الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 12 مارس 2019 - 5 رجب 1440هـ

اختر صح! (1)

كتبه/ مصطفى دياب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛   

فإن مِن أسباب الانحراف في مرحلة المراهقة:

1- ضعف التوجيه وقلة الخبرة.

2- ضعف المراقبة وقلة المتابعة وغياب المعايشة التربوية.

3- تأثير الصديق السيئ.

والصديق مِن أهم عوامل الثبات، وقد يكون مِن أهم عوامل الانتكاس والابتعاد عن طريق الله، واختيار الصديق الصالح مِن أهم الأشياء التي يجب أن يفكر فيها الملتزم ويحاول أن يوفرها المربي، كما يجب أن يحذر مِن أن يتخذ صاحبًا يضله ويبعد عن طريق الله، فالصديق السيئ خطر على الإنسان في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا يُجَرُ الإنسان إلى المهالك والمصائب بسبب أفعال السوء التي يدعوه صاحبه إليها، وفي الآخرة يكون حسرة وندامة على صُحبته، قال -تعالى-: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا . يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا. لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولا) (الفرقان:27-28).

وكل صاحب سوء يتبرأ مِن صاحبه يوم القيامة، حتى الشيطان يتبرأ مِن أتباعه، قال -تعالى-: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (إبراهيم:22).

فاختر مَن تصاحب، فإن الأصدقاء الصالحين كالمصابيح، لا تعرف قيمتهم إلا في الظلام، فمَن كان له صاحب صالح؛ فليحافظ عليه.

ولقد حرص سلفنا الصالح على اختيار الصحبة الصالحة، وعرفوا قيمة الصديق الصالح، فنجد ذلك جليًّا في أقوالهم وأفعالهم، قال عمر بن الخطاب: "ما أُعطي العبد بعد الإسلام نعمة خير له مِن أخ صالح، فإذا وجد أحدكم ودًّا مِن أخيه فليتمسك به"، وقال أبو الدرداء: "لصاحبٌ صالحٌ خيرٌ مِن الوحدةِ، والوحدةُ خيرٌ مِن صاحبِ السوء".

وقال لقمان الحكيم لابنه: "يا بني ليكن أول شيء تكسبه بعد الإيمان بالله أخًا صادقًا، فإنما مثله كمثل شجرة، إن جلست في ظلها أظلتك، وإن أخذت منها أطعمتك، وإن لم تنفعك لم تضرك".

وقال الشافعي -رحمه الله-: "لولا القيام بالأسحار ومصاحبة الأخيار ما أحببتُ البقاء في هذه الدار".

قصة واقعية أقرب إلى الخيال:

مَرِضَ الإمام أحمد ذات يوم ولازم الفراش، فزاره الإمام الشافعي، فلما رأى الشافعي -رحمه الله- الإمام أحمد مريضًا، أصابه الحزن فمرض الإمام الشافعي ولَزِمَ البيت، فلما علم الإمام أحمد بذلك تماسك نفسه وتحامل على نفسه وذهب لزيارة الإمام الشافعي، فلما رآه الشافعي قال:

مـرض الحبـيـبُ فــزرتـه     فمرضت مِن أسفي عليه

شُـفـي الحبـيـب فـزارنـي     فشفيت مِن نـظـري إليه!

انظر إلى هذه المعاني الراقية التي تكون بيْن الأصدقاء الصالحين الصادقين؛ تلك المشاعر التي لن تجدها أبدًا بيْن أصدقاء السوء الذين لا تحرِّكهم إلا مصالحهم وشهواتهم.


مواد ذات صلة