وغيره، وحسنه الأرناؤوط في تحقيق مسند الإمام أحمد، وقال الألباني: صحيح إلا قوله: "فإنهن مِن الحق").

وقال ابن تيمية -رحمه الله- أيضًا: (وقد يرخص في بعض ذلك إذا لم يكن فيه مضرة راجحة، لكن لا يؤكل به المال، ولهذا جاز السباق بالإقدام والمصارعة وغير ذلك، وإن نهي عن أكل المال به).

وذكر السيوطي في (الأشباه والنظائر) ج 2 / 445 عدم جواز التكسب باللهو حتى لو كان مباحًا، وهذا ما عليه أكثر أهل العلم (راجع: "كرة القدم وأخواتها" جمع أبي ذر القلموني – دار ابن الجوزي القاهرة - ص100).

فـ(ما لا يستعان به في الحروب كاللعب بكرة القدم والملاكمة والمصارعة، فلا يجوز إن كان بجوائز للفائز، وإن كان بغير جوائز جاز منه ما لا يشغل عن واجب، ولا يوقع في محرم، ولا ينشأ عنه ضرر وإلا حرم) (من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بالسعودية).

(ومن الظواهر الغريبة والعجيبة معًا: ما أصبحت تتمتع به الرياضة الاحترافية من اهتمام بالغ من الشباب عمومًا، والهيئات والمنظمات والمؤسسات التجارية والاقتصادية، فأصبحت الرياضة صناعة ومهنة يستأجر لها الماهرون فيها بأموال طائلة مقابل اللعب للفريق المستأجر مدة معينة من الزمن مقابل إمتاع الجماهير والملايين من المتعاطفين بمداعبة (كرة القدم) ومغازلتها والتدرب على ذلك طوال النهار، وآخر المكاسب الحصول على ألقاب البطولة والفوز بالكؤوس.

في حين تصرف على هؤلاء المحترفين مبالغ مالية تصل في بعض الأحيان إلى ما يعادل ميزانية بعض دول العالم الفقير لشراء لاعب ماهر!) (المصدر السابق، ص 99 - 100).

(فاللاعب البرازيلي (نيمار دا سيلفا) مهاجم نادي (باريس سان جيرمان) يتقاضى 564 ألف يورو أسبوعيًّا ليصل راتبه إلى 30 مليون يورو في السنة، وقد حصل (نادي برشلونة) على مبلغ 222 مليون يورو من بيع نيمار، ويمتد عقد نيمار مع (سان جيرمان) لخمسة أعوام قادمة، وسيحصل بذلك على 150 مليون يورو خلال فترة العقد!) (انظر: "هدير الكرة: قصة كرة القدم من التشجيع إلى الاحتراف" مهندس أحمد الشحات ط. دار الشباب ط. 2018 م: ص 81، نقلًا عن مقال على النت بعنوان: (راتب نيمار مع سان جيرمان... واحد يورو في كل ثانية) في 3 أغسطس 2017 م).

(كما أصبح اللاعب المصري محمد صلاح أغلى لاعب لكرة القدم عربيًّا وإفريقيًّا من حيث القيمة المالية في انتقالات اللاعبين في الملاعب الأوروبية، وقد أعلن نادي (ليفربول) الإنجليزي في يونيو2017 م تعاقده مع صلاح (25 عامًا) قادمًا من روما الإيطالي لمدة خمس سنوات، وقد انتقل صلاح إلى (ليفربول) في صفقة بلغت قيمتها 39 مليون جنيه إسترليني بما يعادل 45 مليون يورو بجانب 8 ملايين يورو حوافز، علمًا بأن اللاعب المصري سيتقاضى راتبًا أسبوعيًّا يصل إلى 90 ألف جنيه إسترليني) (المصدر السابق، ص 82، نقلًا عن مقال على النت: (المصري صلاح أغلى لاعب عربي وإفريقي في23 يونيو 2017م).

