الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 14 مارس 2022 - 11 شعبان 1443هـ

تنظيم العمل التطوعي (فن بناء الهياكل)

كتبه/ غريب أبو الحسن

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

- مقدمة:

- إذا كان التخطيط هو فن استشراف المستقبل ومحاولة الاستفادة من المعلومات والموارد المالية والبشرية بأفضل طريقة، ورسم خطوات المؤسسة والتفكير العميق في الأهداف لإعداد خطة العمل؛ فإن التنظيم هو بناء الهيكل والتوصيف الوظيفي لوحداته، وضبط العلاقات بينها، وهذا الأمر هو الذي سوف يمكننا من تنفيذ هذه الخطة وتحقيق ما بها من أهداف.

- ودعونا نتخيل أن هناك مركزًا يتكون من مجموعة من القرى، وقد أعدت إدارة المركز خطة طموحة للارتقاء بهذه القرى، وقد راعت ما يُرَاعَى في الخطط مِن أن تكون متناسبة مع الإمكانات البشرية والمالية في تلك القرى، وطلبت إدارة المركز من مسؤول القرية أن ينفِّذ هذه الخطة، فما تخيلك للخطوات اللازم اتخاذها من قبل مسئول القرية لتنفيذ هذه الخطة؟

- إذا أراد مسئول القرية أن ينفذ الخطة لابد أن يكون عنده مجموعة من الأفراد المنتظمين في هيكل من أصحاب الكفاءات؛ لكي يقوموا على تنفيذ هذه الخطة، ولكن كيف سيقوم مسئول القرية بإنشاء الهيكل المطلوب؟

- سيتعين عليه أن يقرأ الخطة قراءة جيدة، ويستعين في ذلك بأهل الخبرة من قريته.

- سيجد أن الخطة عبارة عن مجموعة من البرامج والأنشطة المتداخلة، ومن غير المنطقي أن يكلف الأفراد بالخطة كلها، بل لا بد أن يقسم هذه الخطة لمجموعة من الأنشطة الواضحة، ثم يقسم الأنشطة لمجموعة من الوظائف التي يصلح أن يكلف بها بعض الأفراد.

- ثم سيجمع الوظائف المتشابهة لتكوين مجموعة من الوظائف الكبرى، مثل وظائف متعلقة بمحو الأمية، ووظائف متعلقة بالتدريب على وسائل الزراعة الحديثة، ووظائف متعلقة بالشكل الجمالي للقرية، مثل: الترميم، والطلاء، وغيرها، وظائف متعلقة بجانب الرعاية الصحية.

- وقد تكون الخطة مقسَّمة مباشرة على هيئة وظائف كبرى يصل إليها مَن يريد بناء الهيكل بشكل مباشر.

- بعد هذا التحليل يمكن أن يعتبر مسئول القرية نفسه هو المستوى الأول في الإدارة بصفته رئيس القرية.

- ثم يجعل تحته مدراء فرعيين يمثِّلون ما سبق من وظائف كبرى، مثل مدير فصول محو الأمية، ومدير التدريب، ومدير التطوير الجمالي، ومدير الجانب الصحي.

- ثم سيجد بعض الوظائف المركزية، التي يحتاج لها لخدمة الوظائف الكبرى السابقة، مثل: المشتريات والجانب المحاسبي، فيضيف مديرًا ماليًا بجوار الإدارات السابقة، وتكون واقعة تحت مسئوليته مباشرة، وهكذا سيضيف أيضًا مديرًا لشئون العاملين، إلخ، وكل ما سبق من الوظائف الكبرى يمثلون المستوى الثاني الإداري في الهيكل.

- وبعد الانتهاء من المستوى الإداري الثاني في الهيكل، سينظر لهذه الوظائف الكبرى ويحدد ما تحتاجه من وظائف فرعية لتنفيذ الخطة، مثل: إدارة الرعاية الصحية ستحتاج لمسؤولٍ عن المعمل، ومسؤول عن الصيدلية، ومسؤول عن القوافل الطبية، ومسئول عن العيادات، وهذه الوظائف الفرعية تمثِّل المستوى الإداري الثالث.

