الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 03 سبتمبر 2020 - 15 محرم 1442هـ

حول المقصود بفقه الواقع وضوابط ذلك

السؤال:

نسمع كثيرًا عما يسمَّى بفقه الواقع مِن المشايخ والعلماء، فما المقصود بذلك؟ وما مدى صحة كلام مَن يقول: يلزم العمل وتطبيق فقه الواقع على المسائل المعاصِرة بغض النظر عن حكمها فيما مضى؟

وكذلك مَن يقول مثلًا: إن التدخين مكروه ولا يصل إلى درجة الحرمة؛ لعدم ورود النصوص الدالة على حرمتها؟ فنحتاج إلى تفصيل تام حتى نستطيع الرد على ذلك.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ 

ففقه الواقع مصطلح حادث؛ إن قصد به أن يبصر العالمُ والمفتي، بل كل إنسان واقعه لكي ينزل النصوص منازلها ويطبِّق الأحكام في مواضعها وليس في غيرها -لعدم إدراكه الواقع-؛ فهذا واجب.

فعلم العالم أن الخمر حرام ثابت، لكن حتى يريق هذا الشراب يجب أن يعلم أنه خمر؛ فهذا هو الواقع، أما أن يُقصد به تغيير الأحكام حسب الأهواء بزعم المصالح دون ضبطٍ للمصالح المعتبرة وغير المعتبرة، فهذا تلاعب بالشريعة.

وليس للأحكام الشرعية زمن مضى وزمن حاضر، فأمر الله وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- لازم لكل مسلم في كل زمن؛ إلا مَن كان معذورًا أو مكرهًا؛ فهذا الجزء مِن فقه الواقع.

أما التدخين: فالذي يتعلق منه بالواقع إدراك ضرره، فقد كان بعض العلماء -قديمًا- يقولون بالكراهة؛ لعدم علمهم بالسموم والأضرار المترتبة على شربه، فلما أثبت الواقع قدر الضرر والأمراض التي يسببها التدخين على غلبة الظن؛ صار واجبًا على العلماء أن يفتوا بتحريمه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني).