الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأحد 30 نوفمبر 2008 - 2 ذو الحجة 1429هـ

فضل العشر الأول من ذي الحجة (خطبة مقترحة)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

مقدمة في بيان فضل بعض المخلوقات، من خلال قوله -تعالى-: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ)(القصص:68).

قال ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد: والاختيار هنا الاجتباء والاصطفاء، وإذا تأملت أحوال هذا العالم رأيت هذا الاختيار وهذا التخصيص.

السموات السبع: اختار الله العليا، وجعلها مستقر ملائكته، وقربها من كرسيه وعرشه.

الجنان: اختار جنة الفردوس، وفضلها على سائر الجنان.

الملائكة: واصطفى جبريل وميكائيل وإسرافيل، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) رواه مسلم.

الأنبياء: اصطفى منهم المرسلين، عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: (قلت: يا نبي الله كم عدد الأنبياء؟ قال: "مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، الرسلُ من ذلك ثلاثُ مائةٍ وخمسةَ عشرَ جمَّاً غفيراً) رواه أحمد والطبراني، وصححه الألباني.

الناس: اصطفى منهم صحابة محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ خَيْرَكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) متفق عليه.

واصطفى أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- على سائر الأمم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَنْتُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى) رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني.

الأماكن والبلاد: اصطفى منها البلد الحرام، والمسجد الحرام.

- قال -تعالى-: (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا)(الأنعام:92)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله) رواه الترمذي، وصححه الألباني.

­­- وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) متفق عليه.

الشهور والليالي والأيام:

- اصطفى شهر رمضان: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)(البقرة:185).

- واصطفى ليلة القدر: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)(القدر:3).

- واصطفى أيام العشر الأول من ذي الحجة، لما يلي:

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه قالوا ولا الجهاد قال ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء) رواه البخاري، وفي رواية: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بماله ونفسه ثم لم يرجع من ذلك بشيء) رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني.

- هي موسم من مواسم الطاعات، قال -صلى الله عليه وسلم-: (افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم) رواه الطبراني، وحسنه الألباني.

- أقسم الله بها: قال الله -تعالى-: (وَالفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ)(الفجر:2)، قال ابن عباس وغيره من السلف: هي أيام العشر من ذي الحجة.

- الأيام المعلومات: قال الله -تعالى-: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ . لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)(الحج:27-28)

- جامع أنواع العبادة: قال الحافظ ابن حجر: "والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيها، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج".

العشر جامعة الأيام الفاضلة:

- يوم النحر: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ أعْظَمَ الأيَّامِ عند الله يومُ النَّحر ثم يومُ القَرِّ) رواه أبو داود، وصححه الألباني، ويوم القـَرِّ هو يوم الحادي عشر الذي يستقر فيه الحجاج بمنى.

وعن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل: (أي الحج أفضل؟ قال: العج -الإكثار من التلبية والذكر- والثج -إراقة الدماء-) رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني،

- يوم عرفة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ) رواه مسلم.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ مَاضِيَةً وَمُسْتَقْبَلَةً) رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.

- يوم الجمعة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ) رواه مسلم.

- يوم التروية: يوم الإهلال والتلبية والإحرام وبدء المناسك.

- يوم الاثنين والخميس: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) رواه الترمذي، وصححه الألباني.

ما يستحب فعله في أيام العشر:

- تأكيد التوبة في هذه الأشهر خاصة: قال -تعالى-: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)(التوبة:36).

- الصيام: عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ) رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني.

- كثرة الأعمال الصالحة: أعجز الناس من عجز عن الدعاء. الصلاة، والصدقة، والبر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

- التهليل والتكبير والتحميد: قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلاَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ) رواه أحمد، وصححه الشيخ أحمد شاكر.

- من أراد أن يضحي: قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره) رواه مسلم.

فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك في هذه الأيام المباركة.