- وهكذا يكون مسئول القرية قد رسم الهيكل المطلوب لتنفيذ خطة تنمية القرية، عن طريق بناء هيكل يحتوي على ثلاث مستويات إدارية، لينتقل بعد ذلك للقيام بالتوصيف الوظيفي لوظائف القرية، ثم لضبط العلاقة بين إدارات الهيكل، لينتقل بعد ذلك نحو التنفيذ.

وسنشرع في الورقات القادمة بذكر بعض المبادئ والضوابط التي ستعين بإذن الله على القيام بوظيفة التنظيم.

- تعريف التنظيم:

- يقول بيتر دراكر: إن التنظيم هو عملية تحليل النشاطات والقرارات والعلاقات، وذلك لتصنيف العمل وتحويله لأنشطة يمكن إدارتها، ثم تقسيم تلك الأنشطة لوظائف، ثم تجميع هذه الوظائف في هيكل تنظيمي، ثم اختيار الأشخاص لإدارة هذه الوظائف.

- أهمية التنظيم:

- يمثِّل التنظيم الوظيفة الثانية من وظائف الإدارة، وهو حلقة الوصل بين "التخطيط" وباقي الوظائف، وهي الحلقة التي تمكنا من تحويل التخطيط -الذي هو جانب نظري- إلى جانب تنفيذي، ويحول بيننا وبين أن نظل دائرين في حلقة مفرغة من التنظير.

- حسن التنظيم وضبط العلاقات بين الإدارات التابعة للمؤسسة يغني عن قضاء أوقات طويلة في محاولات فض النزاعات التي تنشأ بين هذه الإدارات.

- كما أن التوصيف الوظيفي الدقيق لوظائف الهيكل تجعل الأفراد أكثر فهمًا لدورهم في تحقيق أهداف المؤسسة.

- ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب يوفِّر الوقت والجهد الذي سننفقه في معالجة اختيار الشخص الخطأ.

خطوات التنظيم:

1- تحديد نمط التنظيم: للتنظيم عِدَّة أنماط يمكن أن يقوم عليها الهيكل، منها: التنظيم وَفْق الوظيفة، وهو الأشهر كما أسلفنا في مثال المقدمة.

ومنها: التنظيم حسب الأهداف، بأن يجعل مديرًا على كلِّ هدف من أهداف المؤسسة.

ومنها: التنظيم على أساس جغرافي.

ومنها: التنظيم على أساس الشرائح المستهدفة.

وقد تختار المؤسسة نوعًا من التنظيم المختلط الذي يجمع بين أنواع مختلفة من التنظيم، فيجعل المستوى الأول الإداري مبنيًّا على التنظيم الوظيفي، والثاني مبنيًّا على النمط الجغرافي، والثالث مبنيًّا على التنظيم حسب الشرائح المستهدفة، ولنفترض خلال هذا المقال أننا اعتمدنا الهيكلة على أساس النمط الوظيفي.

2- تحليل الخطة بما فيها من أهداف وأنشطة ووسائل للوصول إلى الوظائف الكبرى، التي سيشغلها المدراء الذين سيشكلون في مجموعهم المستوى الإداري الثاني.

3- تحديد الوظائف الفرعية التابعة للوظائف الكبرى، والتي ستشغلها فِرَق العمل التابعة للوظائف الكبرى.

4- تحديد التوصيف الوظيفي لكافة الوظائف ومتطلبات الوظائف.

5- ضبط العلاقات بين المدير وباقي المدراء، وبين المدراء وفرق العمل، وبين أعضاء فريق العمل الواحد.

6- تسمية الموظفين في الوظائف المختلفة.

7- تدريب الموظفين على وظائفهم.

- مبادئ التنظيم:

- مبدأ تقسيم العمل وتفويض السلطات:

ونعني بمبدأ تقسيم العمل: أي: تقسيم الوظائف والمهام الكبيرة لمهام ووظائف يمكن التكليف بها.