(إن الذي يطالع كشف الإنفاق الذي تخصصه الدولة من ميزانيتها على اللعبة يجد أنه يكفي لإطعام الجوعى ومحاربة الفقر وعلاج المرضى، ومع الأزمات الطاحنة التي تمر بها عدد من الدول في إفريقيا وفي العالم الثالث؛ إلا أنها لا توجِّه نفقاتها إلى النهضة والتطوير، بل تبخل على شعوبها بهذه الأموال وتوجهها إلى ميزانية الكرة بكل مصارفها التي تلتهم أرقامًا مهولة) (المصدر السابق، ص 82).

(إن هذه الأموال التي تنفق لبناء الملاعب المخصصة للعب الكرة وتجهيزها لو أنفقتها البلاد الإسلامية في غير هذا؛ لعاد عليها بالنفع العميم، فضلًا عن الملايين التي تنفق على المجلات والصحف الرياضية لمجرد معرفة أخبار اللاعبين؛ بالإضافة إلى ما تتكلفه الدولة حتى تنقل المباريات من دولة لأخرى عبر الأقمار الصناعية والرواتب الضخمة التي تسلم للمدربين واللاعبين الأجانب، مع أن هذا الراتب يفوق ما يأخذه الأستاذ الجامعي بأضعاف مضاعفة، فهل يا ترى ما يقدمه هذا المدرب الأجنبي أو اللاعب لفريق دولة من دولنا يكون أولى بالاهتمام والمكافأة مما يقدمه أستاذ جامعي.

إن الذي تنفقه الحكومة المصرية على الراتب الشهري للمدرب الأجنبي للمنتخب القومي يفوق ما تخصصه للبحث العلمي لمدة عام، ورغم ما تعانيه البلاد من صعوبات في الحصول على العملة الأجنبية إلا أنها تنفق على هذه الأبواب بسخاء ودون مراعاة لما تمر به من أزمات.

ومن عجائب الأمور: أن تلجأ دولة إلى الاقتراض والاستدانة من أجل أن تغطي مصروفاتها، ومع ذلك تبقى حصة الكرة لديها محفوظة ومصونة لا يقدر أحد على المساس بها، هذا من جانب الدولة، أما من جانب الشعوب والأفراد فإن العجب لا ينقضي من حال الشعوب الفقيرة التي تئن تحت نيران الغلاء والعوز ثم تجد الكثرة منها تتزاحم في طوابير طويلة على شبابيك التذاكر لمشاهدة المباريات في الإستاد، وما يصاحب ذلك من شراء الألعاب النارية والمفرقعات والأعلام التي تباع بأسعار باهظة من أجل استخدامها في التشجيع والاحتفالات، والبعض يسافر في ركاب الفريق ليحضر معه المباريات ويشاهدها بشكل مباشر، ثم هو يبخل بعد ذلك أن ينفق هذه الأموال لإطعام بطون جائعة أو إسعاد وجوه بائسة) (المصدر السابق، ص 84 - 85).

الفيفا يحكم البشر:

الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) والذي يضم في عضويته 209 دولة في قارات العالم الخمس هو المسيطر على أحوال كرة القدم في العالم ويتحكم فيها بما يصدره من قرارات ويضعه من لوائح ونظم.

وتبلغ أرباح الفيفا 7و5 مليار دولار من مصادر دخل كثيرة، منها: عقود الشراكة مع كبرى الشركات وحقوق بث المباريات (نحو 43 % من الأرباح)، وعقود الرعاية والتسويق (نحو 29 % من الأرباح)، وتذاكر المباريات والمتاجر والرسوم الإدارية وغيرها (نحو 28 % من الأرباح).

