الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 12 أبريل 2022 - 11 رمضان 1443هـ

أثر آي القرآن على قلب الإنسان (2)

كتبه/ سعيد السواح

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

القرآن وشفاعته لأصحابه:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما، اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ. قالَ مُعاوِيَةُ: بَلَغَنِي أنَّ البَطَلَةَ" (رواه مسلم).

وقال صلى الله عليه وسلم: "الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ، يقولُ الصيامُ: أي ربِّ إِنَّي منعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفِّعْنِي فيه، يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعني فيه، فيَشْفَعانِ" (رواه أحمد، وصححه الألباني).

أهل القرآن هم أهل الله وخاصته؛ فمن يكونون؟!

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يؤْتَى بالقُرْآنِ يَومَ القِيامَةِ وأَهْلِهِ الَّذِينَ كانُوا يَعْمَلُونَ به تَقْدُمُهُ سُورَةُ البَقَرَةِ، وآلُ عِمْرانَ، كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ ظُلَّتانِ سَوْداوانِ بيْنَهُما شَرْقٌ، أوْ كَأنَّهُما حِزْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن صاحِبِهِما" (رواه مسلم).

فأهل القرآن وصاحب القرآن هو مَن يعمل بما في كتاب ربه فمَن حفظ القرآن وإن كان عن ظهر قلب، ولكنه لا يعمل بما فيه؛ فهذا ليس من أهل القرآن، وليس بصاحب القرآن، كيف يكون صاحبًا للقرآن وقد ضيَّع حدوده؟!

انظر إلى هذا الأثر يرويه لبيد بن زياد رضي الله عنه: قال لبيد ابن زياد رضي الله عنه: "ذَكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ شيئًا، فقالَ: ذاكَ عندَ أوانِ ذَهابِ العِلمِ، قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ وَكَيفَ يَذهبُ العلمُ، ونحنُ نَقرأُ القرآنَ، ونقرئُهُ أبناءَنا، ويقرئُهُ أبناؤُنا أبناءَهُم إلى يومِ القيامةِ؟ قالَ: ثَكِلتكَ أمُّكَ زيادُ إن كُنتُ لأراكَ مِن أفقَهِ رجلٍ بالمدينةِ، أوليسَ هذِهِ اليَهودُ والنَّصارَى، يقرءونَ التَّوراةَ، والإنجيلَ لا يعمَلونَ بشيءٍ مِمَّا فيهِما" (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

- القرآن وهداية القلب وهداية الطريق:

فالقرآن هو دليل المسلم في سيره على طريق ربه المستقيم، "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ" (الإسراء:9)، "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى" (طه:123)، "وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ" (التغابن:11).

لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم!

أما فكرت يومًا؟!

هل فكرت يومًا في قلبك؟

هل تحسسته؟

هل تراه يرق عند سماع الآيات؟

هل ترى الحياة تسري في قلبك عند سماع القرآن؟

هل تمل عندما تقرأ في كتاب ربك؟

هل تمل عندما تستمع إلى آيات الرحمن؟

"اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ" (الزمر:23).

نحن نحتاج إلى طهارة النفوس قبل قراءة النصوص، فلتفسح الطريق للقرآن ليسكن قلبك، وأزل الحواجز التي صنعتها فحجبت عنك كلام ربك العزيز الوهاب؛ "ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ" (رواه البخاري).

ما نحتاجه؟

نحتاج إلى دراسة وافية متأنية لسور وآيات القرآن، فنحن في عصرٍ ظهر فيه الجهل وقلَّ فيه العلم، وقل من يقبل أو يطلب العلم، ولقد ذكر حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يدرُسُ الإسلامُ كما يدرُسُ وَشيُ الثَّوبِ حتَّى لا يُدرَى ما صيامٌ، ولا صلاةٌ، ولا نسُكٌ، ولا صدَقةٌ، ولَيُسرى على كتابِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ في ليلَةٍ، فلا يبقى في الأرضِ منهُ آيةٌ، وتبقَى طوائفُ منَ النَّاسِ الشَّيخُ الكبيرُ والعجوزُ، يقولونَ: أدرَكْنا آباءَنا على هذِهِ الكلمةِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فنحنُ نقولُها فقالَ لَهُ صِلةُ: ما تُغني عنهم: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَهُم لا يَدرونَ ما صلاةٌ، ولا صيامٌ، ولا نسُكٌ، ولا صدقةٌ؟ فأعرضَ عنهُ حُذَيْفةُ، ثمَّ ردَّها علَيهِ ثلاثًا، كلَّ ذلِكَ يعرضُ عنهُ حُذَيْفةُ، ثمَّ أقبلَ علَيهِ في الثَّالثةِ، فقالَ: يا صِلةُ، تُنجيهِم منَ النَّار ثلاثًا" (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

وللحديث بقية إن شاء الله.