ونعني بالتفويض: أن يقوم المدير بنقل جزء من صلاحياته لأحد مرؤوسيه؛ سواء صلاحية اتخاذ القرار أو سلطة استغلال الموارد، وهو مبدأ من أهم مبادئ التنظيم؛ لأنه يخفف العبء عن المدير، ويساهم في زيادة التركيز على الملفات المهمة، وتنمية المشاركة في اتخاذ القرار وروح الانتماء للمؤسسة، وسنفرد له عناية خاصة فيما يأتي إن شاء الله لأهميته في تصعيد الكفاءات وإنتاج القيادات.

- مبدأ تكافؤ السلطة والمسئولية:

ونعني به أن تتساوى الواجبات الملقاة على عاتق المسئول مع الإمكانات المعطاة له، فلو كانت المسئوليات أكبر من الإمكانات لأصبح المسئول عاجزًا عن القيام بواجباته، ولو أن الإمكانات أكبر من مسئولياته سيسبب ذلك إما إهدارًا للإمكانات، أو عرقلة لغيره من العاملين.

وتتكون السلطة من: سلطة اتخاذ القرار مع امتثال العاملين الذين تحت سلطته، وتتكون كذلك من: سلطة استغلال الموارد المتاحة للقيام بمسؤوليته.

- مبدأ وحدة الأمر واحترام التسلسل الإداري.

وهو يعني أن يكون لكل فرد في العمل مسئولًا مباشرًا واحدًا يتلقى منه التكليفات والأوامر ويأخذ منه التوجيهات.

وتعدد المسئولين للفرد الواحد يسبب الكثير من المشاكل، ويؤدي لعرقلة العمل، ويسهل على الأفراد الهروب من المتابعة واختلاق الأعذار بسهولة، ولكن ينبغي أن نفرِّق بين المسئولية الإدارية والمسئولية الفنية، فيُستوعب في المؤسسات الكبيرة وجود مسئول إداري، وهو الذي يدير من تحته ويتابع إنجازه، ومسئول فني وهو المختص بمتابعة الجانب الفني في العمل ورفع مستوى العاملين في هذا الملف الذي يحتاج لبعض التخصص.

مثال ذلك: أن يكون تحت مسئول القرية مدير للرعاية الصحية، ويكون بالمركز مدير للرعاية الصحية أيضًا، وإن كان دوره يهتم بالنواحي الفنية والتخطيطية والتدريبية لمن يتبعه من مدراء الرعاية الصحية بالقرى، فيكون مسئول الرعاية الصحية بالقرية تابعًا لمسئول القرية إداريًّا، وتابعًا لمسئول الرعاية الصحية بالمركز فنيًّا.

وقد يحدث هذا التقسيم بعض اللبس، ولكن لو تفهم كل منهم دوره لزال اللبس، فالمسؤول الفني هنا يقتصر دوره على جودة المنتج وجودة الخطة وجودة المنفذ، أما المسئول الإداري؛ فهو مَن يقوم بالمهمة الإدارية كلها.

- مبدأ نطاق الإشراف:

ونعني به العدد الذي يستطيع المدير أن يشرف عليه ويديره على الوجه الأمثل؟ يقترح البعض أن العدد المناسب للإشراف هو من 5-9 من الأفراد، بينما يرفع البعض العدد نحو الـ 20 من الأفراد، والحقيقة أن هذا مرتبط بنوعية العمل، فيمكن للمدير أن يشرف على عددٍ كبيرٍ إذا كان العمل المطلوب هو من الأعمال الروتينية والتي تتطلب عددًا من الأفراد الذين يمكن الإشراف عليهم ومتابعة أعمالهم بسهولة، ويقل العدد كلما تعقد نوع العمل وكثرت تفاصيله وخطواته، وينبغي للمؤسسة عند وضع الهيكل أن تراعي التناسب بين نوعية العمل ونطاق الإشراف الذي يطيقه المدير.

- مبدأ الوصف والتوصيف الوظيفي:

ويقصد به ذكر الهدف من الوظيفة، ثم ذكر المهام والمسئوليات المطلوبة ممَّن سيشغل هذه الوظيفة، مع إيضاح من هو مسؤوله المباشر، وكذلك إيضاح من يقع تحت مسؤوليته المباشرة.