وقد بلغت نفقات الفيفا في الفترة من بين عامي: 2011 م - 2014م نحو 3و5 مليار دولار من رواتب العاملين، من رئيس الاتحاد الدولي الذي يبلغ راتبه السنوي 900 ألف دولار ويحظى بمكانة دولية مرموقة، إلى رواتب سائر الموظفين؛ بالإضافة إلى تكلفة تنظيم المسابقات والبطولات والمساهمة في الإنفاق على المشاريع الكروية في بعض الدول، وتقديم المبالغ الكبيرة للدولة التي تنظم بطولة كأس العالم للكبار والناشئين، ويبلغ الاحتياطي النقدي المتوفر في أرصدة الفيفا نحو مليار ونصف مليار دولار، وهو الفائض عن المصروفات وميزانيات الفيفا السنوية.

وقد أثيرت الكثير من الأخبار حول صور الفساد والغش والتلاعب والمجاملات التي يدار به الفيفا، والتي لم تعد تخفى على أحد بعد أن تناولتها الصحف العالمية، وكشفت عن العديد منها (راجع "هدير الكرة" ص 45 - 50 نقلًا عن مقال على النت بعنوان: (ماذا يعني أن تكون رئيسًا لدولة الفيفا؟) في 26 / 2 / 2016م)؛ ولهذا كله صارت أندية كرة القدم الكبيرة محط أنظار كبار الأثرياء ورجال الأعمال لتدوير أموالهم واستثمارها من خلال شراء تلك الأندية وإدارتها، وتحقيق المكاسب الكبيرة من ذلك إلى جانب الوجاهة والنفوذ.

تشفير الفيفا للقنوات التلفزيونية:

اتجه الفيفا منذ فترة طويلة إلى بيع حق بث البطولات تلفزيونيًّا بمبالغ هائلة، بداية من كأس العالم في الأرجنتين عام1978م إلى اليوم، وتطور الأمر إلى بيع حقوق البث لجهة واحدة تحتكر تلك الحقوق؛ مما أدَّى إلى عدم تمكن الجماهير المتزايدة عامًا بعد عام من مشاهدة المباريات في منازلها؛ لعدم القدرة على دفع المبالغ الطائلة للاشتراك في قنوات البث؛ مما دفع الناس إلى متابعة المباريات في الأماكن العامة والنوادي والمقاهي التي تذيع تلك المباريات المشفرة، مما زاد من شعبية اللعبة وجماهيريتها من خلال التجمعات الكبيرة في الساحات والميادين العامة والنوادي والمقاهي، وما يصحبها من إثارة وهياج واحتفالات أدخلت هذه المباريات في دائرة الاهتمام حيث فرضت أوقات إذاعتها نفسها على الجميع، فصارت يعد لها ألف حساب من المهتمين بها والمتابعين لها، ومِن غيرهم.

نريدها ممارسة لا منافسة:

قال الكاتب الصحفي إبراهيم حجازي: (لأن هناك خللًا عامًّا وآخر خاصًّا... الخلل أو الخطأ العام مسئولية دولة من زمان، يوم سمحت بإخراج الرياضة من المدرسة... مسئولية دولة غضت البصر من زمن عن أن ممارسة الرياضة حق وطن قبل أن يكون حق مواطن... حق وطن في أجيال قوية سوية متوازنة بدنيًّا وصحيًّا ونفسيًّا... قادرة على الإنتاج وعلى حماية الوطن... حق وطن في اكتشاف مواهبه التي منحها الله له ولا يرى غالبيتها الكاسحة؛ لأنها من الأصل لم تمارس لا رياضة ولا غير رياضة!

ماذا ننتظر من شباب وأطفال 90 % منهم لا يمارسون الرياضة؟!

وهذا معناه تدني لياقتهم البدنية، وهبوط لياقتهم الصحية، وفقدان لياقتهم النفسية... وفوق هذا وذاك أننا لم نتعرف ونكتشف المواهب الموجودة بين الـ90% من أطفالنا وشبابنا... لا لشيء إلا لأننا حرمناهم من ممارسة الرياضة؛ فأي مستوى مرتفع ننتظره ومواهبنا لا نراها؟!

