الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 21 فبراير 2018 - 5 جمادى الثانية 1439هـ

خواطر سلفية (5)

كتبه/ جمال فتح الله عبد الهادي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالسلفية منهج النبوة وليست حزبًا، ليست حزبًا ضيقًا ولا شعارًا دعائيًّا، لكنها وصف لكل مَن سلك منهج السلف الصالح (أهل السنة والجماعة) الشامل في العقيدة والعبادة والأحكام والمعاملات والمواقف، فهي منهاج النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين، وأئمة الدين في كل زمان، وليس كل مَن ادعى السلفية يكون سلفيًّا ما لم يلتزم منهج السلف الصالح بشموليته.

السلفية ليستْ دينًا جديدًا، وليستْ فرقة مِن الفرق ولا جماعة مِن الجماعات، ولا طائفة مِن الطوائف، إنما هي العمل بجميع شرائع الإسلام: عقيدة، وعبادة، وسلوكًا، وأدبًا، ومعاملة، وأخلاقًا، أو العمل بالكتاب والسُّنة بفهم سلف الأمة، يعني بفهم أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وباقي الصحابة -رضي الله عنهم- الذين اختارهم الله لصحبة نبيه، وقال -سبحانه وتعالى-: (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا) (البقرة:137).

وهي منهج ملزم لكل مسلم، والسلفيون هم أهل السُّنة والجماعة، وهذه التسمية لتميزهم عن أهل البدع والأهواء الذين خالفوا منهج السلف الصالح في اتباع القرآن والسُّنة، فالسلفي ليس خارجيًّا يكفـِّر بالمعاصي، ولا رافضيًّا، ليس محرفًا ولا متأولًا، ليس مشبهًا ولا حلوليًّا ولا قبوريًّا، وليس متعبدًا بالتقليد، بل متبعًا لأفضل الخلق -صلى الله عليه وسلم-.

وفرق كبير بيْن السلفية والسلفي، فإن السلفية ليستْ مِن تأسيس بشر، بل هي منهج مِن تأسيس الله -تعالى- لها، وهي الإسلام نفسه؛ أما الشخص السلفي فربما كان في أفعاله وأعماله ما يخالف شيئًا مِن السلفية؛ فالعيب فيه، وليس في المنهج، والانتساب للسلفية أمر ممدوح، ومَن انتسب إلى مذهب السلف وجب قبول ذلك منه وإقراره عليه.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: "لا عيب على مَن أظهر مذهب السلف، وانتسب إليه واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق، فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقًّا، فإن كان موافقًا له باطنًا وظاهرًا فهو بمنزلة المؤمن الذي هو على الحق باطنًا وظاهرًا، وإن كان موافقًا له في الظاهر فقط دون الباطن فهو بمنزلة المنافق فتقبل منه علانيته، وتوكل سريرته إلى الله، فإنا لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس، ولا نشق بطونهم" (مجموع الفتاوى).

وعماد المنهج السلفي هو لزوم الطريقة التي كان عليها الصحابة مِن التمسك بالكتاب والسُّنة علمًا وعملًا، وفهمًا وتطبيقًا، وهذا المنهج باقٍ إلى يوم القيامة، يصح الانتساب إليه، أما مَن رمي ببدعة أو شهر بلقب غير مرضي، مثل: الخوارج، والروافض، والمعتزلة، والمرجئة، والجبرية، وسائر الفرق الضالة؛ فهو خارج مِن السلفية.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِك) (متفق عليه).

ومِن خلال ما تقدَّم مِن تعريفٍ للدعوة السلفية، ندرك أهمية المقاصد التي ترمي إليها؛ فهي تدعو إلى الإسلام الصافي النقي مِن أدران الشرك والخرافات، والبدع والمنكرات، وتعزز في شخصية المسلم مفهوم الولاء والبراء، ونبذ التعصب للأشخاص والأسماء واللافتات.

والسلفية دعوة فطرية محوطة بأخوة حقة وتعاون صادق، فهل لأهلها أن يعرفوا ذلك؟!

والحمد لله رب العالمين.