والتوصيف الوظيفي يقصد به المؤهلات الدراسية والخبرات والمهارات والدورات المطلوب اجتيازها، والمعايير المطلوبة فيمن يشغل هذه الوظيفة.

بحيث لا بد أن يكون الموظف مؤهَّلًا لهذه الوظيفة أولًا، ثم يكون على دراية تامة بالمهام والمسؤوليات المطلوبة منه، ولا بد أن يكون الوصف والتوصيف مكتوبًا ومُعَدًّا ومحفوظًا لدى المؤسسة يرجع له عند الحاجة، ويتم تعديله مع المتغيرات التي تنشأ في الهيكل أو في المؤسسة.

- مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

لابد من فهم الهدف من الوظيفة جيدًا ثم النظر في إمكانات المرشح للوظيفة، فوفق مبدأ الوصف والتوصيف الوظيفي، لا بد أن يكون المرشح للوظيفة مؤهلًا وقادرًا على النجاح في القيام بهذه الوظيفة، وتأمّل كيف وظَّف النبي صلى الله عليه وسلم تلك الثلة المباركة معه كلٌّ فيما يحسن، فكان له صلى الله عليه وسلم المستشارون والقيادات العسكرية، والقراء معلمو الناس، والعاملون على الزكاة، والرُّسُل المبعوثون للملوك والزعماء.

- مبدأ تنميط الإجراءات:

مع نمو العمل وزيادة الخبرة لا بد من تنميط الإجراءات للأعمال الروتينية والمتكررة حتى يتم الانتهاء منها بأسرع وقتٍ وبأقل مجهود.

والمقصود بتنميط الإجراءات هو: وضع خطوات مرتبة ومعروفة للأعمال الروتينية، مثل: إجراءات الفصل من المؤسسة.

ولا بد أن تكون هناك مجموعة من الخطوات والاعتمادات والتوقيعات التي تتم بترتيب منطقي، ولا بد من وضوح هذه الإجراءات وتدريب العاملين عليها.

- مبدأ التنسيق:

كلما تعددت فروع المؤسسة وإداراتها زادت الحاجة للتنسيق بين أفرعها وإداراتها؛ لذلك مِن المهم وجود منسِّق بين هذه الإدارات، ومن الطبيعي أن يكون المدير هو المنسِّق بينها، ولكن في بعض المؤسسات يمكن أن يكون هناك منسق غير المدير، وينبغي أن يتمتع بالخبرة الكبيرة، والعلاقات الحسنة الممتدة، وكذلك بسلطة اتخاذ القرار حسب ما تراه المؤسسة، وعمومًا وجود المنسق يساعد على تجنب الصراعات بين فِرَق العمل والإدارات المختلفة.

- مبدأ المركزية واللامركزية:

المركزية هي: تركيز السلطة وما يتبعها من صنع القرار، والتصرف في الموارد في يد الإدارة العليا.

واللامركزية هي: توزيع سلطة اتخاذ القرار واستغلال الموارد عبر المستويات الإدارية المختلفة.

ولكلٍّ من الإدارة المركزية واللامركزية مميزات وعيوب.

وأبرز ميزات المركزية هي: جودة القرار المتخذ؛ لأن مَن يتخذه هم أعلى الكفاءات في المؤسسة.

وأبرز عيوب المركزية هي: ضعف المشاركة في اتخاذ القرار، ومِن ثَمَّ ضعف تطور العامين لبقاء هوة كبيرة بين القيادة العليا وباقي العالمين مع صعوبة نقل الخبرات، ووجود حالة من التواكل تصيب العاملين اعتمادًا أن القيادات العليا هي مَن يتحمل الجزء الأكبر في اتخاذ القرار.

أما اللامركزية: فأبرز عيوبها هي ضعف جودة القرارات إذا تركت للمستويات الوسيطة من الإدارة، ولكن أبرز ميزاتها هي فاعلية المؤسسة وقدرة أفرادها على الترقي والتحول لقيادات ماهرة مع الوقت، وكذلك زيادة روح الانتماء للمؤسسة بمشاركة الأفراد في صنع القرار، مع القدرة على التمدد وزيادة رقعة الانتشار؛ لأن قرار العمل موزعٌ على عددٍ كبيرٍ مِن العاملين؛ مما يجعل رئة المؤسسة منتعشة دائمًا، وقادرة على الركض لمسافات أكبر.