اليوم المدرسة بها 20 مليون ولد وبنت، وبدلًا من أن تكون المدرسة أكبر قاعدة لممارسة الرياضة -والميزة أنها تحت أيدينا وأمام عيوننا ونعرف كل بياناتها- بدلًا من ذلك، أهملناها من قرابة نصف القرن! فقدنا برضانا المواهب الموجودة في المدرسة ونتكلم الآن عن 20 مليونًا، ولنا أن نتخيل عدد المواهب الموجودة بينهم!

زيادة قاعدة ممارسة الرياضة مسئولية دولة، وإدارة الكرة يتحمل اتحاد الكرة جزءًا منها؛ لأن مسئوليته تبدأ بعد أن يصبح الطفل لاعبًا متفوقًا يرقى لمنتخبات المراحل السنية.

مسئولية اتحاد الكرة تبدأ بعد النادي، والنادي من الأصل (مخنوق)؛ لأن المدرسة كانت فيها رياضة وتكتشف المواهب والنادي يلتقطها!

الآن النادي مسئول عن الممارسة ومسئول عن اكتشاف المواهب، ومسئول عن رعايتها إلى أن يقدمها... لا ومليون لا... فماذا يفعل اتحاد الكرة؟!).

ويضيف: (الذي يستطيعه اتحاد الكرة ويملك تطبيقه هو إعادة صياغة لوائحه ونظام الانتخابات التي تفرز نوعيات لا تملك مقومات الإدارة. الذي يستطيعه اتحاد الكرة هو إعادة النظر كليا في نظام المسابقات... لأجل أن تكون فعلًا وحقًّا لرفع مستوى الكرة. نظام الانتخابات القائم من سنين طويلة إفرازاته أغلبها فشل؛ ليس لأننا لا نملك مواهب إدارية، إنما لأننا أسرى لوائح تخطاها الزمن، وأظنها مسئولة عن المعاناة التي تعيشها الكرة المصرية من أسماء مستحيل أن تتولى المسئولية.

إصلاح منظومة اللوائح أظنه الأهم؛ لأننا في حاجة لكفاءاتٍ إداريةٍ قادرةٍ على العطاء في منظومة الكرة.

عندنا الخبرات القادرة على صنع الفارق، القادرة على العمل لا اختلاق المشكلات، القادرة على العطاء لا المشتاقة للمصالح والمكاسب الشخصية. نريد لوائح تضمن تقديم منظومة عمل تعرف كيفية الاستفادة من خبرات هائلة نملكها) (جريدة الأهرام - عدد الجمعة 13 يوليو 2018 م، ص 17).

وقال أيضًا في موضع آخر: (عدم وجود مصر مع الأرجنتين والبرازيل والبرتغال وإسبانيا كقوى كروية كبرى؛ ليس لأن مصر غير قادرة على إنجاب المواهب، إنما لأن مصر ابتلاها الله باتحادات (كورة) غاية المراد عندها من رب العباد تربيطات الانتخابات التي تجري كل أربع سنوات "وتولع المونديالات").

وأضاف: (مصر بالظروف الحالية مؤهلة لأن تكون قوة كروية كبرى بالفكر والتخطيط، وبإعادة النظر كليًّا في اللوائح المنظمة للرياضة عمومًا وكرة القدم تحديدًا. عندنا خبراء في كل مجالات الرياضة، عندنا ثروة بشرية عظيمة نعاني من سلبياتها في الإنجاب والاستهلاك، ولم نعرف حتى هذه اللحظة كيفية الاستفادة منها.

عندنا مواهب لا نراها ولن نراها؛ لأنها أصلًا لم تمارس الرياضة والممارسة فقط هي التي تكشف عن المواهب، عندنا كل متطلبات تحقيق النجاح شيء واحد افتقدناه طوال السنوات الطويلة الماضية؛ ألا وهو الإرادة) (جريدة الأهرام - عدد الجمعة 22 يونيو 2018م، ص 17).

