الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 06 يونيو 2017 - 11 رمضان 1438هـ

رمضان وحقوق المرأة

كتبه/ صبحي فتحي الشلمة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالمرأة في الإسلام لها مِن الحقوق ما تتمناه كل نساء العالم في وقتنا الحاضر، حيث جعل لها كرامة وكيانًا مستقلاً؛ فهي ليستْ سلعة ولا بضاعة مبتذلة، وليست متاعًا يُباع ويُشترى، وليست مخلوقة للمتعة والإنجاب، والمرأة لها كيان، ومشاعر وأحاسيس، ولا أجد قولاً خيرًا مِن قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) (متفق عليه).

ويأتي رمضان ليؤكد هذه الحقيقة؛ أن المرأة تتمتع بحقوقٍ في الإسلام لم تمنحها إياها أي شريعة أخرى.

وهذه الحقوق قسمان:

القسم الأول: ما اشتركت فيه المرأة مع الرجل مِن الحقوق في رمضان؛ لأن النساء شقائق الرجال، وعليهن مِن الواجبات مثل ما على الرجال، ولهن مِن الحقوق ما للرجال سواءً بسواء.

وهذه الحقوق المشتركة:

حق الفطر في نهار رمضان، بسبب:

- المرض: فقد قال الله -تعالى-: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (البقرة:184)، فإذا مرضت المرأة في رمضان أفطرت رحمة بها؛ لئلا يزيد مرضها فيؤدي إلى هلكتها، فأعطاها الإسلام حق الفطر بسبب المرض.

- السفر: فإذا سافرت المرأة مسافة قصر، لها كذلك أن تفطر في نهار رمضان؛ حفاظًا عليها التعب والنصب، والهلكة.

- حق العبادة: حيث إن شهر رمضان هو شهر العبادة والطاعة؛ ولذلك أعطى الإسلام المرأة الحق في التعبد لله، مثلها مثل الرجل.

ومِن ذلك:

- حق الصيام: فللمرأة صيام رمضان، حيث لم يجعل الشارع للرجل سلطانًا على المرأة في صيام رمضان؛ فليس لها أن تستأذن زوجها في صيام رمضان، ولها أن تصوم سواء رضي زوجها أو لمْ يرضَ؛ تقربًا إلى الله، بخلاف صوم التطوع، حيث نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صوم المرأة في غير رمضان وزوجها حاضر إلا بإذنه.

- حق الذهاب للمسجد: فقد أعطى الإسلام للمرأة الحق في الذهاب إلى المسجد في رمضان لأداء الصلاة، وصلاة التراويح، وحضور مجالس العلم وحلقات القرآن، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجال مِن منع النساء مِن الذهاب إلى المساجد حيث قال: (لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ) (متفق عليه).

- حق الاعتكاف: فقد أعطى الإسلام للمرأة حق الاعتكاف في رمضان سواء مع زوجها أو وحدها؛ لقول عائشة -رضي الله عنها-: "اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الحُمْرَةَ، وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي" (رواه البخاري). وفي رواية أنها أم سلمة -رضي الله عنها-. وعنها أيضًا -رضي الله عنها-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ" (متفق عليه).

القسم الثاني: ما استقلت به المرأة مِن حقوق في رمضان:

- الفطر في حالتي الحيض والنفاس: فقد كتب الله الحيض والنفاس على بنات آدم، وهو نزول الدم؛ مما يضعف المرأة عن الصيام، فأوجب الشرع لها الفطر في رمضان حفاظًا على صحتها وحياتها، وخوفًا عليها مِن الهلكة.

- الفطر في حالة ما إذا كانت المرأة حاملاً ويؤدي الصيام إلى إضعاف المرأة أو يمثـِّل خطرًا على جنينها: ففي هذه الحالة أعطاها الإسلام الحق في الفطر على أن تقضي الأيام حال صحتها وبعد ولادتها.

- الفطر في حالة ما إذا كانت المرأة مرضعة وخشيت على نفسها أو طفلها: فأعطاها الإسلام الحق في الفطر على أن تقضي الأيام حال صحتها، وبعد فطام طفلها، أو تفدي عن كل يوم أفطرته إطعام مسكين.

وفي الختام: هناك سؤال نطرحه على الليبراليين والعلمانيين -الذين يقولون إن الإسلام أهان المرأة، ولم يمنحها حقوقها اللائقة بها!-: هل هناك شريعة تحافظ على المرأة وحياتها وحقوقها مثل الإسلام "وخاصة في رمضان"؟!

وأنا أؤكد أن الإجابة كالعادة: "الصمت المطبق!"؛ لأنه في الحقيقة لا إجابة عندهم!