- مبدأ التنظيم الرسمي وغير الرسمي.

في كل مؤسسة "خاصة المؤسسات الكبيرة" يكون هناك نوعان من التنظيم:

النوع الأول هو: التنظيم الرسمي: وهو التنظيم المعتمد من قِبَل الإدارة، والذي يظهر على شكل علاقات رسمية في العمل، ويكون له سلطة رسمية ويظهر في شكل خارطة التنظيم.

والنوع الثاني هو التنظيم غير الرسمي: وهو الذي ينشأ لوجود علاقات أخوية أو ودية بين العاملين في المؤسسة، أو لوجود صلة قرابة مثلا بين العالمين أو بسبب القرب الجغرافي، أو الالتحاق المتزامن بالمؤسسة، وهو غير معتمد من الإدارة العليا ولا يترتب عليه سلطة، ولا يظهر في خريطة التنظيم الرسمي للمؤسسة.

تتخوف بعض المؤسسات من هذه التنظيمات غير الرسمية، وترى أنها يمكن أن تكون عاملًا من عوامل الخطورة على المؤسسة؛ خاصة إذا تواطأ هؤلاء الأفراد على ارتكاب المخالفات أو التستر على المخالفات أو تبني مبادئ تخالف مبادئ المؤسسة.

بينما الحقيقة أن مثل هذه التنظيمات غير الرسمية يصعب إلغاؤها؛ لأنها تنمو بنمو العلاقات بين أبناء المؤسسة، والصحيح هو استثمار مثل هذه العلاقات في إثراء عمل المؤسسة، بالعمل الدؤوب على رسوخ مبادئ المؤسسة في نفوس أبنائها، وعلى تنمية الجانب التربوي بين أبناء المؤسسة، واستغلال هذه العلاقات في إشاعة جو من المحبة والتعاون على البر والتقوى والحماسة للعمل.  

فبعد تراجع المسلمين في حربهم مع أتباع مسيلمة الكذاب عمد خالد بن الوليد لإعادة توزيع الجنود حسب قبائلهم، وقال لهم: لنعلم من أين يؤتى المسلمون، فكان هذا من العوامل التي أدَّت لثبات المسلمين وانتصارهم.

- مبدأ المسار الرأسي والأفقي:

ويقصد بالمسار الرأسي: الترقي الذي يمر به عضو المؤسسة من مستوى إداري أقل لمستوى إداري أعلى، وهو مسار طبيعي كلما اكتسب خبرة في مجال عمله.

ويقصد بالمسار الأفقي: هو التنقل بين الوظائف المختلفة داخل المؤسسة وذلك ليكون ملمًّا بالعمل داخل المؤسسة بشكل شامل، ومدركًا لدورة العمل كاملة، ويستطيع أن يساهم في تطوير عمل المؤسسة ووضع الخطط اللازمة لذلك، وهذا المسار الأفقي من المسارات المهمة التي ينبغي أن يسلكها الأفراد الذين تعدهم المؤسسة ليكونوا مدراء في المستقبل.

قصة فشل:

حدثني بعض الأصدقاء العاملين في أحد الشركات أنه كان له زميل في العمل كلما التحق بقسم من الأقسام طلب رئيس القسم نقله منه؛ لأنه لا يؤدي عمله على أكمل وجه؛ لذلك مَرَّ هذا الرجل على كثيرٍ من الأقسام، فكان في ملفه أنه عمل في كثير من الأقسام.

وبعد فترة عندما أرادوا أن يختاروا رئيسًا للشركة كان من شروط التعيين أن يكون عمل في جميع أو معظم أقسام الشركة، فكان أن اختاروا هذا الموظف! والسبب في ذلك هو الاختيار حسب معيار واحد وترك باقي المعايير.

- ما الخارطة التنظيمية؟

الخارطة التنظيمية هي مخطط يظهر الهيكل التنظيمي الرسمي بما يحتويه من:

- تقسيمات العمل وتفريعاته.

- علاقات الهيكل بين الإدارات المكونة له.