وقال في موضع آخر: (الدستور ينص على أن ممارسة الرياضة حق لكل مواطن... حقه أن يجد الأرض التي يمارس عليها الرياضة، والوقت الذي يسمح له بممارسة الرياضة... المشكلة القائمة حتى هذه اللحظة عدم تناسب مساحات الأرض المخصصة لممارسة الرياضة مع تعداد مَن يريدون ممارسة الرياضة) (جريدة الأهرام - عدد الجمعة - 22 نوفمبر 2019م، ص 17).

وقال في موضع آخر: (الممارسة شرط أساسي، وهي تتحقق بتوفير مساحات الأرض المخصصة ملاعب، ومن واقع ما هو قائم وموجود فوق الـ 90% من أطفال وشباب مصر لا يمارسون الرياضة؛ لعدم وجود ملاعب، وبالتالي ضاعت علينا المواهب الموجودة بينهم).

وأضاف: (هذا أول اختبار لإرادة الدولة: مطلوب ألف قطعة أرض مساحة 30 في 60 مترا على أقصى تقدير لتكون ملاعب لممارسة كرة القدم أو أي لعبة عليها... المهم أن تخصص للممارسة فقط. المهم أن تكون متاحة أمام كل طفل وشاب في أي محافظة ليمارس عليها الرياضة) (الأهرام عدد الجمعة 22 يونيو 2018م).

الشركات والرياضة:

من إيجابيات ثورة يوليو 1952م الاهتمام بالعمال والفلاحين، ومن مظاهر ذلك ما قامت به من تشجيع الرياضة في الشركات وإقامة الملاعب لممارسة العمال لها، وإقامة بطولة خاصة سنوية للشركات في مختلف الألعاب الرياضية، ولكن للأسف امتدت يد الفساد لهذه المنظومة الحيوية وأضاعت الهدف الحقيقي والغاية المرجوة منها مع الاحتفاظ كالعادة بالشكل العام، والمظهر، وإغفال المضمون والجوهر.

قال الكاتب الصحفي إبراهيم حجازي في مقال له بجريدة الأهرام عدد الجمعة 28 أبريل 2017م: (وصلتني رسالة غير متوقعة تفتح ملفًا شائكًا اسمه: "الاتحاد الرياضي للشركات"؛ الرسالة تحدثت عن بند الـ8 سنوات الذي يجب تطبيقه على هذا الاتحاد الموجود مجلس إدارته من سنين طويلة، والذي يتم تعيين مناطقه وليس انتخابها!

الرسالة تتحدث عن شكل وأغفلت المضمون!

المضمون أطرحه في تساؤل: هل توجد في الشركات رياضة بحق حتى يكون هناك اتحاد رياضي يتحصل على نسبة ثابتة من أرباح الشركات ينفقها سنويًّا على بطولة أراها ضجيجًا بلا طحن... أراها فشلًا قائمًا على باطل! ليه؟! لأن أحدًا لم يجرؤ على وضع تعريف للرياضة في الشركات! لأنهم جعلوها بطولة ومنافسة بين الشركات، بينما لا توجد أصلًا ممارسة للرياضة داخل الشركات!

الفكرة النبيلة الرائعة اندهست!

فكرة ممارسة العامل والموظف للرياضة لأجل لياقة ولأجل صحة، ولأجل توازن بدني نفسي ينعكس على أسرة المصنع والشركة في التماسك والاندماج، والذي ينعكس إيجابًا على إنتاج، وفي النهاية على وطن.

