الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 17 أغسطس 2006 - 23 رجب 1427هـ

هل واجه اليهود المسلمين؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد،

هل واجه اليهود المسلمين؟

لا نعني بطبيعة الحال المواجهات التي كانت بين اليهود وبين المسلمين في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- من غزوات بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة وخيبر التي مازال اليهود يتباكون عليها إلى يومنا هذا, فهذا تاريخ معروف لنا ولهم.

 ومرة أخرى، لا نعني وقوع  المواجهات من عدمها؟ فهذه المواجهات واقع لا يجهله أحد, وأحدثها تلك الحرب الصهيونية الهمجية على فلسطين ولبنان وفي آن واحد.

ومرة أخيرة، لا يُعنى السؤال بمواقف فردية كالموقف البطولي للسلطان عبد الحميد الثاني-رحمه الله- الذي عرض عليه اليهود عليه الأموال الطائلة، والتي كانت دولته في أمس الحاجة إليها حينئذ لكي يبيعهم فلسطين، فأبى وفضل أن يضحي بملكه على أن يضحي بدينه.

ولا يُعنى السؤال بمواقف جماعية ذات طابع تنظيمى وإمكانات محدودة، كتصدى عز الدين القسام -رحمه الله- والإخوان المسلمين لعصابات اليهود فى حروب الأربعينيات، امتدادا إلى جماعات الجهاد الإسلامية الفلسطينية المعاصرة التى تحافظ على روح الجهاد رغم ظروف الحصار القاسي والاحتلال الغاشم الجاثم فوق صدورهم.

ولكننا نتسأل عن الحروب الست التي تمثل مواجهات مباشرة بين الجيش الصهيوني وبين جيوش مسلمة,هل كانت الراية فيها إسلامية؟

إن المتأمل لحال هذه الحروب يجد أنها كانت مواجهات بين راية بني صهيون وبين رايات علمانية أو بعثية أو اشتراكية أو قومية, وكان حداء الجنود فيها أغاني القومية العربية وكانت حاديتهم هي صاحبة نشوة سكرهم, ومنشدة "هل رأى الحب سكارى مثلنا؟".

ولا نستثنى من هذه القاعدة إلا مواجهتين:

الأولى في حرب العاشر من رمضان التي كان الجنود فيها -رغم كون الراية قومية- يهتفون "الله اكبر" وكان اختيار التوقيت في العاشر من رمضان له دلالته وأثره على روح الجنود الذين كان الكثير منهم يطلب الشهادة في سبيل الله ولعل بعضهم قد أدركها بالفعل.

إذن فقد كانت الحرب قومية الراية, إسلامية الدافع والباعث لدى الجنود, وإن كان كثير من القوميين يحاول أن يغفل الدور الرئيسي للدين في هذه المعركة التى أصبحت فيما بعد حرب السادس من أكتوبر وقلما يتذكرون أنها حرب العاشر من رمضان.

وأما الثانية فهي تلك المواجهة الأخيرة بين الجيش الصهيوني وبين حزب الله, والأمر هنا لا يختلف عن حالة حرب العاشر من رمضان كثيرا, وإن زادت نسبة الخطاب الديني في هذه الحرب بلا شك, ولكن الخطاب السياسي للأمين العام لحزب الله مازال خطابا قوميا يتكلم عن وحدة الأراضي اللبنانية, وتحرير الأراضي اللبنانية, وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين, وربما أضاف أحيانا على استحياء كلمة والعرب, ولكن لاشك أن الأمر بالنسبة للجنود ليس كذلك, ويكفي أن هذا الحزب قائم على أساس ديني.

ولا يخفى على أحد أن الشيعة الإمامية  ومنهم حزب الله من شر أهل البدع، وأنهم مقطوعو الصلة –بسبب بدعتهم- بالفترة الذهبية من تاريخ الأمة الإسلامية والتي يتعلم منها أبناء المسلمين معاني العزة والكرامة والتضحية والفداء.

ولكن مع أن راية حزب الله راية بدعية مشوبة بشعارات قومية، إلا أنهم أبلوا بلاء مع اليهود جرح كرامتهم العسكرية, وأرغم أنوف قادتهم المتغطرسين, وأظهرهم في صورة الفأر الذي استعار جلد الأسد بل وأنيابه وأظفاره ولكنه لم يستعر قلبه, فلا يزال يرتجف كلما رأى قطا متنمرا متحفزا.

نقول هذا للعظة والعبرة رغم وضوح موقفنا تجاه بدع الشيعة, بل ورغم اعتراضنا على حركة حزب الله من ميزان المصالح والمفاسد أيضا.

إلا أن المواجهة قد تمت, وكان ما كان, فلا أقل من أن نأخذ منها هذا الجانب .

فإذا كانت المواجهة الأخيرة بين اليهود وحزب الله والذى يتدثر بالانتساب للإسلام, أوقعت نكاية عظيمة في اليهود، فما بالك بيوم توجد الراية الإسلامية الخالصة التي ترجع إلى الكتاب والسنة وتسير في ركب من فتح الله بهم البلاد وقلوب العباد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فسيرى اليهود أن هذه النكاية ليست بشئ بجوار ما سيمن الله به على هذه الراية الإسلامية السنية الخالصة.

ستقع حينئذ النهاية بالملحمة الكبرى بين اليهود وبين الراية التي يقف تحتها عباد الله، في هذه الملحمة ينضم الحجر والشجر إلى المعركة, فيختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر فينادي الحجر والشجر .. يا مسلم ... يا عبد الله ... هذا يهودي من خلفي تعال فاقتله.

ويبدو أن اليهود يدركون هذه الحقيقة قبل غيرهم, ومن أجل هذا يحاولون نشر الكفر والإلحاد وإن لم يكن فيحاولون نشر البدع والمعاصي, أملا في تأخير ساعة المواجهة الحاسمة مع عباد الله، أو مع الذين يستحقون بحق وصف حزب الله، ولكنها آتية لامحالة (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(يوسف: من الآية21)