- مستويات الإدارة المختلفة.

- نطاق الإشراف لكل مدير.

- قنوات الاتصال بين مكونات الهيكل صعودًا ونزولًا.

- خصائص التنظيم الناجح:

- التنظيم الناجح هو: التنظيم المنبثق عن مبادئ وأهداف المؤسسة، والذي تتوافق فيه الوظائف من حيث أهميتها، مع الأهداف من حيث أهميتها؛ فلو أن هناك مؤسسة تطوعية صلب أعمالها هو الجانب التعليمي؛ فينبغي أن يكون هيكلها يعبر عن ذلك، وأن تكون أهم الوظائف تعبر عن ذلك، وأن تكون مواردها البشرية والمالية تنفق في ذلك.

- التنظيم الناجح هو الذي تتناسب في السلطة الممنوحة للأفراد مع المسؤولية الملقاة على عاتقهم وأي خلل في ذلك يؤدي إلى تعثر العمل، فلو شئت أن تعرقل عملًا في مؤسسة ما؛ فأعطِ أفرادًا مسئوليات بغير صلاحية، وأعطِ آخرين سلطات دون مسئوليات.

فالفرد الذي يكون له نفوذ وسلطة وغير مطالب بعمل، سيظل دائمًا يريد أن يجرب هذه السلطة ليبرهن للجميع أنه موجود وأن قراره مؤثر، وغالب هذه القرارات تصب في خانة عرقلة العمل.

- التنظيم الناجح هو الذي يضع الرجل المناسب في المكان المناسب، بأن تكون هناك آلية واضحة لتقييم الأفراد وَفْق معايير صحيحة، ومعرفة قدرة الأفراد، فهناك مَن يحسن التخطيط وتحليل المعلومات والاستنتاج، وهناك مَن يحسن التدريس والشرح والتدريب، وهناك مَن يحسن تشكيل وإدارة فرق العمل، وهناك مَن يحسن التحفيز والتحميس لفرق العمل، وهناك مَن يحسن حل المشكلات وزيادة أواصر العلاقات الحسنة بين العاملين، وعلى الإدارة الرشيدة أن تعرف قدرات الأفراد ثم تعرف متطلبات الوظائف وأن تضع لكل وظيفة من يليق بها.

- التنظيم الناجح هو: مَن يحسن استغلال العلاقات الودية والأخوية غير الرسمية بين الأفراد العالمين، لا أن يشعر بالخطر منها، بل يوظفها فيما يحسن من أداء المؤسسة.

- التنظيم الناجح هو الذي يحترم فيه التسلسل الإداري صعودًا وهبوطًا، ولا يتجاوز فرد مستواه الإداري من أعلى أو من أسفل؛ إلا إذا كان يريد أن يشتكي مسئوله؛ فله أن يتجاوز مستواه الإداري المسئول عنه للمستوى الإداري الأعلى. ولا يُتجاوز المستوى الإداري الأدنى سوى لتلقي الشكاوى أو للمتابعة وَفْق آليات واضحة ومتفق عليها.

- التنظيم الناجح هو: الذي ينتج آلية واضحة للفصل في النزاع الإداري الذي ينشأ بين هيئاته، ولا يترك هذه النزاعات تستفحل وتكون سببًا في عرقلة العمل، مع البحث عن جذور هذه المشكلات وعدم الاكتفاء بعلاج الأعراض فقط.

- التنظيم الناجح هو الذي يسد ثغرة التنسيق بين هيئاته، ويدرك جيدًا نقاط الاحتكاك فيعمل على تنعيمها، ويدرك بنقاط الانسداد فيعمل على إزالة ما بها من شوائب.

- التنظيم الجيد هو الذي يساعد العاملين فيه على النجاح في مهامهم التي كلفوا بها من خلال تدريبهم وإكسابهم المهارات المطلوبة، مع شرح الهدف من تلك المهام وموقع هذه المهام من الأهداف الكبرى للمؤسسة.

- التنظيم الناجح هو التنظيم الذي يحسن تقسيم العمل على الأفراد العاملين، والذي تسود فيه روح تفويض الأعمال ومشاركة الأفراد في صنع القرار.