أهم بنود الرياضة في المصنع والشركة الرياضة التعويضية، وممارستها حتمية وإجبارية؛ لأنها تمرينات بدنية معينة تختلف من مهنةٍ لأخرى وفقًا لطبيعة العمل، عامل أمام ماكينة معينة لمدة 8 ساعات... طبيعة العمل تفرض أوضاعًا بدنية طوال ساعات العمل ينتج عنها تشوهات بدنية... هنا يأتي دور التمرينات التعويضية لمنع أي تشوه في عمودٍ فقري أو عظام أو ضعف لعضلات... الموظف الذي يجلس ساعات على مكتب لا بد له من تدريبات تعويضية للعمود الفقري والكتفين والرقبة والظهر... الرياضة هنا وقاية من أمراض كل مهنة... العامل إذا تمكن منه أي تشوه في العظام انعكس على إنتاجه، وهذه خسارة لمصنع... وانعكس على صحته التي هي خسارة له ولأسرته... تلك الرياضة التي يجب ممارستها في الشركات والمصانع كأفضل استثمار في البشر ينعكس بصورة إيجابية مباشرة على الإنتاج والأرباح، بعد ضمان ممارسة كل العاملين للرياضة التعويضية التي هي أفضل وقاية وصيانة للبشر.

إن تحقق هذا الأمر وأصبح لكل مصنع أو شركة برامج تمرينات تعويضية لكل عمالها وموظفيها بحيث يقوم كل من العامل والموظف بأداء التمرينات الموضعة له في إطار خط تضمن عدم تعطل العمل... عندما يحدث هذا يمكن التفكير في إقامة نشاط رياضي داخلي أو نشاط ثقافي على هيئة مسابقات بين قطاعات المصنع أو الشركة... هذا النشاط للعمال والموظفين ولا أحد غيرهم.

هذا النشاط رياضي ترويحي في المقام الأول والأخير، هدفه مجتمع داخلي متماسك ينعكس على الروح المعنوية للعاملين تنعكس بدورها على الإنتاج.

إن حدث ذلك والشركة أو المصنع؛ الكل خاضع لأداء التمرينات التعويضية، والكل يشارك في نشاط رياضي هدفه الترويح وليس شرطًا الالتزام بقوانين اللعبات التي يمارسونها لأجل التشجيع على الممارسة... إن أصبح كل عامل وكل موظف له نصيب في الممارسة داخل الشركة والمصنع يمكن التفكير في النشاط الخارجي بين شركة وشركة بالعمال والموظفين الحقيقيين في المصنع والشركة، وليس لمن يلعبون لمن يدفع أكثر!

الذي حدث عندنا أننا بدأنا من الآخر! رياضة الشركات بدأت بالمنافسة والبطولة (خبط لزق) و(تولع) الممارسة... عن العمال ما لعبوا رياضة... ولا تمرينات تعويضية ولا غيره... في يوم وليلة كان للشركات اتحاد ينظم بطولة الشركات بصرف النظر عن أن هذه الشركات فيها رياضة من عدمه! في يوم وليلة... كل شركة تقوم بتوظيف لاعبي الأندية في مختلف اللعبات ليلعبوا باسمه في دوري الشركات!

هذه حكاية الرياضة في الشركات! ملايين الجنيهات تنفق على بطولات لا علاقة لعمال ولموظفي المصانع والشركات بها! ملايين الجنيهات هذه يجب أن تنفق على رياضة يمارسها عمال وموظفو الشركات، سنوات طويلة مضت وملايين الملايين أنفقت... مَن يوقف هذا الهزل).

وأضاف في مقال آخر في نفس الجريدة في عدد الجمعة 22 نوفمبر 2019م: (المصانع والشركات التي تم إنشاؤها في الستينيات كانت ملزمة بوجود مساحات ملاعب كبيرة ضمن منشآتها؛ لأجل أن يمارس عمالها وموظفوها الرياضة... الذي حدث أن الرياضة التي عرفتها هذه المصانع والشركات هي رياضة المنافسة وليس الممارسة!).

وقال: (الكارثة الأكبر: أن أغلب الشركات والمصانع التي كانت الملاعب جزءًا من خطة إنشائها لأجل العاملين، أغلب هذه المصانع والشركات باعت أرض هذه الملاعب... يعني المدارس قامت ببناء فصول على ملاعبها، والمصانع باعت ملاعبها... وألف رحمة على الرياضة وملاعبها!).